Site icon صحيفة الوطن

في يوم الثقافة وزير الثقافة: سورية محور تلاقي الحضارات ولا يمكن أن تصبح ساحة لنشر الأفكار الإجرامية المتخلفة … المفتي العام: الثقافة هي الكلمة التي تسمو بالإنسان روحاً وعقلاً وديناً

| سارة سلامة- ت: طارق السعدوني

يخوض المثقفون الوطنيون معارك لا تقل شراسة عن المعارك التي يخوضها الجيش العربي السوري ضد الإرهاب المسلح والفكر الظلامي التكفيري، وهذا ما دفع وزارة الثقافة في يوم الثقافة السورية «يوم للكلمة، للإنسانية، للحياة»، إلى عقد الندوة الوطنية وذلك تحت عنوان: «الثقافة في مواجهة الإرهاب»، في دار الأسد للثقافة والفنون، كما دعت الوزارة المثقفين إلى مؤازرة قواتنا المسلحة في التصدي للتكفير والإرهاب، والعمل يداً بيد للمساهمة في التصدي للحرب الكونية الشرسة التي شنت على سورية تحت شعارات متعددة.

الافتتاح
استمرت هذه الندوة لمدة يومين وناقشت محورين أساسيين هما: «منابع الفكر الإرهابي وأسباب انتشاره»، و«مرتكزات المواجهة الثقافية للإرهاب»، بحضور سماحة مفتي الجمهورية بدر الدين حسون وعضو القيادة القطرية خلف المفتاح ووزير الثقافة محمد الأحمد ورئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور نضال الصالح وعدد كبير من الإعلاميين والمثقفين والسياسيين من سورية ولبنان، وكانت البداية بالوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح شهداء الوطن، وكلمة الافتتاح كانت للدكتور نضال الصالح وهذا بعض ما جاء في كلمته: «سنوات ست، أو تكاد، ونحن في سورية نتشبّث بالضوء، ونعاند الظلمة والجهل والمرض، سنوات ست، أو تكاد، وسورية هي سورية الكلمة والإنسانية والحياة، الكلمة التي تنتصر للحقيقة، حقيقة هذه الأرض التي شاءتها السماء، كما شاء أبناؤها، أن تكون مهد الحضارة».

الثقافة الحقيقية
أما كلمة مفتي الجمهورية بدر الدين حسون فجاء فيها: «الثقافة هي الكلمة التي تسمو بالإنسان روحاً وعقلاً وديناً، فالدين إذا جرّد من الثقافة غابت عنه كلمة اقرأ، والاقتصاد إذا غابت عنه الثقافة غابت عنه إنسانيته، والحاكم إذا غاب عن الثقافة استلم الجاهلية في الحكم، لذلك نحن في سورية مع الثقافة في كل ميادينها، الميادين الدينية، والاقتصادية، والسياسية، والإنسانية، فنحن نستجيب لمنهج إلهي كانت أول كلمةٍ جاءت فيه «في البدء كان الكلمة» والكلمة ثقافة، لذلك عندما تعود وزارة الثقافة اليوم للحياة بتوجيه من السيد الرئيس دليل على أن العالم العربي بأجمعه اليوم ما فرقه إلا فقدان الثقافة الحقيقية، وما جعل السياسة فيه متضاربة إلا فقدان الثقافة الحقيقية، وما جعلنا مذاهب وطوائف يقتل بعضنا بعضاً باسم الدين إلا غياب الثقافة الحقيقية، فالثقافة هي التي تجمع الإنسان مع أخيه الإنسان، وسورية انتصرت اليوم بشعبها المثقف على طغيان المادية والطائفية والمذهبية فجيشنا جيشٌ سوري واحد وشعبنا شعبٌ سوري واحد ولذلك ليس عندنا أقليات..».

تفعيل دور المثقفين
وزير الثقافية الأستاذ محمد الأحمد وراعي الندوة تحدث في كلمة أكد فيها أن المثقفين المتحررين المتنورين هم المستهدفون من الفكر التكفيري الإرهابي وهناك أسماء شخصيات أدبية وثقافية وعلمية قضت على يد أصحاب الفكر المتطرف بدعوى الدفاع عن الدين وهو براء منهم ومن فتاواهم السوداء الساعية بغرض إخضاع الناس لأفكارهم المريضة، وقال: «يقع على كاهل المثقفين عبء ثقيل في التصدي للخرافات والأباطيل التي يحاول المتطرفون بثها في عقول الناس للاستحواذ على أرواحهم وأفئدتهم»، ثم أشار إلى دور علماء الدين الحقيقيين في تأكيد طبيعة ديننا الحنيف المتسامحة وبناء الإنسان المتنور، معتبراً في الوقت نفسه أن سورية هي محور تلاقي الحضارات، ولا يمكن أن تصبح ساحة لنشر الأفكار الإجرامية المتخلفة».

الثقافة في وجه الإرهاب
وقال الدكتور خلف المفتاح إن: «الإرهاب والتطرف يتحركان في مساحات الجهل، ما يعزز الحاجة لتشكيل ثقافة لمواجهة الإرهاب تقوم على تجفيف منابعه من خلال خطاب ملتزم يقوم على المسامحة والمحبة، حيث إن أشكال الإرهاب تعددت في سورية خلال الحرب التي تشن ضدها من الفكر إلى الإعلام والسلاح، لهذا لابد من إطلاق مشروع ثقافي على مستوى الساحات السورية والعربية والعالمية لتفنيد عناصر الإرهاب، وأدعو إلى تولي المثقفين والكتاب والباحثين زمام إدارة المشروع لتشكيل ثقافة اجتماعية نابذة للإرهاب والتطرف مع التركيز على الجانب التربوي..».

