في سلتنا الوطنية: غياب الفكر الاحترافي والأندية تعمل بعقلية هاوية
| مهند الحسني
يبدو أن غياب الثقافة الاحترافية بمفهومها الصحيح عن أذهان جميع لاعبي سلتنا باتت واضحة وجلية، لكون إدارات أنديتنا ما زالت تعمل بطريقة يغلب عليها الطابع العشوائي والارتجالي أكثر منه الاحترافي، فإذا كانت مشكلة أغلبية فرق دوري السلة مالية بشكل عام، غير أن هناك مشاكل أخرى تشترك فيها جميع الأندية جلّها يتعلق بغياب المفهوم الاحترافي، وبالتالي يكتسب اللاعب الثقافة الاحترافية بطريقة مغلوطة، وينحصر تفكيره فقط (رواتب وعقود مكافآت)، ولدينا من الأمثلة الكثير التي شهدت الكثير من حالات الحرد والتذمر بصفوف فرق أندية محترفة منذ سنوات.
انعدام الثقافة
ما إن يبدأ كل موسم تنطلق معه تصريحات اللاعبين الأندية، وتكون في أغلبيتها متداخلة بينها، ومتشابهة إلى حد كبير، فتحمل تلك التصريحات أقوال (سننافس على اللقب، وسيكون فريقنا بين الأربعة الكبار) حتى خلنا إن نحو عشرة فرق على الأقل ستحشر نفسها بقوة على خط المنافسة، نقطة أخرى تأتي في تصريحات اللاعبين، وهي دليل واضح على عدم وجود ثقافة احترافية لدى لاعبينا، تتمحور في تصريحاتهم التي تنطبق مع المثل الشعبي القائل (من يتزوج أمي أقول له عمي) فالمدرب الموجود على رأس الجهاز الفني، هو الأفضل، والأقدر، وهو الرقم واحد بين المدربين الذين مروا على الفريق، ولو راجع اللاعبون تصريحاتهم السابقة لاكتشفوا أن هذا الكلام قالوه على المدرب الذي يوجهون له اتهاماتهم، ويرسمون على تدريباته الكثير من إشارات الاستفهام، ويحملونه سبب تراجع أداء الفريق، حتى المدربين الذين جاؤوا خلفاً لزملاء لهم في هذه الفرق لا يلبثون أن يقعوا في هذا المطب، ويقولون في بداية توليهم أمور التدريب، كانت هناك حالات خاطئة في الفريق، وسنعمل على تصحيحها، ورفع لياقة الفريق متجاهلين أن هذا الكلام سيجرح مشاعر من سبقهم من المدربين.
غياب المستوى الفني
مع تنافي قراءتنا للدوري الماضي بجميع فئاته، وما حمله في ظل الواقع الحالي، إلا أن محاولة الاقتراب من التوقعات بنتيجة ما سيؤول عليه مستوى اللعبة في عصر هذا الاحتراف الخاطئ، يجعلنا كمن يطلب من أحمق قراءة كتاب عن الحكمة، ومن هذا التبرير المسبق الصنع أهرب من واقع الحال إلى نظرية الحالة، ويزداد هروبي إقناعاً إذا ما ذكرت بأن فرقنا المحلية لا تعرف الثبات بمستواها الفني رغم أنها محترفة منذ عشر سنوات وأكثر، لأنها بالأساس لا تعتمد عملاً سلوياً احترافياً سليماً، ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن مشكلة تراجع مستوى منتخباتنا الوطنية تأتي انعكاساً لما يحدث في أندية محترفة (بالكلام) فقط، أندية تفتقد معظمها لعوامل الاستقرار بكل أشكاله، أشيروا لنا إلى أربعة أندية حافظت في عصر الاحتراف على مستواها لموسمين متتاليين، فالاحتراف الخاطئ ساهم في ظهور أمراض مزمنة بدأت تصيب مفاصل سلتنا دون أن يكون هناك حلول ناجعة وجذرية، لذلك لن أكون مثالياً إذا قلت، وطالبت الحقوا الاحتراف بوضعه الحالي قبل أن يدمرنا ويدمر سلتنا أكثر من ذلك.
أحداث وتفاصيل
كم من مشكلة وقعت في مباريات الدوري الماضي، وساهمت في تعكير أجوائه، وكادت تصل بمبارياته إلى حد الهاوية، وعكست بقوة حقيقة المفهوم الاحترافي الذي يغيب عن عقول جميع مفاصل اللعبة، فاللاعب بات لا يعرف من الاحتراف سوى قبض الرواتب وتوقيع العقود لا أكثر، أما مفهوم الاحتراف الحقيقي، وما يحمله من معان أخلاقية، وواجبات بات في جزء مهمل من ذاكرة لاعبينا، وإذا أردنا معرفة أسباب هذا فإن الحقيقة واضحة، ولا تحتاج إلى براهين ودلائل، لأن المسؤولية تقع على عاتق إدارات الأندية، والتي تعمل جميعها بعقلية هاوية بعيدة كل البعد عن الاحتراف الحقيقي ومعانيه.
ضرورة
كان حرياً بلجنة الاحتراف العليا أن تسعى جاهدة لإعادة دراسة الاحتراف ليس بشقه المالي وحسب، لأن المال يأتي ويذهب أما الثقافة الاحترافية التي تتضمن الأخلاق الرياضية، والانتماء الحقيقي للنادي والمنتخب وإذا ذهبت فلن تكون عودتها بتلك السهولة، وهذه الثقافة لن يحتاج تطبيقها إلى أحجية عصية على الحل، بل هي تحتاج لتوافر النوايا الصادقة، والهمة العالية، والمتابعة في التنفيذ، ووقتها فقط نستطيع أن نطلق على أنفسنا بأننا محترفون، وماعدا ذلك لا يتعدى زوبعة في فنجان قهوة.