عرض «درس قاسي» ساهم في تعزيز مهاراتي … أوس وفائي لـ«الوطـن»: قالوا: نجدت أنزور مخرج قاس.. وبمشاركتي لمست احترافيته واهتمامه بحرية الممثل
| سوسن صيداوي
عمر فني قصير ولكن منذ عام 2017 وهو عام التخرج، أثبت جدارته والتزامه بموهبته عبر سعيه الجاد في لبس الشخصيات المطلوب تجسيدها، بين المسرح والسينما وأخيراً الدراما. رغم أنه يعتبر ارتداء الشخصية والعيش في عوالمها المختلفة أمراً ممتعاً وهي فرصة لاكتشاف حيوات الأشخاص، إلا أن الأمر ما زال مضنياً في خلع الشخصية بين الحين والآخر. هذا ما حدثنا به الممثل أوس وفائي – المشارك في مسلسل «كونتاك»، وعلى المسرح في المسرحيات: الصرخة، تواصل، المنتحر، وأخيراً مسرحية «درس قاسي». هذا ولمسرح الأطفال جانب من اهتماماته. ويُذكر أن له مشاركات دوبلاجية وإذاعية وفي أفلام سينمائية قصيرة. وأخيراً مشاركته في فيلم «دم النخل»، في حوار«الوطـن» ليعرفنا الممثل وفائي إلى جوانب كثيرة من شخصيته واجتهاده في مهنته التي اختارها. نترككم مع المزيد.
في العرض الثاني لمسرحية «درس قاسي» في مدينة السويداء.. ماذا اكتسبت.. وماذا أضاف لمهاراتك؟
لقد كان العرض في السويداء رائعاً جداً من جهة تفاعل الجمهور معنا، فلقد نَسوا تماماً أن ما يتابعونه كان عرضاً مسرحياً، حتى شعرنا بأننا نقدم مسرحية شعبية وهذا التفاعل لمس قلوبنا.
ولكن هذا التفاعل إلى أي مدى أشعركم بالمسؤولية من حيث تقديم عروض مسرحية بكثافة وبأن تكون العروض على مستوى لائق؟
مما يبدو أن الجمهور متعطش للعروض المسرحية، والأجمل من هذا عودة نشاط المسرح وانتقاله لكل المحافظات، وبالفعل سنوّ الحرب أشعرت الجمهور بالشوق لمتابعة الحالة الثقافية، والأمر الأهم هو المتابعة من وزارة الثقافة ودعمها لهذه الحركة في كل الصعد الثقافية، فمثلاً على صعيد المسرح نحن سنقدم عرضَ «درس قاسي» قريباً في حمص.
لأدواتك كممثل… ماذا أضاف «درس قاسي»؟
لقد ساهم العرض في تعزيز ما امتلكته كممثل لكوني أراقب نفسي كثيراً، وعندما يُطلب مني تقديم أي شخصية، بالنسبة لي يكون هناك أمور مفهومة وهي بدهيات، ولكن -مثلاً- بالنسبة لشخصية الأستاذ إبراهيم، عندما قرأت وبحثت، أو عندما ذهبت لكلية علم النفس وجلست مع الطلبة والدكاترة في الجامعة وقرأت لفرويد ولكثيرين غيره، وجدت أموراً صدمتني كثيراً. بمعنى أنه مطلوب مني أن أعيش الشخصية-رغم أنني أحتاج وقتاً طويلاً كي أخرج منها – ربما يعود الأمر للوقت الكبير الذي أعزل نفسي فيه وأبحث ضمن مواصفات الشخصية المطلوبة ومفاتيحها كي أتمكن من تقديمها للجمهور بالطريقة الصحيحة والقريبة.
ولكن ألا ترى أنه أمر شائك أن تسيطر عليك الشخصية، وتحتاج وقتاً طويلاً كي تخرج منها؟
هذا الأمر صحيح ومتعب في الوقت نفسه، ولكن بصراحة أجمل شيء أن تعيش الشخصية داخلي وهي أهم من النجومية والشهرة الأخيرتين اللتين أعتبرهما تحصيل حاصل، فكل شخصية نقدمها تمنحنا أن نعيش ما تعيشه الشخصية الحقيقية، بمعنى.. تخيلي المتعة بأن أكون لفترة دكتور علم نفس على سبيل المثال، وفي فترة أخرى أن أكون شخصاً آخر. إذاً التمثيل فرصة لنعيش عوالم شخصيات متنوعة. وعن السؤال.. ما زلت أخطو في أول مشوار بداياتي وخلع الشخصية عني كي يكون بالأمر السهل يحتاج الاحترافية، وأظن أنني مع المراس وتنوع التجارب وغناها سواء بالمسرح أم السينما وحتى بالدراما في المستقبل سيكون الأمر أسهل، وما أعانيه في الوقت الحاضر سيزول، ولكن لابد من الإشارة إلى أن الأمر أصبح أسهل وخصوصاً أنني أراقب نفسي، وأصبح بمقدوري الفصل بين الواقع والتمثيل بشكل أسهل.
