Site icon صحيفة الوطن

«التعفيش» ثقافة تنهك حلب كما الحرب

| حلب – الوطن

أصبحت سرقة المتاع والبيوت التي يطلق عليها اسم «التعفيش» استعداداً متوثباً لدى شريحة لا بأس بها من سكان حلب وتجاوز كونه قيمة طارئة من مجموع القيم التي أوجدتها الأزمة، وتحول بفعل الممارسات المستمرة إلى ثقافة قد تتأصل في مجتمع ما بعد الحرب.
ومع بداية دخول المسلحين للمدينة في آب 2012، استنكر السكان أساليب النهب في الأحياء الشرقية منها والتي اتبعها الوافدون الجدد على قيمها المحافظة المتجذرة في قدمها ودعيت حينها بـ«التشويل» وما رافقه من تعديات على الممتلكات العامة والخاصة حللت مصادرة مقتنيات الغير تحت اسم «الثورة».
وما لبث الاستحواذ على ممتلكات ومقتنيات من يخالفك الرأي من الممارسات المتاحة والمباحة وليتطور لاحقاً إلى أسلوب حياة له مبرراته في التعاطي مع الأحداث الطارئة وكسب الثروة غير المشروعة في ظل انتشار الفوضى التي خلقها تطور الأحداث المأساوية والتي طالت بعض أحياء غربي المدينة.
وأدى ضعف السلطة التنفيذية وعجزها عن المحاسبة إلى تفاقم الظاهرة التي عمت المجتمع وغدت إرثاً بتطاول أمد الحرب وأزمة أخلاقية أنهكت المجتمع ونخرت في أعرافه وتقاليده التي تزجر وتنهى عن السرقة وتفرض عقوبات مجتمعية إلى جانب القانونية.
والطامة الكبرى أن ظاهرة «التعفيش» استشرت بشكل مخيف مع غياب الرقيب واتساع رقعة المساحة الجغرافية لأحياء شرق المدينة التي عادت وتوحدت مع شطرها الغربي مجدداً، ما أحل واستباح كل ما يقع تحت يد القادر وحتى الراغب بالنهب ثم السطو تحت تهديد السلاح.
المبكي في القضية، الأخلاقية في المقام الأول، أن عناصر الردع الذاتي في المجتمع والتي يفترض أن تكون فاعلة على الدوام وخصوصاً مع استفحال الأزمات، وفي مقدمتها الدينية، جرى تهميشها ولم تعد قادرة على التصدي للتجاوزات التي تخرق وتحرف بنية المجتمع لاسيما مع تحول الممارسات الفردية الخاطئة إلى جماعية تنهك المدينة كما الحرب.

 

Exit mobile version