Site icon صحيفة الوطن

الزواج الثاني… الحب الثاني…نهاية من أجل بداية جديدة

إيمان أبوزينة : 

من الممكن أن يستغرب البعض المعلومة التي تقول إن ارتباط الرجل بإمرأة ثانية يزيد من حبه لزوجته الأولى ويقوي علاقته بها، ويبعد عنهما الملل والفتور خاصة بعد سنوات طويلة من الزواج!
ولو حاولنا معرفة بعض الأسباب التي تجعل الرجل يلجأ لهذا الفعل لوجدنا أن أغلبها لا يقنع المرأة خاصة حين تكون مبرراته لا تحمل الجديد، حيث يقول بعضهم إنه تزوج منذ سنوات عديدة وقد بات يشعر بالملل، والبعض الآخر يقول إنه يتضايق من صوت زوجته العالي وعصبيتها، أو إن زوجته لاتلبي احتياجاته، لكن الجواب الأصعب على الفهم حين يقول إنه مرتاح ماديا ويستطيع الزواج بأكثر من زوجة!!
قليلون جداً من اتهموا زوجاتهم بالخيانة، أو من قالوا إنها لا تقوم بواجباتها المنزلية تجاه أولادها، أو إنها لا تهتم بمظهرها وخاصة أننا نعيش في عصر باتت الموضة والعناية بالجمال من أهم مميزاته عند المرأة. إذاً، ما الأسباب المقنعة والحقيقية للزواج الثاني؟

«سامر» /46 عاماً/ يقول إنه تزوج أول مرة حين كان في الثالثة والعشرين من عمره حسب اختيار والدته المتدينة، ويؤكد أن زواجه من الأولى كان دون حب ولم يعد قادرا على تحمله بسبب الخلافات الدائمة، في حين أن علاقته مع زوجته الثانية هي حب ومشاركة في كل شيء.
هيثم /47 عاماً/ تزوج مرة ثانية، والسبب حسب أقواله أنه أراد أن يذل زوجته الأولى التي كانت تتحكم بكل حياته كبيرها وصغيرها ما جعله ينفر من عالمها ويتزوج امرأة بسيطة تحترم مشاعره وتسمع كلامه.
يبدو أن الزواج الثاني هو أمر حتمي عند البعض سواء بعد طلاق مرير، أو ترمّل الزوج أو الزوجة، حيث يكون الاختيار محسوبا تحت اعتبارات كثيرة يتعلق أغلبها بالبحث عن أسلوب جديد للحياة، والتخلص من المشاكل الزوجية، فالأغلبية تحب التغيير والتنويع خاصة إذا كانت الأسباب الحقيقية للزواج الثاني واضحة ومبررة، والغريب أن بعض النساء يفضلن أن تعلم بقرار زوجها بالارتباط بامرأة ثانية في حال كان واضحاً معها وبرر لها ذلك بصدق، لأنها تشعر أن في إخبارها احترام لها ولمشاعرها، وفي هذه الحالة من حقها قبول ذلك أو رفضه، لكن في الوقت نفسه هناك الكثيرات لا يفضلن هذه المصارحة لأنها ستشعل الخلافات والغضب، حسب ماقالته السيدة «مها» وخاصة إذا لم تقتنع الزوجة بالأسباب لأن الزواج الثاني يهدد استقرار الأسرة، وخاصةً مع موافقة الزوجة الأولى، لافتةً إلى أن المشاكل سيدفع ثمنها الأبناء.
علم الاجتماع يرى أن:«لجوء الرجل إلى الزواج الثاني سببه أحياناً مرور الرجل بمرحلة المراهقة الثانية بعد تجاوزه سن الأربعين، فهو يريد أن يثبت لنفسه وأصدقائه وحتى عائلته أنه مازال قوياً ومرغوبا وشابا، ما يجعله يبحث عن فتاة صغيرة السن، وأحياناً بسبب الملل والفتور في علاقته مع زوجته والذي غالبا ما يتسع بعد فترة طويلة من الزواج».
هذا ما قاله الأستاذ «ربيع عطية» ماجيستر علم النفس الاجتماعي، وأضاف: رغبة الرجل بالزواج من أخرى تختلف باختلاف شخصية الرجل نفسها، فهناك من يرغب بالزواج الثاني لمجرد الرغبة، وهناك من يبرر ذلك بسبب فقدان حبه لزوجته، ومنهم من يقول إنه مازال يحبها لكنه لايجد سببا يمنعه، ومنهم من يتمتع بالثراء ويتزوج دون معاناة بسبب التغاضي عن عيوبه والتمسك بوضعه المادي، وهناك من يبرر ذلك بانتشار العنوسة خاصة في وقت الحرب في وقتنا الراهن ما دفع بالكثيرات للتنازل عن متطلباتهن وإعادة حساباتهن في الاختيار.

