نعم، الإنسان الكهربائي، وطبعاً لا أقصد الإنسان الآلي أي (الروبوت)، وقبل أن أشرح قصدي أرجو ألا يفهم كلامي على أنه اتهام لأي كان، فأنا أتحدث عن تجربتي الشخصية التي قد يشاركني فيها آخرون!
تجربتي، أو مشكلتي هي أنني أعاني شللاً كلياً بمجرد انقطاع التيار الكهربائي! وما أقوله ليس من قبيل المبالغة اللغوية أو اللفظية، وإليكم ما يحصل معي في اليوم الواحد عدة مرات: مع انقطاع التيار الكهربائي الذي يحدث أحياناً أتوقف عن الكتابة والأكل والشرب والتنظيف والاستحمام وكل شؤون الحياة اليومية.
أما التوقف عن الكتابة فذلك أنني استبدلت منذ زمن بالورقة والقلم جهاز الحاسوب (الكومبيوتر) الذي يوصل كلماتي لكم، وأما بالنسبة للطعام والشراب، فذلك لأن السيدة حرمنا امتنعت عن استخدام الغاز (إلا للضرورة القصوى) لتوفير أسطوانة الغاز التي بذلنا جهوداً جبارة ومارسنا رياضة الجري والقفز للحصول عليها، لذلك ننتظر الكهرباء لعمليات «الطبخ والنفخ!» حتى إنني ممنوع من القهوة ما دامت الكهرباء منحازة لأحياء دون أحياء، وللمدينة دون الأرياف، وهذا أمر عادي في ظل مبدأ الخيار والفقوس!
وبقية أمور البيت الأخرى لا حاجة لتعدادها، فكل الناس يعرف أن لا شيء يمكن إنجازه من دون الكهرباء، ولم تعد نظرية شويكار في مسرحية «أنا فين وأنت فين» عندما تقول لفؤاد المهندس: «كهربني وأنا أغسلك» ممكنة، فإذا كانت بعض الأمهات والجدات تغسل يدوياً وبالصابون الأخضر في ذلك الزمن، فإن هذا شبه محال حالياً، وإن كنا نتمنى أن يعود ذلك الزمن، أو الزمن الجميل في كل شيء من الطرب والفن والأدب والشعر وصولاً إلى أحوال السوق والأسعار الرخيصة جداً.
وهكذا اكتشفت أنني إنسان كهربائي، كل شيء في حياتي مرتبط بالكهرباء، لا أستطيع فعل أي شيء من دون مساعدة التيار الكهربائي، لذا وجدت أن الحل في النوم، وبذلك أعوض كل ليالي السهر طوال حياتي.
لكن هذا الحل سيجعلني اعتاد الكسل والخمول مع كل ما يتبع ذلك من سمنة وزيادة وزن وأمراض، فقررت اللجوء إلى محضري الأرواح لاستحضار روح المغفور له توماس أديسون مخترع الكهرباء لسؤاله عن حل للحال الذي وصلنا إليه.
لكننني أصبت بخيبة أمل كبرى، إذ رفض السيد أديسون واستنكر أسئلتنا قائلاً: لقد أصبحتم في القرن الحادي والعشرين ومازلتم تعانون أزمة كهرباء وغاز وبنزين ومازوت وسعر كيلو الباذنجان بتسعمئة ليرة، والكوسا بستمئة والفليفلة بثمانمئة، وأنا بصراحة – والكلام للسيد أديسون– اخترعت المصباح الكهربائي منذ نحو مئة وأربعين عاماً لأنير البيوت والشوارع، فهل يعقل أن توجهوا لي أسئلة حول التيار الكهربائي بعد كل تلك السنوات؟
لكنني اكتشفت السر الحقيقي لرفض أديسون الإجابة عن أسئلتنا، فهو باعتباره أميركياً، قطع عهداً للرئيس دونالد ترامب بالتزام السياسة الأميركية تجاه سورية والمساهمة في العقوبات التي فرضتها واشنطن على دمشق.
ولأننا عدنا إلى نقطة الصفر قررت أن أبحث عن الحلول بنفسي مستعيناً بالإغريق الذين تقول كتب التاريخ إنهم كانوا أول من اكتشف الكهرباء في العام 600 قبل الميلاد، وأرجو ألا يكونوا ملتزمين بالعقوبات الأميركية!