ثقافة وفن

ترانزيت… المسلسل الذي ظلمه توقيت عرضه … رسائل عن الحب والنفوذ والمال والجريمة مع التشويق

| مصعب أيوب

عُرض مسلسل «ترانزيت» الذي كتبته لجين خلف، قبل رمضان بيومين فقط وقد طرحت جميع حلقاته دفعة واحدة على إحدى المنصات الإلكترونية، ولعل ذلك ما جعل العمل مهمشاً إلى حد ما أو غير متابع بسبب تزامن عرضه مع بدء عروض الأعمال الدرامية الرمضانية، وقد تعوّد المشاهد العربي على الالتزام في هذا الشهر على متابعة الأعمال التي دخلت سباق الدراما الرمضانية، ومع ذلك فإن العمل فيه الكثير مما يمكن أن يوقف عنده من حيث الأفكار والطروحات والرؤية الفنية.

خليط بشري

بسبب التنوع الكبير في مدينة دبي الإماراتية فقد شمل العمل ممثلين وشخصيات من جنسيات مختلفة، لتتقاطع أحداث العمل التي يغلب عليها الطابع الرومانسي بشيء من الكوميديا الناعمة والهادئة في كثير من المشاهد، ولكن جريمة قتل غامضة تفسد صفو الأجواء العائلية والرومانسية الهادئة ما يضفي على العمل الطابع التشويقي.

يصور العمل طبيعة الحياة في المدينة السياحية والتجارية الأهم في الوطن العربي مسلطاً الضوء على العلاقات الاجتماعية وترابطها وتداخلاتها، في٤٥ حلقة كان بالإمكان جعلها ١٥ حلقة.

جريمة إلكترونية

من الجميل أن العمل نفّذ بتقنيات حديثة ومعدات إنتاجية وتقنية متطورة وربما وفّق مخرج العمل باسم السلكا في ذلك بحيث يقوم بتصوير عمل معاصر تجري أحداثه في مدينة رائدة في مجال التقانة والعمران، فاستخدم ألواناً هادئة ومريحة للعين وحرص على تنقلات سلسة ولقطات مناسبة للمشاهد على الرغم من وجود تأرجح في الكاميرا في كثير من اللقطات والتي بدت واضحة ولم تكن مفهومة.

يسلط العمل الضوء على واقع الجريمة الإلكترونية وتوابعها وتداعياتها، ولاسيما في تصرفات عماد «طارق الصباغ» وتجاوزاته، وفي الاستخدام السلبي للتطبيقات الإلكترونية والذي جسده العمل في شخصية ماشا ابنة زياد.

عبور وانتظار

وترانزيت حسبما صرّح مخرج العمل لوسائل الإعلام في وقت مسبق جاء من فترة العبور التي تقضيها شخصيات العمل في تقلباتها وتبدلاتها وبعض حالات الانتظار، فالحب بعيد عن الخوارزميات ونظام الحسابات ولا يخضع لظروف معينة.

كما يركز العمل على أن المدينة يحكمها النظام والأمن وكاميرات المراقبة في كل مكان ويظهر التطور الكبير الذي قامت عليه دبي العصرية والسريعة صاحبة الإيقاع الحيوي والمنفتح، وهو ما جعل مسألة وقوع الجرائم أمراً شبه مستحيل أو إن حصل فمن السهل الوصول للفاعل وكشف حقيقة الأمر.

تألقت عبير نعمة في غناء شارة العمل التي حملت عنوان «ذاك الجمال» ليضع عليها رضوان نصري ألحانه بعد أن كتب كلماتها السلكا، فتترك نعمة بصمة فريدة في هذا العمل بعد أن غنت بعض مقاطعها باللغة الفرنسية ومزجت بينها وبين اللغة العربية الفصحى.

محور العائلة

جهاد سعد عرّاب العائلة وربما يتقاطع دوره في مواقع عدة مع ما قدمه في قيود الروح سابقاً فيتجدد الغرام بينه وبين معشوقته السابقة ليلى «نورا رحال» التي غابت عنه لظروف غير معروفة ويعود الإثنان ليستأنفا علاقتهما ويقررا الارتباط الجدي، وهو يملك المال والسلطة على العائلة وهو شخص مرتبط بكل شخصيات العمل إلى حد بعيد وينخرط جميع القضايا بشكل أو بآخر.

ضغوطات عائلية

يؤدي الفنان هافال حمدي دور كرم ابن العائلة الثرية الذي يعيش في كنف جده ويطمح لتأسيس عمله الخاص وهمه الوحيد النهوض بواقع الشركة التي أوكل له جده إدارته ولكنه يتعرض لضغوطات عائلية كثيرة تتعلق بموضوع الزواج وبالتالي يحاول إيجاد حلول مرضية للجميع وبطريقة ذكية إلى أن يجد نفسه في ورطة «عاطفية» إذا أمكن تسميتها وغير قادر على الخروج منها.

هزار «نادين تحسين بك» فتاة طموحة تبحث عما يحقق لها النجاح والاستقلال المادي، وقد تركت عريسها في حفل الزفاف لسبب ما في حلقات العمل الأولى وقد عرضها ذلك لضغوطات عائلية كبيرة ومتكررة وتحديداً الأم «نادين خوري» والوسط المحيط بها أيضاً وهو ما دفعها للارتباط بشخص غير مقتنعة به وإبرام صفقة يغلب عليها الطابع التجاري فقط للتخلص من تلك الضغوطات، وحده الأب جلال «عدنان أبو الشامات» الذي يقف إلى جانبها، وهي برغم دخولها في علاقة شائكة وتشعبات عدة إلا أنها تقف إلى جانب صديقتها وتحاول إقناعها بالارتباط وما إلى ذلك.

