من دحر الإرهاب إلى دحر الاحتلال
| رزوق الغاوي
تحضيرات أميركية لإقامة كيان انفصالي مسلوخ عن الجسد الوطني السوري قوامه تعاون بين واشنطن و«قوات سورية الديمقراطية – قسد» وتنظيم داعش في مناطق الشرق والشمال السوريين، تلك التحضيرات ترافقت وتوافقت مع تصريحاتٍ لوزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس التي أشار فيها إلى أن القوات الأميركية لا تعمل على الانسحاب من سورية، لافتاً إلى وجود قوات فرنسية خاصة إلى جانب القوات الأميركية التي تحتل مناطق تقع في الشرق والشمال السوريين.
فضلاً عن أن التحضيرات آنفة الذكر، تدحض عبر معطياتها المزاعم الخاصة حول وجود أية نيّة لواشنطن لانسحاب أميركي وشيك من تلك المناطق، على الرغم من تصريحات أميركية حول ذلك، تؤكد تلك المعطيات أن مهمة التحالف الذي تقوده واشنطن تقتصر على دعم جميع الإرهابيين بعد أن ساعدت داعش وقيادته بإخراجهم من الرقة إلى دير الزور لمحاربة الجيش السوري ومهاجمته في جبل الثردة في نهاية عام 2016 وصولاً إلى تشكيل قوات تأتمر بأوامر واشنطن في تلك المناطق، ورصد ميزانية مقدارها مليار دولار لتنفيذ برنامج وضعته واشنطن باسم «برنامج تدريب سوريين وتزويدهم بالعتاد والسلاح» بغية خلق جبهة مشتركة بين التحالف الغربي وداعش وقسد، تُمَكِّنُ واشنطن من إقامة مؤسسات إدارية يمكن الاعتماد عليها كبديل عن المؤسسات الوطنية السورية في كيان انفصالي في المناطق التي تحتلها القوات الأميركية، والتي شهدت في هذه الآونة دخولاً عسكرياً فرنسياً على الواقع الراهن في تلك المناطق، وخاصة التي تحتضن حقل كونيكو النفطي.
في ظل هذه المعطيات التي لا تزال موضع اهتمام أوساط سياسية وإعلامية مختلفة ترى أن واشنطن تنوي البقاء في سورية والسيطرة على المناطق المتاخمة للحدود مع العراق والمحافظة على وجود تنظيم داعش إلى جانبها ورعايته، كما ترى أن واشنطن بصدد توسيع نطاق وجودها غير الشرعي، من خلال إقامة قواعد عسكرية جديدة ما يؤكد عزمها على مواصلة احتلالها لتلك المناطق، لافتة إلى أن ريف منبج الشمالي يعيش في ظل وجود ثنائية عسكرية أميركية فرنسية قابلة للتوسع، في تناقضٍ صريح مع ما تعلنه إدارة دونالد ترامب بين حينٍ وآخر بشأن عزمها على مغادرة الأراضي السورية في وقت غير بعيد.
لقد بات واضحاً أن واشنطن تعمل على خطين، سياسي وعسكري، الأول عبر تصريحات المسؤولين الأميركيين المحرضة على تقويض كل جهد سياسي لحل المسألة السورية وفق تطلعات الشعب السوري الوطنية والسيادية، والثاني عبر ممارسات التحالف الدولي المناهضة للسيادة السورية على كامل التراب الوطني السوري، والرامية إلى خلق واقع جغرافي ينال من هذه السيادة، عبر ترسيخ وجوده في مناطق شرق الفرات بما يتعارض مع تفاهمات أستانا.
بعيداً عن بعض التفاصيل والجزئيات التي تحيط بآخر تطورات الوضع في الساحة السورية، نتوقف عند ما يجب على سورية فعله لمواجهة ما تبيته الإدارة الأميركية وعملاؤها من نيات عدوانية ضد سورية والشعب السوري جراء احتلال الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والعدو الصهيوني وتركيا لأجزاء عزيزة على قلب كل سوري، ولاشك أن قواتنا المسلحة السورية التي استطاعت مواجهة شراسة الهجمة الامبريالية الصهيونية الرجعية العربية بقوة وعزم واقتدار، وتمكنت خلال سنوات الأزمة، من الانتقال من حالة الصمود في وجه تلك الهجمة، إلى حالة التقدم ودحر العصابات الإرهابية في معظم الأرجاء السورية، مكتسبة خبرات قتالية رفيعة المستوى تمكنها من مواجهة جميع القوى الغاشمة التي استباحت في عدوانها بعض ترابنا الوطني، سواء كانت تلك القوى أميركية أم فرنسية أو تركية أو صهيونية أو تنظيمات إرهابية، والتاريخ النضالي للشعب السوري خير شاهد على ذلك.