Site icon صحيفة الوطن

هل تسمح لطفلك باختيار كتبه بنفسه؟

| هبة الله الغلاييني

كتب الأطفال تمثل بوابتهم الأولى إلى عالم المعرفة، ومن المهم أن تترك تلك الكتب التي يقومون بقراءتها في سن مبكرة انطباعاً جيداً لديهم، حتى ينمو حب القراءة لديهم ويتحول إلى عادة ملازمة لهم، لذلك من الضروري معرفة كيفية اختيار الكتب المناسبة للطفل، غير أن كثيراً من الآباء والأمهات يشعرون بالحيرة عند شراء كتب لأطفالهم، إذ ترد إلى أذهانهم أسئلة حول كيفية القيام بذلك، وطبيعة المحتوى الذي يمكن أن يناسب أعمار أطفالهم وميولهم، وربما يرتكب الآباء أخطاء عند القيام بهذه المهمة، فبعضهم يظن أن الكتاب الذي يعجبه، سوف يعجب طفله بالتأكيد ويشدّ انتباهه، لكن الواقع ربما يكون غير ذلك، من جهة مقابلة يفضل بعض الأهل اصطحاب الطفل إلى المكتبة ليقوم بنفسه باختيار الكتاب الذي يجب أن يقرأه، لكن حتى في هذه الحالة أيضاً، ربما لا يحسن الطفل الاختيار فيشتري كتاباً يظل حبيس رفوف المكتبة، لهذا فإن اختيار الكتاب المناسب للطفل عملية دقيقة ومهمة ويجب أن تتم بشكل سليم حتى تحقق النتائج المرجوة منها.
تقول رحاب محمد وهي أم لثلاثة أطفال: «عندما كان أطفالي في سن الروضة، كنت أختار لهم الكتب بناء على معرفتي بقدراتهم واحتياجاتهم المعرفية، حيث أدرك أنهم في هذه السن يهمهم التعرف إلى العالم حولهم، فكنت أشتري لهم الكتب والقصص التي تحتوي على رسوم الحيوانات، كما كنت أركز على كتب الأرقام والحروف الأبجدية والأشكال الهندسية، والكتب التي توضح أعضاء جسم الإنسان وغيرها»، لكن بعد أن تخطى أبناء رحاب سنوات الطفولة المبكرة تؤكد أنها تترك لهم حرية اختيار ما يحبون قراءته من الكتب، وتقول: «أكتفي بالمراقبة عن بعد، ولا أحاول أن أفرض عليهم اختيارات معينة، وخاصة عندما يتخطون سن السابعة».
ومن وجهة نظر غالية الصابوني وهي مدير.. مدرسة سابقة، وأم لأربعة أبناء فإن الطفل يصبح ابتداء من سن السادسة قادراً على التمييز بين الكتب واختيار المناسب له، وتضيف موضحة بالقول: «يمكن للطفل أن يختار كتابه بنفسه من مرحلة ما قبل المدرسة، وتجنباً لاختياره كتاباً غير مناسب، يمكن أن يقوم الأهل بترشيح مجموعة من الكتب التي يرون أنها مناسبة له ثم عرضها عليه ليختار هو من بينها ما يعجبه»، وتؤكد السيدة غالية أن هذا الأسلوب في اختيار الكتب على مرحلتين، يسهم في بناء شخصية الطفل وتحديد ميوله، لكنه يتطلب وعياً من الأهل بأن لكل مرحلة عمرية ميولاً واتجاهات تتغير مع تغير عمر الطفل، حيث ينمو إدراكه وتتسع دائرة علاقاته بعد أن كانت تقتصر على الأهل، وتضيف: «على الرغم من أن الطفل في هذه المرحلة يكون تحت رعاية أبوية مكثفة ومباشرة، لكن هذا لا يتعارض أبداً مع إعطاء الثقة والفرصة لإظهار ميوله واهتماماته من خلال منحه حق اختيار كتابه بنفسه من بين اختيارات مدروسة» أما عن الطريقة التي اتبعتها السيدة غالية في