Site icon صحيفة الوطن

مدير مصرفي لـ«الوطن»: تفسير خاطئ لمفوضية الحكومة لدى المصارف قد يعرقل منح القروض الجديدة لمن أجروا تسويات

| محمد راكان مصطفى

طلبت مفوضية الحكومة لدى المصارف من المصارف العاملة في القطر تزويدها ببيانات المتعاملين لديها المستفيدين من التسهيلات الائتمانية المباشرة أو غير المباشرة وتم شطب ديونهم جزئياً أو كلياً ضمن جداول اسمية.
وبين تعميم المفوضية (حصلت «الوطن» على نسخة منه) أن البيانات مطلوبة عن الفترة الممتدة من 1/1/2011 وحتى نهاية 31/12/2016، وخلال مهلة عمل أقصاه نهاية يوم العمل الخامس اعتباراً من عام 2017.
وأشار تعميم المفوضية إلى البند رقم 7 من المادة الخامسة من التعليمات التنفيذية لقرار مجلس النقد والتسليف رقم 597/م. ن/ب4 للعام 2009 وتعديلاته المتعلق بالتعليمات والنماذج الخاصة بنظام تصنيف مخاطر الديون وتكوين المخصصات والاحتياطات الخاصة بها، والتي نصت على أنه لا يجوز منح تسهيلات ائتمانية جديدة لأي عميل سبق أن أعدمت ديونه بشكل جزئي أو كلي ما لـم يقم بتسديد المبلغ المعدوم.
وعطفاً على المتابعات الجارية للمفوضية والتي بينت قيام بعض المصارف العاملة في القطر بشطب (كلي /جزئي) لديون بعض عملائها المستفيدين من تسهيلات ائتمانية مباشرة أو غير مباشرة وبهدف دراسة مدى الالتزام بالقرارات والأنظمة النافذة ومنعكسات ذلك على أوضاع المصرف.
مدير في أحد المصارف العامة بين لـ«الوطن» أن المفوضية طلبت بموجب تعميمها تزويد المفوضية بقائمة اسمية حتى لمن استفادوا من الإعفاء من الغرامات التأخيرية بموجب القانون 26 لعام 2015 القانون رقم /26/ لعام 2015 القاضي بتسوية الديون المتعثرة لدى المصارف العامة، والذي جاء في المادة الخامسة منه تعفى الأقساط المستحقة غير المسددة القائمة بتاريخ صدور هذا القانون من كل فوائد التأخير والغرامات دون الفوائد العقدية في حال تم تسديدها بالكامل خلال ستة أشهر من تاريخ نفاذ هذا القانون، منوهاً إلى أن جميع مراسيم وقوانين التسوية الخاصة بالقروض لم تتضمن أي بند ينص على إعدام الديون، مؤكداً أن الإعفاء من الغرامات التأخيرية لا يدخل ضمن نطاق الشطب الجزئي لبعض الديون، الأمر الذي يعتبر تفسيراً خاطئاً للقرار على اعتبار أن المقترض سدد كامل أصل الدين إضافة إلى تسديده للفوائد المترتبة على الدين وتم إعفاؤه فقط من الغرامات التأخيرية، وإن مثل هذا الإجراء من شأنه حرمان المتعاملين الذين استفادوا من الإعفاء الوارد في القانون 26 وبادروا إلى تسديد ديونهم من إمكانية حصولهم على تسهيلات ائتمانية جديدة أي قروض جديدة.
على حين أن ذكر إعدام الديون لم يرد سوى في المادة /9/ من القانون 26 والتي نصت أنه تعد المديونية أو أرصدتها التي لا تزيد على مبلغ 25 ألف ليرة سورية والتي مضى عليها أكثر من 15 سنة ولم يجر تحصيلها أو ترقينها بحكم الديون المعدومة.. وتعالج المؤونات المخصصة لذلك وفق الأنظمة النافذة.. وتجوز زيادة المبلغ أو إنقاص المدة بقرار من وزير المالية بناء على طلب المصرف المعني، إضافة إلى صعوبة تجهيز المصارف للبيانات المطلوبة من الأعوام 2011 وما بعد بسبب عدم وجود أرشفة الكترونية للبيانات التي تعود إلى تلك السنوات وصعوبة العمل اليدوي في تجميع البيانات المطلوبة ضمن المهلة التي حددت من قبل المفوضية.
ومن شأن تنفيذ تعميم المفوضية بهذه الصورة حرمان حتى المقترضين الذين أجروا تسويات على قروضهم من الحصول على قروض جديدة بمن فيهم الصناعيين، وهذا ما يتعارض مع ما صرح به وزير المالية مأمون حمدان مؤخراً في تأكيده عزم الحكومة دعم القطاع الصناعي والمساعدة على إعادة إطلاق عجلة الإنتاج في المنشآت الصناعية الواقعة في المناطق الصناعية التي تم تحريرها. مؤكداً أن المصارف سوف تعود إلى نشاطها الطبيعي الذي أوجدت من أجله وهو منح القروض، وأنه سوف يتم منح القروض لجميع الصناعيين الذين يرغبون بالعمل، مشيراً إلى وجود مساعدة ودعم حكومي لجميع الصناعيين في سورية وإلى جميع مكونات القطاع الاقتصادي الوطني، سواء كان قطاعاً صناعياً عاماً أم خاصاً أو مشتركاً، منوهاً بأن التوجه الحكومي لدعم الصناعة ينطلق من معرفة الحكومة أن الصناعة مكون أساسي في الإنتاج وفي دعم الاقتصاد الوطني وأنه من دون إنتاج لن يتم تطوير البلد.
وفي سياق أخر نشر حاكم المصرف المركزي دريد درغام على صفحته الشخصية عبر «فيسبوك» منشوراً أكد فيه استمرار مصرف سورية المركزي بالعمل على إصلاحات مصرفية هادئة بما فيها زيادة قدرة السوري على الاقتراض كلما أظهر ثروته في حساباته المصرفية بدلاً من التعامل بالنقود الورقية التي تشوه حقيقة قدراته على تسديد القروض.
وأنه في الأسابيع القادمة ستظهر تفاصيل أكبر حول توجهات مبدئية قادمة بما في ذلك أن الموظف تزيد قروضه الاستهلاكية كلما أظهر السيولة النقدية المتوافرة لديه في حسابه المصرفي وليس في جيبه، وسيؤخذ بالاعتبار الجهد الذي قد يبذله الموظف في سحب الراتب على دفعتين بالشهر وليس دفعة واحدة، وأن الشركة تزيد قدرتها على الاقتراض كلما أظهرت قدرتها على توليد السيولة عبر إيداع إيرادتها في حساباتها المصرفية. فكلما طال مكوث النقود وكثرت في الحساب المصرفي زادت الحظوظ باقتراض أكبر. في المرحلة القادمة نأمل منظوراً مختلفاً لبناء الثقة بين المصارف والمتعاملين بما يضمن سياسات تمويل لا يكون فيها السباق على إقراض أكثف أو أكبر وإنما أجدى وأعدل بأسس تضمن قدر الإمكان أهدافاً أنبل كالإقراض لمن يستحقه من المستهلكين وخاصة محدودي الدخل أو من المنتجين القادرين على إنتاج الضروريات والأساسيات التي توفر علينا نفقات الاستيراد، وتعويضاً بشروط المنح (ولو جزئياً كبداية!) لمن ثبت ولاؤه المصرفي عبر الأزمة واحتفظ بودائعه في مصارف سورية دعماً لليرة.

Exit mobile version