أهالي سقبا وكفر بطنا بدؤوا العودة … جوبر وعين ترما وعربين «عيونها خضر».. وآلاف المدنيين بقوا في منازلهم
| الوطن – وكالات
وسط ترقب شديد من أهالي دمشق وسورية عموماً مساء أمس لإعلان الجيب الجنوبي من الغوطة الشرقية خالياً من السلاح والمسلحين، ورفع رايات النصر في معظم مناطقها، مع بقاء آلاف السكان في منازلهم هناك، بدأت رحلة عودة أهالي كفر بطنا وسقبا إلى منازلهم.
وفي وقت كانت فيه الأنظار تتجه إلى انضمام مدينة دوما إلى هذا النصر الكبير حيث تجري مفاوضات هناك للمصالحة، حاولت ميليشيا «جيش الإسلام» اتهام روسيا بشن غارات استهدفت أماكن احتجاز المخطوفين لطمس جرائمها بحقهم، في حين تواصل خروج المدنيين عبر معبر «مخيم الوافدين» هرباً من جرائم الإرهابيين.
وتحدثت مصادر مطلعة لـ«الوطن» عند الساعة السادسة من مساء أمس عن خروج 47 حافلة تنقل 3378 من الإرهابيين وعائلاتهم من الغوطة الشرقية باتجاه إدلب.
وفي وقت سابق كانت وكالة «سانا» ذكرت أن 33 حافلة تقل 2301 من المسلحين وعائلاتهم خرجت من البلدات المقرر إخلاؤها من السلاح والمسلحين ووصلت إلى مكان تجمع الحافلات على أطراف ممر عربين تمهيدا لنقلهم إلى إدلب في وقت لاحق أمس.
ولفتت الوكالة إلى أن الحافلات كانت تدخل تباعاً إلى أطراف بلدة عربين لنقل الدفعة الثانية من المسلحين وعائلاتهم الرافضين للمصالحة من جوبر وزملكا وعين ترما وعربين إلى إدلب وذلك في سيناريو مشابه لاتفاق إخراج المسلحين وعائلاتهم من مدينة حرستا الذي أنجز الجمعة لتعلن المدينة خالية من الإرهاب.
واستكملت الجمعة عملية خروج قرابة 5 آلاف مسلح من ميليشيا «حركة أحرار الشام الإسلامية» وعائلاتهم من مدينة حرستا المتاخمة للعاصمة دمشق، وبذلك تبقى مدينة دوما آخر معقل للإرهابيين في الغوطة الشرقية.
وحرر الجيش العربي السوري أول من أمس 8 مختطفين كانوا محتجزين لدى المجموعات المسلحة في القطاع الأوسط من الغوطة الشرقية بريف دمشق حيث تم نقلهم بواسطة حافلة إلى أحد المشافي للاطمئنان على وضعهم الصحي.
وأشارت «سانا» إلى أن أعمدة الدخان التي تشاهد في عمق بلدة عربين وزملكا ناتجة عن حرق المسلحين لمقراتهم وعدد من أوكارهم في محاولة منهم لطمس حقائق باتت واضحة عند السوريين حول ارتباطاتهم بالدول الداعمة لهم والمعادية للدولة السورية.
وخرجت أول من أمس بإشراف الهلال الأحمر العربي السوري دفعة أولى من المسلحين الذين رفضوا المصالحة مع عائلاتهم باتجاه محافظة إدلب وتضمنت 17 حافلة بداخلها 981 شخصاً من المسلحين وعائلاتهم تم إخراجهم من جوبر وعربين وزملكا وعين ترما. ووفقاً للوكالة، يأتي رضوخ المسلحين وخروجهم من بلدات وقرى الغوطة الشرقية نتيجة الانتصارات الكبيرة والمتسارعة للجيش العربي السوري في عملياته العسكرية الواسعة التي بدأها منتصف الشهر الماضي وتمكنه من قطع خطوط الإمداد والتنقل للتنظيمات الإرهابية في الغوطة.
بدورها أكدت وزارة الدفاع الروسية أمس أن المسلحين غادروا المنطقة بضمانات من قبل الحكومة السورية ومركز المصالحة الروسي ومنظمة الهلال الأحمر العربي السوري.
وبحسب وكالة «سبوتنيك» الروسية أكد بيان الوزارة أنه «طوال الطريق، ضمنت الشرطة السورية سلامتهم (المسلحين وعائلاتهم) تحت إشراف ضباط مركز المصالحة الروسي وممثلي الهلال الأحمر العربي السوري».
من جانبها ذكرت وكالة «فرانس برس» أن المسلحين أجبروا على التخلي عن معظم أسلحتهم، بعد تفتيشهم، وتم نقل المغادرين على متن حافلات بصحبة جندي روسي في كل حافلة، حيث تشرف موسكو مباشرة على إتمام العملية، معتبرة أن خروج الميليشيات المسلحة من الغوطة الشرقية ضربة موجعة لها مع خسارتها أحد آخر معاقلها قرب دمشق، بعدما كانت قد احتفظت بوجودها فيه منذ العام 2012.
