Site icon صحيفة الوطن

مفهوم الاحترام

| د. اسكندر لوقا

من المفاهيم التي يمكن للمرء أن يتنكر لها، أن ثمة علاقات اجتماعية تحتمل الكثير من المسائل التي تستدعي التوقف عندها.. في هذا السياق تندرج مسألة المعاملة بالمثل، فبمقدار ما يلقى أحدنا اهتماماً من الطرف الآخر، يبادله الاهتمام كما التحية الطيبة يرد عليها بتحية طيبة، وكما فعل الخير في حال استيعاب معانيه بشكل صحيح يرد عليه بفعل مماثل.
على هذا النحو، تتنامى العلاقات بين الأفراد عموماً، وذلك بغض النظر عن المكان والمكانة فيما بينهم، إذ إن في أعماق كل منا أداة قياس- إن صح التشبيه- لمصداقية النيات الصادرة من طرف آخر.
وبطبيعة الحال فإن هذا المفهوم، يزداد رسوخاً في عقل الإنسان بمقدار ما يحترم نفسه قبل احترام الآخرين له، وبالتالي بمقدار ما يكون متصالحاً مع ذاته أو لا وصادقاً مع من هم حوله.
إن معادلة كهذه تنطبق على هذه الدول التي تحاول أن تحقق مكسباً هنا ومكسباً هناك من دون أن يكون البديل شيئاً منه لمصلحة الغير من الدول، كما هو حال البعض من الدول الغربية التي تراهن على حاضر سورية ومستقبلها، ضمناً، وتتلاعب بمشاعر أهل المنطقة عموماً بكلمات لا يقربها رداء الصدق بشكل أو بآخر، كأن يقال إن هذا الجهد الذي يبذل هو لمصلحة البلد الذي يعاني من تبعات جهد غير بريء. هذه الظاهرة تبدو للعيان، عندما يقال إن طائرات الولايات المتحدة الأميركية- على سبيل المثال- موجودة في العراق لقتال داعش، بينما حتى أطفال المدارس باتوا يعلمون من داعش ومن هم أربابه.
ولهذا الاعتبار يصعب على المرء أن يحترم من يقول شيئاً ويفعل نقيضه على أرض الواقع. وفي تاريخ المنطقة أمثلة لا تحصى عن وعود الحلفاء في الحرب العالمية الأولى بالسعي لاستقلال البلاد التي خرجت من تحت عباءة العثمانيين بعد أربعة قرون من الزمن، وبقيت الوعود كلمات في الهواء. كذلك هو حال المتآمرين على حاضر ومستقبل البلاد العربية الموعودة بالديموقراطية والحرية وما إلى ذلك من صور إغراء لبعض من قادة الأرض العربية ضمن جغرافية هذه الأرض الواسعة.
ومع الأيام، كما تتكشف الأمور، وتسقط الأقنعة من على وجوه الدول الغربية فإذا تصدير السلاح لهذه الجهة أو تلك من جهات المعارضات تغدو خارج نظام الحظر، وإذا الأكاذيب تفضح أصحابها علانية ومن دون أخذ الحذر من تبعات إدانة التاريخ لهم. ومن هنا عامل سحب الثقة منهم وغياب مفهوم الاحترام حيالهم.
يقول الأديب الفرنسي الشهير أونوريه دو بلزاك (1799- 1850) نحن نحترم الشخص الذي يحترم نفسه وبمعنى آخر حين يصدق مع نفسه أولاً.
فمن السياسي في الغرب الذي يمكن أن نضعه نحن خارج هذه المعادلة؟

 

Exit mobile version