كيف جفت بحيرة المزيريب وأين اختفت مياهها … وزير الموارد المائية: الظاهرة قيد الرصد وهناك حالات مشابهة مثل جفاف بحيرة رأس العين بسبب الآبار
| عبدالهادي شباط
يمثل جفاف بحيرة المزيريب مؤخراً ظاهرة غير اعتيادية ليس هناك ما يبررها مناخياً وخاصة أن الهطلات المطرية في الشتاء الماضي حققت معدلات مرتفعة وهو ما يحفز على طرح جملة من الأسئلة عن سبب جفافها بهذه السرعة، لتتحول من مقصد سياحي مهم تجوبه القوارب والزوارق وتنعقد حوله حلقات الغناء والطرب إلى شبه مستنقع جاف وبائس فيه بعض القوارب المركونة بالطين وبعض الأسماك التي مازالت تصارع الموت على حين وجد الأطفال في المساحات القاحلة منها ملعباً لكرة القدم، وأين الجهات المعنية من ذلك؟ وما الإجراءات التي يتم العمل عليها لمعالجة هذه الظاهرة؟
في البداية اتصلت «الوطن» مع مدير الموارد المائية في درعا محمد منير العودة وأدارت معه حديثاً مطولاً حول الموضوع بين فيه أن الأسباب المباشرة لجفاف البحيرة هو حفر الآبار غير المرخصة وخاصة في محيط منطقة البحيرة الأمر الذي استنزف مصادر تغذيتها إضافة إلى الاستجرار المباشر للمياه من البحيرة من المزارعين في الحقول المجاورة بوساطة مضخات الديزل إلى جانب عوامل التبخر الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة.
وكشف المدير عن 3300 بئر ماء مخالفة في درعا معظمها تم حفره خلال السنوات الماضية واستغلال الظروف الأمنية التي كانت تسود المنطقة، وفي حال إضافة 4 آلاف بئر مرخصة في درعا يصبح الرقم الإجمالي لعدد الآبار يتجاوز 7 آلاف بئر وهو رقم كبير ويفوق الوارد المائي للمحافظة، الأمر الذي أسهم في انخفاض منسوب المياه الجوفية بين 10-15 م مؤخراً وهو مؤشر غير جيد.
وبالعودة للبحيرة بيّن العودة أن مديرية الموارد المائية كانت تتنبأ بحدوث مثل هذه الظواهر من الجفاف في البحيرة وفي عموم أراضي المحافظة منذ نهاية القرن الماضي بسبب تراجع معدلات الهطل السنوي والارتفاعات الحرارية الحاصلة بسبب تبدلات المناخ والتوسع في استهلاك المياه خاصة لأغراض الزراعة.
مبيناً أن بحيرة المزيريب ترتفع نحو400 م عن سطح البحر وتمتد على مساحة 105 آلاف متر مربع وهي من أهم المجمعات المائية في المحافظة وتمثل أحد مصادر مياه الشرب حيث تعمل مؤسسة المياه على استجرار كميات منها لتأمين مياه الشرب وذلك حسب وفرة المياه في البحيرة.
وتوقع المدير أن تعود البحيرة لما كانت عليه مع شهري شباط وآذار في الشتاء المقبل حيث تنتهي عمليات سقاية المحاصيل الزراعية مع نهاية شهر أيلول وتبدأ الهطلات المطرية مع شهر تشرين الأول.
وعن الإجراءات التي تعمل عليها المديرية للتعامل مع ظاهرة استنزاف المياه الجوفية عبر حفر الآبار بطرق عشوائية ومن دون رخص وموافقات لتنظيم وضبط هذه الظاهرة، بيّن أن المديرية تنسق مع الجهات المعنية في متابعة ورصد هذه الظاهرة وبحث الإجراءات الممكن العمل عليه للحد من هذه الظاهرة وحماية منسوب المياه الجوفية.
بدوره مدير الزراعة في درعا عبد الفتاح الرحال بين أن خطط الزراعة التي تنفذها مديرية الزراعة تتوافق مع القدرات المائية المتوافرة وتكون بناء على دراسات ومؤشرات تستند إليها المديرية على حين لا تعمل المديرية على التخطيط لأي مساحات زراعية تعتمد على آبار مخالفة، وأن معظم المساحات المزروعة في محيط البحيرة تقوم على آبار مخالفة وهي زراعات غير مخططة وخارج الخطة الزراعية.
وللتوسع حول الموضوع اتصلت «الوطن» مع وزير الموارد المائية حسين عرنوس فبين أن ظاهرة جفاف بحيرة المزيريب ليس الوحيد على مستوى القطر وهناك حالات مشابهة لذلك مثل غور مياه بحيرة رأس العين في الخابور بسبب كثرة حفر الآبار في منطقة الحوض المغذي لها، وأنه بالعموم رغم الهطلات المطرية الوفيرة للموسم الفائت إلا أن السنوات العشر الماضية حملت تراجعاً واضحاً في إجمالي الهطلات المطرية وتعويضها يحتاج لأكثر من عام.
وعن التعامل مع ظاهرة حفر الآبار غير المرخصة بيّن الوزير أن هناك متابعة دقيقة من الوزارة لهذه الظاهرة، مضيفاً: تم رصد كل الآبار التي تم حفرها خلال السنوات الماضية من دون تراخيص وموافقات تسمح بذلك، وحالياً تنتهج الوزارة الحوار مع الفعاليات الشعبية لزيادة الوعي بخطر هذه الآبار على مناسيب المياه الجوفية والمشكلات التي قد تتسبب بها وأنه سيكون هناك معالجات وفق رؤية الوزارة وبالتوافق مع التوجهات الحكومية.
يشار إلى أن بحيرة المزيريب تتغذى من ثلاثة ينابيع، فيما تزود بالمياه بلدتي المزيريب واليادودة وأحياء درعا البلد وضاحية درعا، وتعتبر البحيرة من أهم المناطق السياحية وأكبر المسطحات المائية في المنطقة الجنوبية، وتتشكل من جريانها شلالات تل شهاب الشهيرة بارتفاعها وآثارها التاريخية.