Site icon صحيفة الوطن

التكنولوجيا تغزو اللعبة وتنقلها من البساطة إلى التعقيد … ثورة كرة القدم الحقيقية بالتلفزيون

عرفت لعبة كرة القدم بلعبة البساطة والبسطاء وقد اكتسبت شعبيتها الكبيرة أولاً وأخيراً لأنه بإمكان أي مجموعة من الشباب مزاولتها في أي فسحة والتباري فيما بينها ولو بكرة (مهترئة) وبين مرميين قد يكونان من حجارة أو إطارات سيارة قديمة أو ما شابه، هذا إضافة إلى أنظمتها المثيرة والمملوءة بالتنافس والإثارة، وما أن دخلها الاحتراف حتى حذر القائمون عليها من مغبة ذلك، إلا أن التعقيدات بقيت مرافقة لتاريخ كرة القدم وجاء دخول التلفزيون بشراكة حقيقية مع أركان اللعبة ليزيد من انتشارها ويزيد الإرباك حول بعض أحداثها ومع التقدم الهائل للصورة الإعلامية بالعموم كانت الأصوات ترتفع بين الحين والآخر من أجل الاستفادة أكثر من التكنولوجيا للوصول إلى عدالة أكثر في لعبة لم تكن في كثير من الأحيان كذلك.

الخضوع المنتظر
وأمام حكم المال المسيطر على أركان اللعبة كان لابد من الخضوع لمنطق الأكثرية بالاستعانة بالتصوير التلفزيوني من أجل تحديد دخول الكرة المرمى من عدمه فيما بات يعرف بتقنية خط المرمى أو (عين الصقر) كما في كرة المضرب وذلك للحكم على بعض الكرات التي كانت تثير لغطاً كبيراً حول احتسابها هدفاً أو لا، وبالفعل تم إقرار هذه التقنية في بطولات الفيفا إلا أنها لم تكن كافية لبعض المتطلعين إلى تغييرات جذرية أكثر في قالب اللعبة بعدما عجزوا عن تغيير بعض أسسها وأنظمتها كإقرار وقت مستقطع أو لعب رمية التماس بالقدم على سبيل المثال.
فتركز الطلب هذه المرة على الاستعانة أكثر بتقنية الإعادة التلفزيونية وأمام الضغوط الكبيرة من مراكز القوى (أوروبا) لم يجد الاتحاد الدولي بداً من الخضوع مبدئياً لهذه الاقتراحات وهاهو حاول تجربتها في مونديال الأندية حيث جرت العودة إلى تسجيل الكاميرات التي تدور بزاوية دائرة كاملة (380 درجة) من أجل الحكم على بعض الحالات المثيرة للجدل وخاصة حول صحة الأهداف أو بعض حالات ركلات الجزاء التي طالما كانت محل أخذ ورد حول صحتها.

معارضة قوية
التجربة الجديدة عاشتها البطولة في لحظتين كانت الأولى حاسمة بعد احتساب الحكم ركلة جزاء لمصلحة كاشيما أنتلرز على ناسيونال كانت سبباً رئيساً في فوز الأول وتأهله إلى النهائي، والثانية أثارت لغطاً كبيراً حول هدف ريال مدريد الثاني بمرمى أميركا المكسيكي في الدور ذاته وذلك بعدما أشار حكم الساحة إلى منتصف الملعب ثم عاد وألغى الهدف مشيراً إلى وقوع خطأ ما قبل أن يعود إلى احتسابه من جديد.
وكما مع كل جديد في هذا العالم واجهت التجربة الجديدة تصريحات متضاربة حول جدواها أو سلبياتها وإيجابياتها، ففي الجهة المعارضة يقول أصحابها إن إيقاف اللعب واستشارة القائمين على المراقبة التلفزيونية يأخذ وقتاً طويلاً يفقد اللعبة الكثير من متعتها وسلاستها، ويجعلها عرضة للتوقف كثيراً حسب مجرياتها ما يجعل وقتها أطول وتميل أحداثها إلى الملل وقد يثير ذلك بلبلة أكثر بانتظار القرار النهائي لبعض الحالات، والمعروف أن جمالية كرة القدم في بعض أخطائها.

تأييد سلطوي
على الجبهة الأخرى أي المؤيدة للفكرة هناك يقف رجال الفيفا أصحاب السلطة الأعلى في مثل هذه الأمور فهاهو رئيس المنظمة الدولية (إمبراطورية الفيفا) جياني إنفانتينو يشير إلى صوابية قرار الاستعانة بالفيديو وذلك بحثاً عن عدالة ممكن أن تقلب نتيجة معينة وتمنح الحق لأصحابه ولمزيد من الشفافية في كل مجالات اللعبة وأهمها على أرض الملعب.
وهاجم إنفانتينو بعض الآراء القائلة بأن العملية قد تعطل اللعبة وتفقدها بعضاً من روحها وجماليتها قائلاً: إن التوقف لثلاثين ثانية أو أكثر قليلاً لن يؤثر كثيراً ولاسيما أن بعض المباريات تشهد إضاعة وقت طويل فلا بأس من دقيقة من أجل التأكد من حالة ربما لا يعرف الحكم أنه أخطأ بعدم اتخاذ القرار الصحيح فيها، وأثنى رئيس لجنة الحكام في الفيفا (ماسيمو بوساكا) على التجربة التي تتيح للحكم رؤية أوضح وتمنحه وقتاً لاتخاذ القرار الأفضل.

التغيير قادم
إذاً باتت الأمور واضحة وجلية، فالفيفا لم ينتظر (البورد) وهي اللجنة الدولية المخولة بتعديل أي مادة من مواد كرة القدم فقرار الاستعانة بالإعادة التلفزيونية قادم في القريب العاجل، ولن نتأخر حتى تنتشر هذه العدوى في الكثير من ملاعب العالم وخاصة في الدول الغنية مادياً حيث التكلفة الكبيرة التي يتطلبها التعديل الجديد، ولا شك في أن بطولات المونديال بكل فئاته سيكون خاضعاً لتقنية الاستعانة بالتلفزيون وكذلك البطولات الأوروبية وذلك بعد الموافقة الشكلية من البورد، ويبقى السؤال المهم: متى سنرى هذه التقنية في البلاد الفقيرة؟.. ومتى سنراها في بلادنا؟… أما السؤال الذي يحير الكثيرين عن تأثير هذا التحول في مجريات اللعبة فأجوبته سنتابعها على أرض الواقع وفي مخيلتنا مباراة الكلاسيكو الأخيرة بين البرشا والريال التي كانت ستحتاج إلى عشر دقائق على الأقل من أجل حسم العديد من الحالات التحكيمية المثيرة للجدل؟!.

Exit mobile version