اختيار كتب أبنائها عندما كانوا صغاراً فتقول: «كان الأمر يعتمد على المشورة بيننا، حيث أقترح عليهم اختيارات عديدة أرى أنها مفيدة لهم ومناسبة لميولهم ثم أترك لهم حرية الاختيار من بينها، وتنهي كلامها لافتة بالقول: «أثناء اختياري الكتب التي سأعرضها عليهم، كنت أضع في اعتباري مراعاة التنوع في المواضيع، فمثلاً عندما لاحظت أن أحد أطفالي يحب كتب المغامرات، كنت أقترح عليه من حين إلى آخر كتباً تتناول موضوعات أخرى إلى جانب المغامرات، حتى يعلم أن هناك جوانب أخرى للمعرفة يتعين عليه الإلمام بها».
لكن ما وجهة نظر الصغار بشأن الكتب المناسبة لهم، وهل يختارونها بأنفسهم، أم يرحبون بمشاركة الأهل لهم في الاختيار؟
تقول سارة محمود «8 أعوام»: «إنها تحب قراءة القصص والحكايات التي يكون أبطالها شخصيات كرتونية مشهورة مثل أميرات ديزني، وملكة الثلج، كما تفضل كتب تعليم المهارات والهوايات وخاصة الرسم الذي تعتبره هوايتها المفضلة ثم تضيف قائلة: «عندما أرغب في شراء كتاب أذهب للمكتبة ثم أختار بنفسي مجموعة من الكتب، وأعرضها على أمي وأبي كي يوافقا عليها، فأنا أختار كتبي تحت مشورتهما وفي أحيان كثيرة بناء على اقتراحاتهما».
وتؤكد سارة أنها تستعين بهما غالباً بعد أن تحدد لهما رغبتهما في موضوع معين للقراءة.
لكن جودي الزهراء «9 أعوام» تقول: «إنها لا ترحب كثيراً باختيارات والديها لكتبها، مؤكدة أنها لا تميل إلى بعض كتب الأطفال التي يحضرها لها أهلها وترى أنها تناسب الأطفال الأصغر سناً وتضيف: لهذا السبب أنا أصر على الذهاب إلى المكتبة لشراء الكتب التي أختارها بنفسي، فأنا أعشق شخصيات الأميرات وقصصهن، لكن على الرغم من تمردي على أختيارات والديّ إلا أنني أستشيرهما فيما أختار من كتب، ومن حسن حظي أن ليس لديهما أي تحفظ على اختياري»، أما بهجت الخوام (11 عاماً) فيميل إلى قراءة قصص المغامرات التي يشاهد أبطالها في أفلام الكرتون حيث يجد متعة كبيرة في قراءة تلك القصص، مؤكداً أن جميع الكتب التي يختارها تلقى قبولاً من أهله لأنه ينجح دائماً في اختيار ما يناسب عمره وهو يرى أن «الطفل لابد أن يختار بنفسه لأنه لا يمكن إرغامه على قراءة كتاب لا يوافق ذوقه وسيجده مملاً».
ويقول المستشار التربوي الدكتور عارف قصيباتي: «إن الأهل من خلال مراقبتهم للطفل يمكنهم تكوين صورة عن ميوله ابتداء من العام الأول» ثم يعقب موضحاً: «ليس المطلوب مسايرة ميول الطفل في الأحوال كافة، فالطفل يغريه عادة الشكل واللون، والصحيح أن يتم لفت نظره إلى مضمون الكتاب ومحتواه الذي يغذي فكره ووجدانه» وعن الطرق التي يمكن أن يتبعها الأهل حتى يتقبل أطفالهم التوجيه: «ينبغي عليهم ألا يحرموا الطفل كلياً من الكتب التي يحب، بل يجب أن يعطوه جرعة منها لإشباع ميوله الطفولية وجرعات أخرى لإثراء معلوماته وبناء إدراكه وشخصيته، لكن المهم في ذلك كله أن يشتركوا معه في الاختيار.

Exit mobile version