المشروع الصهيو-أميركي
تطرق الأستاذ جوزيف أبو فاضل إلى توصيف الإرهاب بأنواعه والتكفير الجهنمي بالعقل الشرير الذي أطلقه كأداة لمشروع الهيمنة الصهيو-أميركي، من أجل المصالح المباشرة لمطلقيها، بدءاً من العمالة العربية وسايكس-بيكو ووعد بلفور، وقيام الكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين، والحروب الإسرائيلية الممولة والمدعومة أميركياً ضد سورية ولبنان ومصر والعراق، إلى أحداث 11 أيلول..، وصولاً إلى ما نشهده اليوم بما يعرف الربيع العربي ووجوب مكافحته ومقاومته من البلدان العربية جميعها، وألا يترك الأمر فقط على خط المقاومة والممانعة، إضافة إلى دور وزارات الدفاع والداخلية والخارجية والإعلام والأوقاف، والدور الأساسي لوزارة الثقافة في تنوير المجتمع.

تراجع الفكر الماركسي
وتحدث الأستاذ عطية مسوح حول تراجع الفكر الماركسي مؤكداً: «تأثير هذا التراجع في المجتمع العربي، بالتزامن مع تراجع الفكر القومي والفكر السياسي الليبرالي، وما أدى إليه ذلك من فراغ في الساحة الفكرية والسياسية العربية الذي ملأته الأفكار الرجعية التقليدية، ويعود تراجع الفكر الماركسي وفق هذه الدراسة إلى أن «الماركسيين» غلّبوا بعده الأيديولوجي على طبيعته الفلسفية، وأخرى تتعلق بالقوى السياسية والمثقفين الذين حملوا هذا الفكر دون أن يمنحوه خصائص البيئة المحلية، ودون إدراك طبيعة التغيير الاجتماعي المطلوب في ظروف التخلف والاستعمار والتجزئة، وهدف الدراسة الوصول إلى ما يمكن أن يعيد للفكر التقدمي: الليبرالي والقومي والماركسي، تألقه وقدرته على أن يكون هادياً في بناء مجتمع ناهض يسير في طريق التقدم..».

تراجع المشروع القومي
وجاءت مداخلة الدكتور مهدي دخل اللـه كالتالي: «هناك مجموعتان أساسيتان من الأسباب أدت إلى تراجع المشروع القومي مقارنة بما كان عليه الطموح في الخمسينيات والستينيات، أولاً: تتعلق بتصعيد فعاليات القوى التي تعادي هذا المشروع، ثانياً: تتعلق بعوامل الضعف لدى القوى الحاملة للمشروع القومي. ولاشك أنه يوجد توافق بين المجموعتين، بمعنى التأثير المتبادل، حيث تؤثر دينامية المجموعة الأولى على الثانية وبالعكس، لكن المهم أن دينامية المجموعة الأولى وفعاليتها كانت أكبر من دينامية المجموعة الثانية، ولما كان القوميون العرب هم المعنييون بمشروعهم فينبغي في المستقبل معالجة عوامل الضعف في ديناميتهم باعتبار ذلك أولوية ضرورية لمواجهة الديناميات المتصاعدة لدى القوى المعارضة للمشروع..».

مفهوم المواطنة
يأتي تخيّر هذا الموضوع المهم جداً والمناسب الذي تحدث فيه د. عبد اللطيف عمران في سياق التحديات المصيرية والمعترك التاريخي الذي يواجهه شعبنا ووطننا وأمتنا، وخاصة بسبب تركيزه على بعدين معرفيين طالما استهدفا من القوى المضادة للمشروع الوطني العروبي التقدميّ وهما: مفهوم المواطنة، الوعي الاجتماعي، وأن النجاح في تعزيز وتكريس حضور كل منهما كفيل في مواجهة مشروع القوى المضادة للتحالف الصهيو-أطلسي الرجعي العربي».

صناعة الرأي العام
السيدة فيرا يمين تحدثت حول دور وسائل الإعلام في صناعة الرأي العام ومواجهة الإرهاب وقالت: «السؤال الأساسي الذي نبدأ فيه مداخلتنا هو: هل نملك إعلاماً عربياً؟، ومن السؤال تتفرع أسئلة وتساؤلات، الأجوبة عليها كفيلة بأن ترسم لنا خريطة طريق إعلامية صناعة، وتأثيراً، ومواجهة.
الفرق بين وسائل الإعلام والطاقات الإعلامية، مدى إمكانية التأثير على الرأي العام قبل الحديث عن صناعته، ليس فقط مواجهة الإرهاب إعلامياً بل إرهاب الإعلام، هل الأزمة دفعت إلى تأسيس حركة إعلامية مقاومة تستشرف من خلالها التأثير ثم الصناعة..».

ثقافة الحوار
وتحدث الدكتور حسين جمعة حول تعزيز ثقافة الحوار وقبول الاختلاف مبدأ في الحياة: «الوطن مثخن بالجراح، والأزمة التي تمر بها سورية مركبة، والاختلاف سنّة كونية وظاهرة طبيعية، ومظهر من مظاهر التعددية السياسية والفكرية والدينية والاجتماعية، ما يجعل هذا الاختلاف وجهاً من وجوه الديمقراطية في الحياة، وإذا كانت الثقافة السياسية المعاصرة تعزز لدينا الديمقراطية فعلينا أن نضعها في خدمة الدفاع عن الوطن والأمة وسيادتهما، وعن وجودنا ووحدتنا وبناء مستقبلنا، لذلك نرى أن وقوع الخلاف في القضايا الكبرى وطنياً وقومياً، خلقياً واجتماعياً يعد أشد أنواع الخلاف بشاعة وأبعد تأثيراً في المجتمع وبنيته وأمنه واستقراره».

Exit mobile version