ما رأي الزوجة الثانية؟
السيدة «ابتسام» ربة منزل /48/ عاماً امرأة سعيدة في زواجها، وهي تعلم أنه مازال يحب زوجته الأولى لكنه لم يستطع الإنجاب منها، لذلك حين قرر الزواج ثانية أخبر زوجته بذلك، ولأنها تحبه رضيت بزواجه، وهي اليوم تساعدها بتربية توءميهما وتعتبرهما كأنهما ولداها.
«عبير» /32/ عاماً تعمل في إحدى الشركات الخاصة تعارض السيدة «ابتسام» وتقول: مهما كانت الظروف التي من الممكن أن أعيشها معه حتى دون إنجاب فأنا لن أقبل أن أشارك امرأة أخرى زوجي وخاصة مع وجود حب قوي بيننا، فمن الصعب أن أستوعب أن تشاركني امرأة ثانية بحبيبي وزوجي ورفيقي، حيث سأعيش بالخوف والقلق والانتظار والمقارنة، لكن لو اضطررت للزواج بعد سن معين لغرض الزواج كي أعيش الاستقرار العائلي والمادي فلن أعترض.
أما «داليا» موظفة /29/ عاماً فتقول رأيا مخالفا تماما: أنا أعلم أن الأمر مؤلم، لكن الشرع أباح للرجل أن يتزوج، لذلك لابد للزوجة الأولى من تفهم رغبة زوجها وحقوقه الشرعية وليس عليها الرفض.
السيدة «عفراء» /61/ عاماً خريجة كلية الشريعة في جامعة دمشق قالت: الزواج الثاني من الناحية الشرعية جائز لكن بشروط ومنها مثلا مرض الزوجة أو عدم قدرتها على الانجاب، أو إذا كانت الزوجة الثانية مطلقة أو أرملة وهو يريد حمايتها، لكن الأساس هو العدل والمقصود بالعدل أي التقسيم العادل بين الزوجة الأولى والثانية من الناحية المادية، أما من الناحية العاطفية فهذا ليس فيه حكم لأن المحبة شأن شخصي لايمكن حساب نسبته.

الرجل المطلق.. والمرأة المطلقة
في استطلاع سريع لآراء بعض المطلقين من الجنسين تبين أن الفشل بالنسبة لهم لا يعني النهاية، والأغلبية أجمعوا على أن الحياة تبدأ من جديد بعد الطلاق، لأن العصر الذي نعيش فيه، والظروف القاسية التي يفرضها الواقع سواء في ظروف السلم أوالحرب، وخاصة في الوضع المتأزم الحالي في سورية، يتطلب منا الوقوف بذكاء وقوة، والثبات في مواجهة القادم بإرادة وتفاؤل، لأن الحياة لا تحب الضعفاء.
تقول «سارة» /44/ عاماً – مترجمة -: رغم سنوات الزواج المريرة التي عشتها مع زوجي، إلا أنني تابعت حياتي بعد الطلاق وعدت للدراسة من جديد، وحصلت على شهادة الماجستير بالترجمة، ثم حصلت على عمل ممتاز حتى ضمن الظروف الصعبة التي قلما نجد فيها عملا جيداً هذه الأيام.
أما «زينة» /37/ عاماً- محامية – فقد طلبت الطلاق بعد تسعة أشهر من الزواج: «لأني وجدته رجلا مختلفا تماما عن الذي عرفته أثناء الخطوبة، وأعترف أنني لم آخذ الوقت الكافي لمعرفته، لكن طلاقي اليوم لا يعني فشلي، ولا يعني خوفي من تكرار التجربة لأنني أصبحت واثقة من قدرتي على الاختيار الصحيح بعد الآن».
«خالد» /41/ عاماً – محام- يعارضها الرأي ويقول إنه لن يستطيع الارتباط بامرأة ثانية بعد طلاقه، لأن الأمر يحتاج إلى إرادة قوية وشجاعة لأن معرفة المرأة حسب قناعته تحتاج إلى وقت طويل للفهم، وأكد أنه لن يكرر التجربة.
الزواج الأول عند «رضوان» /52/ عاماً – طبيب – كان نتيجته ثلاثة أولاد رائعين متقدمين بدراستهم، لكن وفاة زوجته وحبه الشديد لها منعه من الزواج خوفا من عدم استيعاب الزوجة الجديدة لوفائه، وعدم قدرتها على التأقلم مع وجود أولاده في حياته، وهو يرى أن حياته أفضل من دون زواج ثان.
رغم اختلاف الآراء الفكرية، والقانونية، والإنسانية، والدينية لتفسير الآية الكريمة في قوله تعالى – النساء 3 -: «وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا»، سيظل الزواج الثاني معضلة ليس بمقدور الجميع فهمها ولا استيعابها، لأن هناك من يبرر ذلك بفقدان الحب، وهناك من يبرره بالخيانة وفقدان الأمان، وهناك من يرى أن تدخل الدولة في وضع الأنظمة غير ممكن لأن هذا شرع الله، وهناك من يرى أن الجمعيات الخيرية والاجتماعية لاتقوم بدورها بعقد ندوات دورية لتوعية الأزواج بحقوقهم وواجباتهم، لذلك وبانتظار البحث عن الأسباب ومواجهتها بشكل منطقي، سنظل نتمنى الهدوء والاستقرار لجميع المتزوجين، وكذلك الأمر للمقبلين على الزواج.

Exit mobile version