من جانبه أشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» المعارض إلى أن عملية نقل المسلحين من الجيب الجنوبي للغوطة قد تستمر أياماً، وقال «لحين انتهاء تنفيذ الاتفاق مع فيلق الرحمن الذي يقضي بالبدء الفوري بنقل الحالات المرضية والجرحى إلى مشافي العاصمة دمشق أو المشافي الميدانية الروسية، عبر الهلال الأحمر، مع ضمانة روسية لعدم ملاحقتهم من قبل الجيش السوري، وتخييرهم بين العودة للغوطة أو الانتقال إلى الشمال السوري بعد انتهاء علاجهم».
وأكد «المرصد» بقاء ما لا يقل عن 37 ألف مدني في بلدات كفر بطنا وعين ترما وسقبا التي سيطرت عليها وحدات الجيش، مشيراً إلى تواصل عملية الترقب لتنفيذ أكبر صفقة بين ميليشيا «جيش الإسلام» والجيش العربي السوري، عبر إفراج الأول عن آلاف المختطفين لديه في سجن التوبة ومعتقلاته الأخرى، مقابل إخراج الجيش «آلاف الجرحى والحالات المرضية ونقلهم لتلقي العلاج ضمن اتفاق بضمانة روسية».
وكان «الإعلام الحربي المركزي» أعلن ظهر الجمعة أنه «من المقرر أن يحرر الجيش السوري مساء الجمعة 3500 مخطوف كانوا محتجزين لدى الجماعات الإرهابية في مدينة دوما بالغوطة الشرقية بالإضافة إلى إجلاء 3000 حالة إنسانية أيضاً ضمن أحد بنود الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الجهات المعنية في الحكومة السورية والإرهابيين في دوما».
في الغضون، ذكرت قناة «العالم» أن متزعم «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني عمم على مسلحيه بمنع مرور حافلات مسلحي الغوطة من مناطق نفوذه من دون موافقته.
وبالعودة إلى «المرصد» فقد أكد اندلاع اشتباكات بين الجيش العربي السوري و«جيش الإسلام» في القسم الشمالي من الغوطة، تركزت في مزارع الريحان قرب مدينة دوما، وترافقت مع استهدافات متبادلة على محاور القتال.
وفي ظل تواصل الأنباء عن مفاوضات في دوما، حمّل عضو الهيئة السياسية في «الائتلاف» المعارض فؤاد عليكو، كلاً من «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» مسؤولية ما جرى في الغوطة الشرقية، مشيراً إلى أن المعركة انتهت حسبما نقلت عنه مواقع إلكترونية معارضة.
بموازاة ذلك خرج أمس عشرات المدنيين من الغوطة الشرقية ممن تتخذهم التنظيمات الإرهابية دروعا بشرية وذلك عبر الممر الإنساني في مخيم الوافدين حسبما نقلت وكالة «سانا» للأنباء. وأفادت الوكالة بأن محافظة ريف دمشق قامت بتأمين سيارات الإسعاف وحافلات النقل للمدنيين الخارجين تمهيدا لنقلهم إلى مراكز الإقامة المؤقتة المجهزة مسبقاً بكل الخدمات الأساسية من أماكن سكن وإطعام ومركز صحي وغيرها.
وفي وقت لاحق مساء أمس نقل الموقع الإلكتروني لقناة «روسيا اليوم» بياناً لوزارة الدفاع الروسية أعلن أن 1092 مدنياً خرجوا أمس من الغوطة الشرقية مستخدمين معبر مخيم الوافدين.
وأشار إلى أن المدنيين بدؤوا يعودون إلى بلدتي سقبا وكفر بطنا المحررتين، وأن عناصر الجيش الروسي يقدمون وجبات غذاء ساخنة وماء، والخدمات الطبية اللازمة لهم، موضحاً أن عدد الذين خرجوا من الغوطة الشرقية منذ بدء الهدنة الإنسانية من جميع الممرات حتى يوم أمس بلغ 106182 شخصاً.
وفي تطورات ملف المخطوفين وفيما تنتظر آلاف العائلات مصير أبنائها المحتجزين لدى «جيش الإسلام» فيما يعرف باسم «سجن التوبة» بدأت الميليشيا سيناريو مصوراً لإخفاء جرائمها بحق عدد من المخطوفين.
وأعلنت وسائل إعلام مقربة لـ«جيش الإسلام» السبت، مقتل مختطفات لديه من مدينة عدرا العمالية بقصف جوي روسي على مدينة دوما، على حين ظهر بعض المختطفات الناجيات بفيديو مصّور قالوا فيه إنهن خمس نساء فقط خرجن من تحت مبنى مدمر استهدفته طائرات مروحية يوم 19 آذار الجاري، على حين استشهدت اثنتان وفقدت امرأة مسنة ورجال وأطفال تحت الأنقاض وما زال البحث جارياً عنهم حسبما ظهر في الفيديو.
وأشارت النساء المختطفات لإصابتهن بالجروح كما قالت واحدة منهن إنها تتقيأ دماً.
وأبلغت المختطفات أهاليهن باتصال هاتفي نبأ مقتل الفتاتين وعدم العثور على جثث باقي المفقودين بسبب كثافة القصف الجوي لقوات النظام وروسيا.
وسبق أن وضع «جيش الإسلام» في عام 2015، المختطفين والمختطفات في أقفاص من حديد وتجول بهن في الغوطة لإجبار قوات الجيش العربي السوري على وقف قصف المسلحين.