بحارون بشهادات وهمية … مكاتب غير مرخصة تبيع شهادات بحرية دون دورات تدريبية تكلف 5000 دولار وشهادات مؤسسة التدريب والتأهيل البحري أقل بـ 50 بالمئة
| الوطن
كشف مدير المؤسسة العامة للتدريب والتأهيل البحري محمد الأحمد عن وجود مكاتب خاصة غير مرخصة في الساحل السوري وخاصة في محافظة طرطوس تقوم ببيع شهادات بحرية أهلية باسم دول المنفعة (بنما، تنزانيا، جورجيا، أوكرانيا، هندوراس وغيرها….) لأشخاص غير مؤهلين ودون اتباعهم لأي دورات تدريبية، وحتى من دون وجود الشخص نفسه بموجب صورة عن جواز السفر الخاص بالشخص الذي يريد اقتناء هذه الشهادة بقصد السفر عبر البحر أو للعمل من خلالها، لافتاً إلى أن هذه المعاناة مستمرة منذ عدة سنوات وحتى الآن.
ووصف الأحمد هذه الظاهرة بالمدمرة، مشيراً إلى وجود أكاديميات غير قانونية تسببت باعتياد الناس على شراء شهادة من دون شروط أو تدريب وكيفما اتفق والاستباحة للشهادات وحصول الكثيرين على شهادة بحرية أهلية من دول يصعب إيجادها على الخريطة ومعترف عليها في بلده ما تسبب بتراجع الإقبال على الشهادات السورية، وذهاب مبالغ هائلة لجيوب سماسرة هذه المكاتب وغيرهم دون رقيب.
وحمل الأحمد هذه المكاتب السبب في تأخر إحداث معاهد وأكاديميات بحرية سورية لسنوات وبأن كل من يعمل الآن في هذا المجال غير شرعي ويحارب الشهادة السورية ويساهم مع دول المنفعة تلك بعدم الاعتراف بالشهادة السورية.
وبيّن الأحمد أن العلاقات بين سماسرة المكاتب وملّاك السفن تجعل الناس مغشوشة بهذه المكاتب وأن هنالك الكثير من السفن التي يعمل على متنها حملة هذه الشهادات المزورة على حد تعبيره موضحاً أن كلفة الشهادات الصادرة عن مؤسسة التدريب والتأهيل البحري أقل بنسبة 50 بالمئة عن الشهادات التي يتم شراؤها بلا أي مؤهل بحيث تصل سعر الشهادات مثلاً في الأكاديميات العربية (مصر – لبنان – الأردن) بين 5000 إلى 9000 دولار من دون نفقات الإقامة والنقل إلى تلك الدول، بينما أجور دورة ضابط نوبة ملاحية أو ضابط نوبة هندسية في مؤسسة التدريب هي مليون وخمسمئة وثلاثون ألف ليرة سورية فقط لا غير أي ما يعادل 3000 دولار متضمنة التدريب ومنح الشهادات الخاصة بهذا المستوى وفق متطلبات تعديلات مانيلا للاتفاقية الدولية stcw78 وهو ما لا تقدمه الأكاديميات البحرية في الدول المجاورة.
وأوضح الأحمد أنه وبعد القانون 34 الذي صدر في تاريخ 30/10/2017 والقرار الوزاري 1480 بتاريخ 13/11/2017 الخاص بتطبيق الاتفاقية ومنح الشهادات أوقفت المديرية العامة للموانئ الاعتراف بتلك الشهادات غير القانونية منذ نهاية عام 2017، مبيّناً أنه في الفترة من 2002 و2012 لا وجود لشهادات إلا من تلك المكاتب التي كانت تعمل من دون ضابط قانوني للسفر في البحر وبأن هنالك الكثير من الذين يعملون على السفن بموجب هذه الشهادات على اعتبار أن سورية كانت تعترف بها بسبب عدم وجود البديل منها حتى نهاية عام 2017.
