Site icon صحيفة الوطن

ليلة الوداع..

| مالك حمود

يبقى الوداع وداعاً، ويبقى المرار هو الطعم الغالب في مذاقه، رغم كل محاولات التجميل والتهليل مادام المحطة الأخيرة والمفترق الحاسم، وهنا تبرز أهمية التعامل مع الوداع وثقافته، لكن الأهم من الوداع نفسه وتقاليده، هو ما قبل الوداع لأنه يحمل في ثناياه المعاني السامية للوداع والذي لا بد منه.
من أصول الوداع هو تكريم صاحب العطاء بعد انتهاء رحلة عمله واحترام عطاءاته وحماية ظهره من الكلام بعد رحيله مادام قد أعطى وقدم ما بوسعه، ومن أصول ما قبل الوداع تكريم وتقدير صاحب العطاء قبل الوصول إلى نقطة الافتراق، وعندها خلاصة احترام العمل وتقدير صاحبه.
نتحدث عن الوداع ورياضتنا تقف أمام محطتي وداع مهمتين خلال يوم واحد، فالاتحاد الرياضي العام مشكوراً يقوم ممثلاً برئيسه بوداع مدرب منتخبنا للدراجات الروسي سيرجي زيباروف بعد انتهاء فترة عمله في سورية والتي قاربت 17 سنة.
لفتة وفاء مهمة وضرورية لمن عمل في تطوير إحدى رياضاتنا وخصوصاً في فترة الحرب متقبلاً ومتحدياً مصاعب العمل ومخاطره أحياناً، وبالأمس كانت رياضتنا أمام محطة وداع ثانية ولا تقل أهمية عن الأولى إن لم تكن أهم، فكرة القدم السورية كانت تودع الكابتن فارس سلطجي إلى مثواه الأخير.
السلطجي ذلك الفارس والحارس الأسطوري الذي مر على كرة القدم السورية واضعاً اسمه واسم الكرة السورية في واحدة من أهم أحقاب التاريخ، حقبة كان فيها الكابتن فارس حارس المرمى الأفضل في سورية والوطن العربي، ليغدو من رموز الكرة العربية في زمنه، ولكن ماذا بعد؟! وهل استثمرت خبرته وقدرته وشخصيته بالشكل الأمثل والأكمل والأجمل؟!
السلطجي رغم أنه كان يمضي معظم نهاره في المقهى إلا أنه كان الأكثر حباً لمهنة تدريب حراس المرمى، تلك المهنة التي عشقها وأصر على البقاء معلماً فيها، ولن أنسى كلمته حينما قال لي في لقاء صحفي: (مهنة تدريب الحراس بحاجة لمدرب له خبرته الطويلة وماضيه التليد بين القوائم الثلاثة لأنه الأقدر على إعطاء أسرار المهنة إلى الحراس الواعدين والصاعدين) وعمل السلطجي مراراً بتدريب حراس المرمى في ناديه، ولكن للعمر حقه، وللقدرة البدنية حقها أيضاً، فالتدريب في مجال حراسة المرمى يتطلب جهداً كبيراً في التدريب والتسديد، ولكل زمان فرسانه ورجاله، ولكن بوجود قامة رياضية كبيرة كهذه بخبرتها وتاريخها الباهر ليس بالضرورة أن يكون مدرباً في الميدان، وباعتباره مدرسة في حراسة المرمى، فلماذا لا نضع الاسم على المسمى، ويكون السلطجي مديراً لمدرسة خاصة بحراس المرمى؟!
رحم اللـه الكابتن فارس ولكن هل نتذكر المسألة مع من تبقى كي لا نتذكرهم إلا في ليلة الوداع؟!

Exit mobile version