تمتلك خامة صوتية برزت خلال أدائك على الخشبة.. ما تعقيبك حول أهمية الصوت في الأداء المسرحي؟
من شروط المسرح أن يكون صوت الممثل واضحاً، ومن الضرورة بأن يكون قوياً كي يفهم الجمهور الحوار، وخصوصاً أنه لا يمكن استخدام الميكروفونات من أجل تحقيق الواقعية، ليس فقط من ناحية الصوت، بل أيضاً من حيث الإضاءة والديكور وكل التفاصيل التي تقرّبنا من الجمهور الذي يصدق ما يراه في كثير من العروض.
مروراً بالصوت.. لديك تجارب في الموسيقا والغناء حدثنا عنها… وهل من الممكن أن تصيبك بالشتت أو عدم التوازن بين هذه الأمور الإبداعية؟
منذ صغري كنت أرسم، وكان طموحي أن أكون فناناً تشكيلياً ولكنني ابتعدت ولن أتابع أبداً في هذا المجال. بعدها اكتشفت أنني أحب أن أغني، فدرست الغيتار والصولفيج وتقدمت إلى مسرح «الزهرواي» في حمص وتم قبولي، وبعدها بدأت بإعدادي كممثل، وأول دور قدمته في مهرجان مسرح حمص، طُلب مني أن أمثل وأغني، وأتذكر كانت الأغنية «يا رايح ع ضيعتنا» ومن هنا جاءت اهتماماتي بالغناء والتمثيل، وأحب أن أشير إلى أن صوتي متواضع وبحاجة إلى الكثير من التدريب، كما ونحن في سورية أقوى درامياً، لهذا أنا موجود في التمثيل المسرحي والدرامي وحتى السينمائي، والتمثيل هو ما جعلني أترك حمص وأستقر في الشام. وبالمقابل الإنتاج الموسيقي والغنائي شبه معدوم في سورية، وكي يصبح المغني نجماً عليه أن يذهب إلى لبنان أو مصر، وأيضاً لابد من الذكر بأن تجربتي الوحيدة في الغناء هي أغنية «حسّي المطر» التي جاءت بعد معاناة مريرة بالإنتاج والتنفيذ بسبب أوضاع الحرب، ففشلت الأغنية بكل المقاييس. وبالنسبة للشق الثاني من السؤال.. الغناء لا يصيبني بأي شتت لأنني قادر على الفصل بين الأمور، بمعنى عندما يكون لدي عرض مسرحي أبحث وأدرس الشخصية وأحاول دائماً تطويرها حتى في أثناء العرض، إذاً أنا أوازن ما بين يدي من إبداعات مطلوبة.
لننتقل إلى السينما… إلى فيلم«دم النخل».. ولنقف عند هذه التجربة أمام كاميرا المخرج نجدت أنزور.
كانت فرصة جميلة أن يختارني المخرج نجدت أنزور حتى لو كان الدور صغيراً، فالمشاركة بحد ذاتها تهمني. في الحقيقة سمعت الكثير عن المخرج أنزور بأنه مخرج قاس مع الكاست المشارك، ولكنني استمتعت بالمشاركة لبساطته ولاحترافيته العالية، بداية من الاهتمام بالممثل إلى الهدوء والدقة في أخذ اللقطات وتصوير المشاهد، وهذه أمور أقدسها وأحترمها وهي مطلوبة في مهنتنا وتعطي الممثل حقه كي يبدع، وكذلك أنزور لم يقيّدني بأي ملاحظة أو بأي شيء، بل طلب أن أجسد الشخصية كما أشاء وبالمساحة المطلقة من الحرية.
إذا عدنا لزمن الأبيض والأسود.. مع من تريد أن تمثل؟
لكوني أحب التمثيل والغناء أتمنى لو أكون مع عبد الحليم حافظ فهذا النمط يستهويني.
في الختام.. كلمة أخيرة حول الوضع الثقافي والفني
الأمور أصبحت جلية وواضحة وهي ذاهبة نحو التحسن الذي أتمنى أن ينعكس على كل الأمور في سورية وبكل المجالات بعد سني الحرب الصعبة. كما أتوجه بالشكر لوزارة الثقافة التي تابعت كل الأنشطة رغم كل التحديات والصعوبات خلال سني الأزمة ورغم الخطر الكبير، واليوم مع الاستقرار بدأنا نشاهد أعمالاً سينمائية ومسرحية، وعلى الخصوص درامية لائقة بنا رغم كل التحديات من حيث التسويق والعرض على الشاشات العربية… فأنا متفائل بالقادم.