داعش «اليرموك» إلى متى؟
| موفق محمد
يقترب العام من نهايته، أياماً قليلة ويصبح من الماضي، وبديهي أن حصيلة الميدان هي الأهم للمسؤولين، أما بالنسبة للناس فمن الطبيعي أنه لم يكن كما يريد البعض منهم لا بل الأغلبية، ويرنون إلى تحقق أمانيهم، تطلعاتهم في العام القادم.
وبحسابات الميدان، انتهى داعش كتنظيم خلال هذا العام، وهو انتهى في دير الزور مدينة وريفا، وفي معظم أرياف حمص وحماة، وفي حلب والرقة، وبات محاصرا في جيوب صغيرة منها جنوب العاصمة في الحجر الأسود، مخيم اليرموك، والجزء الجنوبي من حي التضامن.
بحسابات الميدان أيضاً، مدحلة الجيش قلصت مساحات سيطرة الميليشيات المسلحة، وهي ميليشيات وجدت في اتفاقات خفض التصعيد، متنفسا ومنفذا بعد محاصرتها وخذلان داعميها.
العام ميدانياً، كان عام الجيش العربي السوري، أنهى داعش كتنظيم، واستعاد أغلبية الأراضي الواقعة تحت سيطرة التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة، وعينه على ما تبقى.
بحسابات السياسة، لم تكن الحصيلة بمستوى ما وصلت إليه ميدانيا، إلا أن ما من أحد يمكن له إنكار النزول الملحوظ الدراماتيكي للدول في مواقفها من أعلى درجات السلم، وإن لم يصل إلى أسفلها، مع إبقائها على شيء من المناورة بهدف الحفاظ على ماء وجهها.
بالنسبة للناس، كان العام أقل إيلاماً مع تراجع حدة القتال، ومع عودة الكثيرين إلى أحياء هجروا منها قسرا، ومع المساعي القائمة لضبط السوق، والوضع بشكل عام، وتراجع ظاهرة الفلتان الأمني.
وبحسابات الناس أيضا، كان العام بالنسبة لكثيرين، أشد عليهم مما سبقه من سنوات الحرب، فاستمرار مرارة التشرد والنزوح، أمات نفوسهم وأفقدهم أي طعم للحياة، والغلاء واستغلال المؤجرين من الميسورين، استنزف جيوبهم ومعداتهم ومعدات أبنائهم، لا بل استنزف فروج بعضهم!
أياماً قليلة ويصبح العام من الماضي، ولا ملامح تلوح في الأفق بتحقق ما اعتقد، وما توقعه البعض، عبر إنهاء ملف مخيم اليرموك مع نهايته، فداعش انتهى في معظم الأراضي السورية لكنه لم ينته في اليرموك، ووجوه ناسه باتت عليها «غبرة» ترهقها «قترة» بعد ما كانت ناضرة.
وجوه للعودة إلى أحيائها منازلها ناظرة منذ نكبتها قبل خمس سنوات، وكذلك الدولة ناظرة ساعية إلى إنهاء ملف جنوب العاصمة، لكن لن يكون هذا في قريب منظور على ما يبدو.
حسابات الأولويات تلعب لعبها، نعم الأولويات، كانت أواخر العام الماضي في حلب حيث أحبط المشروع التركي، من ثم في ريف دمشق الشمالي الغربي وانتهت جبهة النصرة والميليشيات هناك، ثم دير الزور وانتهى داعش وأحبط المشروع الأميركي، ثم في ريف دمشق الغربي وأوشكت «النصرة» على الانتهاء هناك وأحبط المشروع الإسرائيلي.
الأولوية الآن تبدو مطار أبو الظهور بريف إدلب، وأيضاً تبدو غوطة دمشق الشرقية، وحتماً سيأتي اليوم الذي يكون فيه اليرموك جنوب دمشق، أولوية وينتهي داعش و«النصرة» هناك، لكن في الوقت المناسب، تبعاً للأولوية.