Site icon صحيفة الوطن

تدمر.. اشتباك اللحظات الأخيرة

| مازن بلال 

حسابات أميركية جديدة تتطور سريعا قبل رحيل الإدارة الحالية، فمعركة حلب يمكن أن تفرض قواعد مختلفة للأزمة السورية، كما يمكن لإدارة الرئيس القادم أن تعيد حسابات الصراع على شرقي المتوسط، لكن الواضح حتى الآن أن امتصاص الصدمة التي انتجتها معارك حلب جعل حسابات واشنطن وموسكو أكثر حساسية، وخلق صداما سيؤثر بشكل واضح في مستقبل العلاقات الإقليمية عموما.
ما تحاول واشنطن القيام به اليوم هو فرض واقع مختلف في مناطق سورية بعيدة عن مدينة حلب، وربما من هذه الزاوية سمحت بتوريد الأسلحة وعلى الأخص «مضادات الطائرات» بشكل يجعل القوات الروسية تعيد حساباتها، ومهما دافعت الإدارة الأميركية عن قرارها؛ معتبرة أنه يشمل «القوات المعتدلة» فإنها تعرف بأن مسار أي سلاح لا يمكن ضبطه، فالقضية هي فقط إعطاء الشرعية بتوريد الأسلحة وأما الباقي فهو إجراءات يتعذر متابعتها، والقرار الأميركي سيشكل إطار العلاقة ما بين المجموعات المسلحة والدول الإقليمية، فهو إشارة لتغيير التكتيكات بالنسبة للممولين وإلغاء للخطوط الحمر، ولكن الغاية في النهاية تبدو ضمن مسألتين:
– الأولى تشمل تغيير وضعية القتال بالنسبة لموسكو التي مازالت تعتمد الضربات الجوية، أو ما يطلق عليه «الحرب اللاتماسية»، وهو أسلوب يضمن كسر التوازن مع المجموعات المسلحة التي تستفيد من تعدد الجبهات، ويوفر مسألة كثافة القوات التي يستخدمها الجيش السوري، لكن عندما تصبح الطلعات الجوية ضمن حدود التعامل مع مضادات الطائرات فإن على روسيا تغيير آليتها العسكرية.
ما تريده واشنطن هو استنزاف القوة الروسية عبر دفعها لزج قواتها أكثر في الحرب السورية، وبمعنى سياسي جعلها طرفا يسلبها ميزتها الحالية في التعامل الدولي مع الأزمة، وهذا التكتيك يسير بشكل سريع بحيث تجد الإدارة الأميركية القادمة نفسها أمام واقع مختلف يدفعها لاتخاذ مواقف أكثر تشددا.
– المسألة الثانية هي إتاحة الفرصة للقوى الإقليمية كي تصطدم مباشرة مع موسكو، فالأسلحة الجديدة لن تأتي عبر الولايات المتحدة، ومخازن السعودية ستكون الأساس لهذا العامل الجديد، فواشنطن تريد بلورة المحاور بشكل يثبت الجبهات الحالية ويجعل إمكانية حسم المعركة ضد الإرهاب طويلة وصعبة.
القضية الأساسية بالنسبة لواشنطن هي خلق نقطة اشتباك سياسية دائمة، فرغم أنه من الصعب تغيير المعادلة عبر بعض صفقات الأسلحة إلا أن تجميد الحسم ضد المجموعات الإرهابية يشكل الهدف الحالي، وهي تريد رسم مشهد سياسي يغلف الحالة القائمة ويتيح الاعتماد على قوى سياسية جديدة بعد أن فشلت القوى الحالية في التعامل مع العملية التفاوضية، ولكن الخطير اليوم هي محاولة الخروج بمجموعة سياسية جديدة من قلب المسلحين، وهو ما سيجعل المغامرة الأميركية خطرة على مجمل المنطقة.
السؤال اليوم هو إلى أي حد تستطيع الولايات المتحدة التعامل مع هذا السيناريو خلال الأيام المتبقية؟ من الصعب إيجاد إجابة قطعية ولكن الحالة السياسية الدولية لا تسير لمصلحة الإدارة الأميركية، وهي تدرك أن أهم ما يمكن تحقيقه هو وضع الرئيس الأميركي القادم أمام واقع لا يتيح إيجاد توافق سريع مع موسكو بشأن الأزمة السورية.

Exit mobile version