نتنياهو يقفز على حبال السيناريوهات
| محمد نادر العمري
يتعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لضغوط داخلية وخارجية متعاظمة، ويبدو أنه في مأزق سياسي قد ينهي مسار حياته السياسية إزاء توالي اتهامات الفساد التي توجهها الشرطة الإسرائيلية له، واتساع رقعة المخاطر الخارجية وفشله في ترجمة أجنداته دبلوماسياً وميدانياً من المتوسط حتى روسيا مروراً بتعاظم أضلاع محور المقاومة وتغير قواعد الاشتباك بما لا يتناسب مع الوهم الإسرائيلي في إدارة النظام الإقليمي والسيطرة على موارد قوته.
فنتنياهو الغارق في قضايا الفساد على مستوى البيت الصهيوني، يحط رحاله في واشنطن ويستنجد بساكن البيت الأبيض واللوبيات الصهيونية، للحصول على دفعة جديدة من الدعم السياسي والعسكري والمعنوي، مستثمراً عزم واشنطن نقل سفارتها للقدس في منتصف شهر أيار القادم (في ذكرى يوم النكبة السبعين)، وبذات الإطار تأتي هذه الزيارة في سياق تحقيق بعض الأهداف السياسية للكيان الصهيوني:
– البحث عن البدائل الممكنة في مواجهة تطورات المنطقة بما في ذلك الحصول على دعم كامل من الإدارة الأميركية للتطبيع العلني في علاقات إسرائيل مع الدول العربية المصنفة وفق الفضاء الأميركي الصهيوني بالدول العربية السنية المعتدلة وهو شرط نتنياهو الرئيسي والمسبق قبل الشروع بحل القضية الفلسطينية بما يحقق مآربه بإفراغها من مضمونها وتحجيمها على المستويين العربي والدولي أولاً، وهذا ما عبر عنه الجنرال الاحتياط ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال «عاموس يلدين» بمؤتمر ميونخ للأمن مؤخراً: إن القضية الفلسطينية باتت هامشية وثانوية وأن صفقة القرن ستمنح الفلسطينيين أقل من دولة مع سيطرة أمنية إسرائيلية كاملة وبموافقة الأصدقاء في المنطقة.
وثانياً هذا التطبيع يأتي في إطار التصدي للنفوذ الإيراني في المنطقة وفق المزاعم الإسرائيلية من خلال إنشاء تحالف يضم إلى جانب الكيان الصهيوني كلاً من مصر والسعودية والأردن والإمارات والبحرين والمغرب، وإعادة ترتيب الأدوار للتدخل في الانتخابات البرلمانية العراقية واللبنانية والأزمتين السورية واليمنية ودعم الانفصال الكردي لتطويق محور المقاومة، ترجمة لمبادئ الاتفاق المشترك لوكالتي الأمن القومي الصهيوأميركية التي وقعت نهاية عام 2017.
إيجاد صيغة من التسوية السياسية للنزاع البحري حول آبار النفط والغاز مع لبنان خاصة والمنطقة بشكل أعم، تجنباً لحرب محتملة مدمرة وفقاً للتقديرات الإسرائيلية بعد إخفاق المبادرة التي حملها وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في زيارته الأخيرة لبيروت، واستبدالها باتفاق قوسي يضم قبرص واليونان والكيان الإسرائيلي الأمر الذي يسمح لتل أبيب باستغلال الحقول المائية الإقليمية بطرق غير شرعية.
أما على الصعيد الداخلي فإن ضيق الخناق الذي يعاني منه نتنياهو قد يطرح على طاولة المباحثات سبل الاستعانة بالنفوذ الأميركي وجماعات الضغط النافذة في الداخل الإسرائيلي، ولاسيما أن الطوق الداخلي على رقبة نتنياهو يضعه بين السيناريوهات التالية:
الدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة، فالقانون الإسرائيلي يجيز لنتنياهو خوض انتخابات حتى وهو ملاحق إن لم يصدر قرار قضائي قطعي بحقه قبل الانتخابات، وهذا السيناريو هو الأقرب والأكثر مصلحة لنتنياهو وحزب الليكود الذي يترأسه ولاسيما أنه ضمن الحصول على دعم لحملته الانتخابية من الرئيس ترامب والأيبك العبرية بما ينعكس إيجاباً في ضمان التجديد الشعبي له.
السيناريو الثاني يتضمن البقاء في منصبه والدفاع عن نفسه وتقطيع الوقت ريثما تنتهي ولايته في عام 2019، والرهان على الوقت والتطورات الداخلية والخارجية وتوظيفها لزيادة شعبيته.
السيناريو الثالث فهو يدور بين تنازل نتنياهو عن رئاسة الحكومة لأحد قيادي حزبه، أو أن يقدم على الاستقالة وهذا مستبعد في الوقت الحالي فهو لا يبدو أنه مستعد لإنهاء حياته السياسية.
أما السيناريو الخامس يكمن في تصدير أزمته الداخلية نحو الخارج عبر افتعال حروب هدامة أو التهويل بحصولها لحشد وجمع الرأي العام الداخلي تحت مظلته وتأييد قراره بدواعي حماية أمن بلاده القومي أو تحقيق مصالحها القومية.
يبدو أن السيناريو الأول والخامس هما الأقرب في حال حصول نتنياهو على الضوء الأخضر الأميركي وهو ضوء قد يطيل من عتمة الأفق نحو الحلول السياسية ويقرب من توقيت النكبة الإسرائيلية الكبرى.