وأبدى الأحمد استغرابه من أن المركز التدريبي السوري كان مجهزاً منذ عام 2005 وتأخر افتتاحه لغاية 2011 موضحاً أن سبب عدم فاعلية مؤسسة التدريب البحري طوال السنوات السابقة تتحمله إدارات الموانئ والوزارة السابقة منذ عام 2005 على الأقل لغاية عام 2010.
بدوره مدير التفتيش البحري في المديرية العامة للموانئ علاء صقر أشار إلى أن هذه الشهادات يشتريها الناس من دون الخضوع لدورات تدريبية مشيراً إلى أن هذه الشهادة لا يمكن القول عنها إنها مزورة ولكن يمكن القول عنها إنها وهمية أو شكلية وبأنه كان اللجوء إليها بكثرة سابقاً بسبب عدم وجود الشهادات السورية آنذاك، ضارباً على ذلك مثالاً: هنالك شهادات صادرة من دولة بَنما فعند الرجوع إلى قاعدة البيانات من دولة بنما ومن خلال التحقق نجد بأن هذه الشهادة فعلاً مسجلة ولها رقمها في تلك الدولة، لافتاً إلى أن المشكلة الأساسية بهذا الموضوع أن هذه الشهادات تأتي عن طريق مكاتب وساطة هنا في سورية من دون اتباع دورات تدريبية، مؤكداً أنه عند بدء العمل على الشهادات السورية وخاصةً صدورها في عام 2017 بشكل موسع بدأ عدم الاعتراف بتلك الشهادات بناءً على القرار الوزاري.
وعن الإجراءات المتخذة بحق هذه الشهادات بيَّن صقر بأنه تم إصدار تعميم للموانئ السورية بعدم قبول أي شهادة إذا لم تكن صادرة عن السلطات البحرية وبمنع قبول سفر أي أحد من البلد إذا كان حاملاً لتلك الشهادات المخالفة موضحاً أن هنالك حالات ممكن أن يسافر حامل هذه الشهادة عن طريق ميناء بيروت أو طرابلس أو أي من الموانئ غير السورية وبهذه الحالة لم يعد لهم سلطة بهذا الشأن، لافتاً إلى أن أهم إجراء تم اتخاذه بحق هذه المكاتب فَرض غرامات مالية عليهم في عامي 2014 و 2015 بقيمة 25 ألف ل.س لحوالى 3 مكاتب، موضحاً أن هنالك دولاً مثل مصر لم تعد تقبل بهذه الشهادات بحيث احتجزت المسافرين السوريين حاملي الشهادات البحرية غير السورية في المطار وأعادتهم إلى سورية.
وأشار صقر إلى أن حاملي تلك الشهادات الوهمية لا يعملون الآن على السفن السورية منوهاً بأنه لا يوجد هنالك عدد كاف من السفن السورية فقط 3 سفن تعمل بالعلم السوري تابعين للمؤسسة السورية للنقل البحري موضحاً وجود الكثير من السفن غير تابعة للقطاع العام ومالك السفينة سوري الجنسية يعمل تحت علم دولة أُخرى وبأنه يحق لمالك هذه السفينة بالطلب من البحارة التابعين لسفينته باقتناء شهادة من دولة أُخرى فيضطر البحارة لشراء هذه الشهادة من تلك المكاتب مبيناً أنهم كسلطة بحرية لا يستطيعون فرض أي شيء عليهم لأن السفينة ترفع علم دولة أُخرى وبالتالي قوانين هذه السفينة تتبع لتلك الدولة.
وأكد صقر أنه اليوم الكثير من دول العالم أصبحت تعترف بقيمة الشهادة السورية وأصبحت تطالب من كانت جنسيته سورية بامتلاك شهادة سورية نظراً لموثوقيتها.
وأوضح صقر أن المؤسسة حققت إيرادات كبيرة لهذا العام وأصبحت قادرة على اقتناء تجهيزات ملائمة وبأن هنالك أجهزة قديمة فيها تحتاج إلى تحديث، لافتاً إلى أن مؤسسة التدريب الآن ينقصها ملّاك عددي فلا يوجد فيها عدد كاف من الموظفين.