«الأجوف» رسالة مسرحية تفاعلية بين الخشبة والطفل
| الحسكة – دحام السلطان
العرض المسرحي «الأجوف» جديد فرقة المسرح القومي بالحسكة، أخذ في مضمونه الذي استضافته خشبة الثقافة بالحسكة على مدار الأسبوع الماضي، رسالة أو مجموعة من الرسائل وُجّهت بشكل مباشر إلى الطفل، واتسمت بصيغة الطابع الغنائي، باعتباره الأسلوب المحبب والمشوّق والأكثر رغبة لدى الطفل، حيث جاء العرض ضمن أسلوب وفي قالب كوميدي بصيغة المرح المبسّط.
حيث بيّن كاتب النص والمشرف على العمل المخرج المسرحي الفنان إسماعيل خلف مدير المسرح القومي بالحسكة: أن فكرة العرض تتحدث عبر حكاية بسيطة تناولت مفهوم الذكاء بمنظاره الكلي والعام ومن ثم تحليله، بعد أن انحرف عن مساره الصحيح واتجه نحو مسلك الشر، وبالتالي هو ليس ذكاء بالمطلق، لأن النتائج والعواقب التي كانت تنتظره في نهاية الطريق ستكون وخيمة.
وأشار الخلف: إلى أنه تم استخدام الأغنية الراقصة والأقنعة لشخوص العرض كجزء أساسي من أساسيات العمل، والتي بدورها تمكنت من أن تحقق حالة مقنعة من التفاعل الجميل والمؤثر بين الخشبة والجمهور، والعرض في صيغته النهائية حقق نجاحاً جماهيرياً من خلال تجسيد الممثلين لمجموعة من الشخصيات التي أحبها وتعلق بها جمهور الأطفال، حيث جسّد باسل حريب شخصية الثعلب الماكر برشاقة وخفة، وجسّد عبد اللـه الزاهد شخصيتي الصياد والمهرّج ببراعة معتمداً على خبرته الطويلة في عالم المسرح، على حين عبد العزيز أملح جسّد شخصيتي القط والطبّاخ بأسلوب كوميدي جميل.
وأوضح كاتب النص: إن المسرح القومي بالحسكة أولى مسرح الطفل اهتماماً خاصاً خلال السنوات الفائتة، حيث قدم العديد من العروض المسرحية، التي كان آخرها «الزائر الغريب» الذي تزامن عرضه مع يوم الثقافة العالمي، واستطاع المسرح، أن يخلق طقساً مسرحياً اعتاد عليه الجمهور في الحسكة، وما يلفت النظر أن الحضور الجماهيري في أغلب الأحيان كان لا يقتصر على الأطفال فحسب، بل على الأسرة بمجملها.
وبيّن الفنان عبد اللـه الزاهد أن الشخصية التي لعبها في العمل، هي شخصية الصياد المهرج موضحاً: أن العمل يتحدث عن كيفية استخدام الإنسان للعقل وتسخيره لفعل الخير وتجنّب الشر، لافتاً: إلى أن النص قريب للمسرح التعليمي، وقد حاولنا قدر الإمكان التقرّب إلى ذهنية الطفل من خلال الغناء والكوميديا ومشاركة الأطفال وتفاعلهم مع العرض، والنزول إلى مستواهم الذهني والعمري والرقص معهم، وأكد الزاهد: أنه من خلال مشاركته في أعمال الأطفال، فإن العملية كانت ممتعة جداً ومرهقة في الوقت نفسه، وخاصة بعد انقطاعي عن المسرح لأكثر من خمس سنوات، حيث وجدت المتعة فيها كبيرة من خلال التواصل مع الأطفال واللعب معهم لإيصال الفكرة إليهم بشكل بسيط ومقبول وممتع وفق إطار فني مدروس، حيث تركت بالغ الأثر الكبير في استقطاب الأطفال للمسرح وخاصة في سنوات الحرب على سورية.
وقال الفنان عبد العزيز أملح: لقد أديت دور شخصيتين في العمل، وكل منهما يختلف عن الآخر، فالشخصية الأولى هي شخصية حيوانية كرتونية «القط»، وشخصية مكتوبة بطريقة جميلة وسلسة عملت عليها إلى أن أصبحت أكثر سلاسة لدى الأطفال، على حين الشخصية الثانية هي شخصية إنسانية بدور «الطباخ» وهي شخصية حلوة بسيطة مرحة ذات طابع «كركتر» كوميدي محبب لدى الأطفال. والشخصيتان وأثناء وجودهما في سير العمل المسرحي يلتقيان مع الثعلب الماكر والمخادع، فعندما يحاول القط أن يشرب من الماء من الجدول عند شعوره بالعطش يحاول الثعلب أن يمنعه بحجة أن هذا الجدول ملكه فلا يسمح له بالشرب إلا بعد أخذ صرة الكعك التي بحوزته، وكذلك الطباخ الذي يبحث عن صياد السمك ليلتقي به الثعلب ويعطيه السمك ويقوم بطبخه بعدها يفكر بكيفية أخذ الطبخة فيجد حجة كسر السكين هي الأنسب ويأخذ الطبخة من الطباخ! وحاولت طوال فترة العرض أن أرسم الفرحة على وجوه الأطفال، وأعتقد أن الرسائل التي أرسلناها للأطفال وصلت إليهم بنجاح بدليل تفاعل الأطفال مع العرض المسرحي ومع الممثلين.
وبيّن مخرج العمل الفنان باسل حريب، الذي لعب دور شخصية الثعلب، حيث قال عنها:
إنها الشخصية التي تجسّد المكر والدهاء والطمع، فكانت شخصية انسيابية تفاعل معها الأطفال على الرغم من سلبيتها، فكان يخدع شخوص المسرحية الأخرى بمكره ودهائه، فيسلبهم ما يملكون كنتيجة طبيعية لطمعه بامتلاك كل شيء عند الآخرين.
وأوضح حريب: إن ما لاحظته أن الأطفال كان لديهم وعي مسرحي جميل، فعلى الرغم من أنهم تفاعلوا مع شخصية الثعلب وأحبوها، إلا أنهم بالمقابل كانوا غير موافقين على السلوكيات السلبية فيها، ومع ذلك فقد اقتدوا بباقي الشخصيات في المسرحية بمسامحتهم للثعلب في نهاية العمل،
وهذه هي رسالتنا التي أردنا إيصالها إليهم في نهاية العرض، وهذا العمل وكل الأعمال المسرحية نحن في حقيقة الأمر نقدم فكرة وعبرة ممزوجة بالبسمة، وبهذه الطريقة نستطيع أن نغرس في الأطفال القيم النبيلة، ومن هنا فإن مهمة الفن عموماً والمسرح خصوصاً، ليست للتسلية والترفيه فقط، بل هي غرس هذه القيم، وتربية الجيل الواعد تربية تساعد على نمو المجتمع والنهوض به إلى أعلى المراتب السامية.