عضو المكتب التنفيذي لاتحاد علماء بلاد الشام الشيخ كميل نصر لـ«الوطن»: نحتاج إلى هيئة للنزاهة ومكافحة الفساد
| السويداء- عبير صيموعة
رأى عضو المكتب التنفيذي لاتحاد علماء بلاد الشام والرئيس الفخري لجمعية ملتقى الأسرة السورية الكاتب والباحث الديني والاجتماعي الشيخ كميل نصر أن حب القوة عندما يتغلب على قوة الحب فان الفساد حاصل لا محال، وعندما تتغلب قوة الحب على حب القوة يسود السلام، وعند القيم والمحبة ينشأ النسيج الاجتماعي، وأول شيء يأتي هو حق كل كائن بشري في الحياة والحرية والأمن، وحقه في المحاكمة العادلة وحمايته من العبودية ومن الاعتقال، إضافة إلى حقه في حرية الفكر والديانة وممارسة الرأي والتعبير عنه وحقه في التجمع والتنقل وحق الشخص في العمل والأجر العادل وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية وتشكيل الجمعيات والانضمام إليها.
جاء ذلك في حديث خاص لـ«الوطن»، بيّن فيه أنه في هذا العصر «المتهافت خلقياً نرى أن فكرة حقوق الإنسان قد اكتسبت قوة جديدة من خلال الهيمنة الأمريكية المغلفة بغلاف إنساني، لا يمكنه الصمود أمام أي اختبار حقيقي، هذا إضافة إلى أن مضمون حقوق الإنسان كما هو وارد في المواثيق الغربية والدولية ليست حقوق إنسان، إنما هي حقوق مواطن، ونحن نعرف أن الغاية الأساسية هي تحرير الإنسان الذي هو أكرم المخلوقات، إذ جعله الله خليفته في الأرض وزوده بالعقل وأراد من خلال الإسلام ونظمه ومبادئه تحريره وحمايته وتكريمه، فالإسلام بهذا المعنى ينظر إلى الحقوق باعتبارها ضرورات فطرية بل واجبات، فالطعام والملبس والمسكن والأمن وحرية الفكر والاعتقاد والتعبد والتعلم والمشاركة في صياغة النظام العام للمجتمع والمراقبة ومحاسبة أولياء الأمور؛ واجبات لا يجوز إهمالها، ولا يجوز لأحد أن يحول بين الإنسان وبين قيامه بهذه الواجبات والحقوق».
وأضاف: «إن هذه الحقوق ليست هبة من مخلوق يعطي من شاء ويمنع متى شاء، بل الله سبحانه وتعالى هو الذي أمر بها، فهي لأجل ذلك ثابتة ودائمة، فالاستناد إلى شريعة الله الذي يرفع من قيمة هذه الحقوق المستمدة منها ويجعل الالتزام بها طاعة له ما يكسبها قداسة تمنع المؤمنين من تجاوزها».
واستتبع قائلاً: «لتدرك السعودية وقطر وتركيا هذه الشريعة، فهذا بحد ذاته يفرض منهجا مختلفا في التعامل مع مسألة حقوق الإنسان، بمعنى لابد من تربية الإنسان الفرد والجماعة والسلطة على احترام هذه الحقوق بما يكفل قوة تأثيرها في الفرد والمجتمع والسلطة من خلال الإسلام ومبادئه ونظمه، لأن الله سبحانه وتعالى بعدله ورحمته لا يمهد للإنسان وسائل خلاص تتخطى مقدرته على فهمها».
حول الفساد
رأى الشيخ نصر أننا بحاجة إلى «إستراتيجية تستند إلى ميثاق النزاهة الوطنية، وهذا يعني تشكيل هيئة اسمها «هيئة النزاهة ومكافحة الفساد» من اجل الارتقاء في الأداء وتعميق الحس بالمسؤولية وتكثيف الجهود في محاربة آفة الفساد وتجفيف منابعه».
وبيّن أن الفساد ذو مفهوم مركب، له أبعاد متعددة، وتختلف تعريفاته باختلاف الزاوية التي ينظر من خلالها إليه فيعد كل سلوك انتهك أيا من القواعد والضوابط التي يفرضها النظام؛ فساداً، وكل سلوك يهدد المصلحة العامة، وكذلك أي إساءة لاستخدام الوظيفة العامة لتحقيق مكاسب خاصة؛ فهو فساد، «ولم يعلموا أن الحياة الكريمة قد أثبتت أن المال بالطريقة غير المشروعة هو رأسمال منحط وسافل وقذر، ونحن نعرف بان كل أنواع الأنظمة السياسية معرضة للفساد السياسي الذي تتنوع أشكاله، وأكثرها شيوعاً هو المحسوبية والرشوة والابتزاز، وممارسة النفوذ والاحتيال ومحاباة الأقارب».
مؤكداً أن مكافحة الفساد بكل أشكاله تبدأ بتطويقه وعزله ومنع انتشاره والحدّ من آثاره، والمحافظة على الموارد الوطنية من خلال تفعيل منظومة النزاهة الوطنية وترسيخ قيم النزاهة ومعايير السلوك الفردي والمؤسساتي، وتأصيل قيم الحكومة الرشيدة وسيادة القانون والشفافية والمحاسبة والمساءلة والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص.
ويختم الشيخ نصر متسائلاً: «إلى متى سيبقى المسلمون يكفّرون بعضهم بعضاً ويقتل بعضهم بعضا؟ وهل حقاً الجنة هي حكر على طائفة او مذهب او دين؟ إنه لشيء يدعو للخوف ان يحتكر الدين من أشخاص يعتبرون أنفسهم أصحاب الحكم على الأعمال الصالحة والطالحة، وإنه لشيء يدعو إلى الرعب، وأي رعب أعظم للنفس من محاولة إقصاء الإنسان عن معرفة هوية الذات اللطيفة في ذاته، إن أحاديث هؤلاء كارثة إن تم تصديقها لأنها توابيت للعقل، ونحن نرى الغرب يمارس أقبح الأفعال سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، والتي تنال من كرامة وحرية حقوق الإنسان قال تعالى «ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها» سورة الأعراف 56».