بعد التقرير الذي أوردته في 24 الشهر الماضي، وأكدت فيه تلاعب منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بالتقرير النهائي حول الهجوم الكيميائي المزعوم في دوما في نيسان من عام 2018، كشفت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أمس عن وثائق جديدة تثبت تلاعب المنظمة بالتقرير النهائي حول الهجوم وإجراءها تغييرات كبيرة في أدلة المحققين الميدانيين، مشيرة إلى أن مسؤولاً رفيع المستوى في المنظمة أمر بإخفاء وثيقة مهمة تكذب المزاعم التي بثت حول استخدام الجيش العربي السوري للسلاح الكيميائي.
وقالت الصحيفة، حسب وكالة «سانا»: إنها حصلت على التقرير الداخلي الأصلي الذي أعده فريق تقصي الحقائق حول الهجوم الكيميائي المزعوم في دوما قبل أن يخضع لرقابة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وإجراء تعديلات كبيرة فيه، مبينة أن التقرير الأصلي يختلف بشكل كبير عن كل النسخ التي صدرت لاحقاً عن المنظمة بهذا الخصوص.
وأوضحت الصحيفة، أن التقرير النهائي للمنظمة يزعم وجود «أسس معقولة» لاستخدام غاز الكلور في دوما، لكن أحد المخبرين في المنظمة يؤكد زيف هذه المزاعم قائلاً إنه «تم العثور على كميات ضئيلة فقط من الكلور بأشكال يمكن أن توجد في أي منزل».
وأشارت الصحيفة إلى أن التقرير الأصلي لفريق تقصي الحقائق أبدى أيضاً وللمرة الأولى شكوكاً حول مصدر الأسطوانات التي استخدمت في الهجوم المزعوم في دوما، وبين أن الضرر البسيط الذي ظهر على هذه الأسطوانات لا يتسق مع مزاعم إسقاطها من الجو مقارنة مع الدمار الذي سببته بسقوطها فوق أسقف شيدت بالإسمنت المسلح، وشكك بمصدر الأسطوانة التي وجدت ملقاة على سرير في أحد المواقع من دون وجود أدلة على اختراقها السقف.
ولفتت الصحيفة إلى أن مسودة التقرير (..) تشير إلى عدم اتساق الصورة التي نشرت لضحايا الهجوم المزعوم مع المزاعم باستخدام غاز «السارين» الذي قيل أنه استخدم كما لم تظهر العينات المأخوذة من الموقع أي وجود لهذا الغاز.
وحول الأعراض التي ظهرت على ضحايا الهجوم المزعوم، أشارت الصحيفة إلى أن التقرير الأصلي شكك بارتباطها بمزاعم استخدام غاز «السارين» وهذا ما أكده خبراء في مجال السموم ممن استشارهم فريق تقصي الحقائق خلال زيارة له إلى ألمانيا في حزيران عام 2018، وخلص الفريق نتيجة لذلك إلى تفسيرين محتملين فيما يتعلق بصور الضحايا المزعومين «الأول هو أنهم تعرضوا لعنصر كيميائي آخر شديد السمية أدى إلى ظهور الأعراض التي لوحظت ولم يتم اكتشافه حتى الآن، أما التفسير الثاني فهو أن حوادث الوفاة نتجت عن حادث لا يتعلق بالمواد الكيميائية، وليس هناك دليل على وجود أي هجوم كيميائي أصلاً».
وقالت الصحيفة: إن التقرير الأصلي دعا إلى إجراء مزيد من الدراسات لإيضاح ما ورد فيه من شكوك ووقائع ليس لها تفسير منطقي وإحدى هذه الدراسات أجراها ايان هندرسون المفتش المخضرم في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والمهندس الكيميائي المختص ذو الخبرة العسكرية الذي زار موقع الهجوم المزعوم في دوما وشكك في مزاعم إلقاء أسطوانات الغاز من الجو.
وأضافت الصحيفة: إن هندرسون خلص في نهاية دراسته وبعد مشاورات مع خبراء آخرين إلى وجود «احتمال كبير بأن الأسطوانتين اللتين تم العثور عليهما وضعتا بشكل يدوي ولم يتم إلقاؤهما من الجو».
واعتبرت الصحيفة، أن ما يثير الدهشة أكثر من كل الحقائق التي ذكرت في التقرير الأصلي هو أفعال مسؤول كبير في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لم تعرف هويته حتى الآن لكنه يعرف باسم «فولديمورت» بين موظفي المنظمة (..)، لافتة إلى أنه هو من أمر بإزالة كل الآثار المتعلقة ببحث هندرسون وحذفها بشكل نهائي من الأرشيف.
وأوضحت الصحيفة أنها اطلعت على مذكرة داخلية في منظمة الأسلحة الكيميائية بينت أن عشرين خبيراً في المنظمة أعربوا عن قلقهم من أن التقرير النهائي الذي صدر لا يعكس وجهات نظر المفتشين الذين قاموا بزيارة موقع الهجوم المزعوم في سورية وشككوا بوجود تلاعب بالأدلة والمعلومات التي وردت في التقرير.
ولفت الصحيفة إلى أن أحد الخبراء ممن شاركوا في بعثة تقصي الحقائق وجه بدوره رسالة سرية إلى مدير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية فيرناندو إرياس، أكد فيها وجود خلل كبير في تقرير المنظمة النهائي وعدم اتساقه مع النتائج التي توصل إليها فريق المحققين، مؤكداً أن تقرير المنظمة لا يعكس وجهات نظر جميع أعضاء فريق الخبراء الذين تم إرسالهم إلى دوما.