زواج وارتباط

تمارس نادين خوري في العمل دور والدة هزار وهي الأم التي يشغلها تزويج ابنتها وتتخلص من إشاعات الناس وأسئلة المقربين والجيران.

وتلعب نظلي الرواس شخصية فاتن ابنة غسان وتمر في عدة منعطفات عائلية من زواج وارتباط وما إلى ذلك، ولاسيما بعد أن يكشف أمر زوجها أمجد «جلال شموط» ومحاولاته المستمرة للتخلص من كرم ليبقى هو في صدراة المشهد والحصول على ثروة العائلة ليلقى مصرعه في ظرف غامض، وهو ما وضعها في اصطدام مباشر مع ابنتها ماسا التي ترفض بأي شكل زواج أمها من غير أبيها.

يتألق بديع أبو شقرا في دور زياد الأب الذي يحاول أن يحسن تربية ابنته ماشا المراهقة التي تكتسب جل معارفها من الانترنت والتريند والأصدقاء.

وتعيش لينا حوارنة حالة الترانزيت الحقيقية في العمل، فهي والدة كرم التي تغادر العائلة بعد وفاة زوجها في وقت مبكر وتعود لاحقاً إلى دبي لتقف إلى جانب العائلة في عدد من المنعطفات ومن ثم تقرر العودة.

ليث المفتي يخرج من عباءة الرجل الشرير ويغير نمط الأدوار الشيطانية، مقدماً دور شاب رومنسي يبحث عن فتاة للزواج يدير أحد المطاعم الفارهة في دبي.

مراهقة وشباب

علياء سعيد ابنة أمجد وفاتن كانت تعيش في إحدى الدول المتقدمة علمياً لتتلقى علوم الطب البشري، ولكن بسبب قتل والدها تضطر للعودة إلى كنف العائلة والبقاء برفقتها ولكنها فتاة متقلبة ومزاجية ولاسيما أنها في سن المراهقة، ترفض قطعاً علاقة أمها بزياد صاحب الشركة الإعلانية وكذلك الأمر بالنسبة لماشا ابنة زياد المراهقة والمهووسة بمواقع التواصل والميديا، فيضيء العمل على مخاوف الأبناء من ارتباط أهاليهم بغير أصولهم وربما مصدر ذلك يأتي من الأصدقاء في أحيان كثيرة.

مؤيد الخراط يؤدي دور غياث متزوج من مروة الأطرش ولكن علاقتهما غير مستقرة بسبب طيش الزوج وتصرفاته التي طغت عليها صبغة المراهقة ليقع في جدال وخلاف مستمر وحالة عدم استقرار مع زوجته التي تقرر في مواقف كثيرة الابتعاد عنه وطلب الطلاق.

كعادتها سوسن أبو عفار في أي عمل تشارك فيه تضيف له نكهة كوميدية متميزة وتحديداً بتعابير وجهها، فهي والدة رامي التي تأمل أيضاً كأي أم أن تزوج ابنها.

ولكن، لماذا هذا الشطط في سير الأحداث والبرود على غرار الأعمال المستنسخة عن التركية، ولاسيما أن الحلقات الخمس الأخيرة لم تقدم أي جديد حتى الربع الأخير من الحلقة الأخيرة التي لم توضح كيف باتت حالة ماسة وماشا، ثم أين المحامي الجديد الذي قررت هزار أن تكلفه بتسيير أمور الطلاق بعد أن أخبرها كرم بأن المحامية الخاصة بهما غادرت الإمارات؟ لنجد أن الأخيرة هي من تقوم بتسيير أوراق الشركة.

الخلاصة

العمل فيه خليط اجتماعي يحمل جرعة درامية رومانسية هادئة، يضيء على أهمية متابعة الأبناء في تعاطيهم مع واقع منصات وتطبيقات التواصل الاجتماعي والتأثير السلبي للاستخدام الخاطئ لتلك التطبيقات، كما يتطرق العمل إلى أهمية إعطاء النفس راحة من كل شيء والابتعاد عن ضغوطات العمل وصراعات المال والحياة والتركيز على السعادة، تطرق العمل إلى واقع الجريمة الإلكترونية وركز على جهاز الأمن الإماراتي وقوته وتميزه وصعوبة إفلات أي جرم منه مهما عظم أو صغر شأنه، يشير العمل أيضاً إلى أن محب المال والجَشع ومن يقصد إيذاء الناس بغية تحقيق مكسب مادي فسينال حساباً عسيراً، وربما ابتعد العمل عن واقع السوريين ولم يتوافق مع اهتمامات البعض، فالمكان والبيئة العامة للعمل بعيدان كل البعد عن هموم ومعاناة السوريين ولكن ليس هذا ما جعله بعيداً عن الأضواء فإن الشيء ذاته نشاهده في الأعمال المستنسخة عن الدراما التركية وهي تشهد إقبالاً جماهيرياً كبيراً، وربما كان العمل بحاجة إلى تسويق بشكل أكبر.

أبطال العمل

يحمل العمل أيضاً أسماء كل من: سحر فوزي بدور المحامية، وتولين البكري ورنا كرم وإيناس زريق ومروة الأطرش وطارق الصباغ ورينا بشور ورسل الحسين ونايا الأندلس، ويؤدي مخرج العمل باسم السلكا شخصية فارس في العمل، ومن مصر محمد الغباشي ورحاب العطار وأحمد هلال وأحمد أشرفي ومن الأردن وجيه حلاوة ومن الجزائر أمينة وسام ومن الإمارات محمد المنصوري ويوسف الشامي وعادل اليوسفي ومن السودان توفيق أحمد ومن المغرب دلال الشرايبي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن