دعوات التظاهر والاعتقالات والانشقاقات مستمرة.. والميليشيات عاقبت أهلها بقطع المحروقات.. واستعدادات في الرقة للسير على خطاها … منبج على صفيح ساخن و«قسد» لم تفِ بوعودها للأهالي
| حلب- خالد زنكلو - دمشق - الوطن- وكالات
عاشت مدينة منبج وريفها شمال شرق حلب، أمس، هدوءاً حذراً تحت رماد صفيح ساخن على وقع التظاهرات الشعبية والمواجهات التي شهدتها على مدار أسبوع ضد ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» الانفصالية العميلة للاحتلال الأميركي، والتي تنصّلت من وعودها التي قطعتها للأهالي لتهدئة الاحتجاجات.
وأفادت مصادر محلية في منبج لـ«الوطن»، أنه وبعد تظاهرات «جمعة الشهداء»، التي شهدتها مدينة منبج وأريافها عقب صلاة الجمعة الماضية، دعت الفعاليات الأهلية والعشائر والوجهاء والمثقفون إلى إضراب عام وتظاهرات ووقفات تضامنية ظهر اليوم الأحد في جميع المناطق التي تهيمن عليها الميليشيات الانفصالية في منبج والمناطق الأخرى شرق نهر الفرات، لاسيما في جرابلس والرقة.
وأشارت المصادر، إلى أن ميليشيات «قسد»، والتي كانت استقدمت الخميس الماضي أكثر من ٤ آلاف مسلح إلى منبج، عزّزت وكشفت انتشارها في مداخل المدينة ومركزها ومستديراتها ومقراتها الحيوية، وخاصة في الجزء الشمالي منها والذي شهد زخماً كبيراً في التظاهرات والمواجهات، بالإضافة إلى الريف الشرقي الذي احتشد أبناؤه وعشائره صفاً واحداً لمجابهة المرتزقة.
وبيّنت أن الميليشيات، مدّدت حظر التجوال ٤٨ ساعة إضافية بعد أن فرضته مرتين سابقتين لاحتواء التظاهرات وتخوفها من انطلاق أخرى جديدة، في حين أعطت الأوامر بإطلاق الرصاص الحي باتجاه المتظاهرين السلميين في حال خروج الأمر على السيطرة، إلا أن مسلحيها يطلقون النار في الهواء على الدوام لاستفزاز الأهالي وترهيبهم.
وأكدت مصادر من عشيرة البوشعبان في منبج لـــ«الوطن»، أن حالة من الغليان لا تزال تسود نفوس الأهالي والعشائر الرافضين لوجود ميليشيات «قسد» والرافضين لسياساتها الإجرامية بحقهم والتي تمس حقوقهم وكرامتهم وتصادر لقمة عيشهم ومستقبل أبنائهم.
ولفتت إلى أن متزعمي الميليشيات يسعون إلى تحويل مطالب الأهالي السياسية إلى معيشية واختزالها بأزمات الخبز والمحروقات والبنية التحتية، لكن الأهالي مستمرون بالنضال حتى طرد الميليشيات من مناطقهم.
المصادر أوضحت، أن الوعود التي أطلقها ما يسمى «مجلس منبج العسكري»، التابع لميليشيات «قسد» الأربعاء الماضي لإرضاء العشائر، لم تطبق على أرض الواقع، إذ ما زالت الاعتقالات مستمرة في صفوف الأهالي والعشائر ولم يطلق سراح المعتقلين السابقين مع بداية الانتفاضة قبل أسبوع والمقدر عددهم بأكثر من ٢٠٠ معتقل، كما لا تزال المنطقة محاصرة وممنوع دخول المواد الغذائية والخضار والفواكه إليها.
وأضافت: لم تشكل لجنة تحقيق لمحاسبة مطلقي النار على المتظاهرين السلميين والمتورطين بأعمال العنف، كما لم يتم تعويض ذوى الشهداء ومعالجة الجرحى بشكل لائق، ونحن لا نثق أيضاً بوعود متزعمي الميليشيات الانفصالية بوقف ما يسمى «واجب الدفاع الذاتي» أو «التجنيد الإجباري».
وتوقّعت المصادر، استمرار انشقاقات أبناء العشائر المتطوعين في صفوف ميليشيات «قسد» تضامناً مع أهلهم ونصرة لهم، بعدما انشق أول من أمس ٦ مما يسمى «المجلس التشريعي»، اعتراضاً على سياسات واعتداءات الميليشيات ضد الأهالي.
وأسفرت التظاهرات عن استشهاد ٨ من المتظاهرين المدنيين السلميين في أول يومين من انطلاقتها علاوة على جرح أكثر من ٤٠ آخرين بسبب إطلاق النار المتعمد من قبل مسلحي ميليشيات «قسد»، كما عقد زعماء عشائر منبج اجتماعاً أكدوا فيه على وحدة المصير واستمرارهم بالاحتجاجات والنضال حتى دحر الميليشيات الانفصالية من مناطقهم.
من جانبه، قال أحد سائقي سيّارات الأجرة ويدعى حسين محمد، في تصريح نقلته مواقع إلكترونية معارضة: «إنّ أهالي مدينة منبج ونواحيها يعانون ومنذ نحو أربعة أيام من انقطاع شبه تام في المحروقات بمختلف أنواعها، في ظلّ قيام ميليشيات «قسد» بإغلاق كل محطات الوقود وعدم توفر البدائل في السوق السوداء في المنطقة».
ورأى، أن هذه الإجراءات ما هي إلا عقاب جماعي بحق أهالي منبج، إلى جانب أن ميليشيات «قسد» لا تزال تفرض عليهم حظر التجوال وتمنع عنهم عمليات البيع والشراء رغم توفر المواد والسلع الأساسية في المنطقة.
على خطِّ موازٍ، ذكرت المواقع المعارضة، أن مدينة الرقة تستعد لانتفاضة شعبية للوقوف في وجه ميليشيات «قسد» وقراراتها التعسفية وخاصة «التجنيد الإجباري» في خطوة مماثلة لما يحصل في منبج، وذلك بعد حملات اعتقال واسعة نفذتها الميليشيات في الأيام الماضية وطالت مئات الشبان في المنطقة.
وذكرت المواقع، أن عدداً من وجهاء وشيوخ عشيرة العفادلة عقدوا اجتماعاً في حي المشلب في مدينة الرقة لبحث الانتهاكات المتكررة من قبل ميليشيات «قسد» تجاه أبناء المدينة وللوقوف في وجه قرار «التجنيد الإجباري» الذي تفرضه الميليشيات على شبان المنطقة وكوادرها التعليمية.
وأوضحت، أن الاجتماع الأول من نوعه، جاء نتيجة مطالبات متكررة من أبناء القبيلة بهدف الوقوف «صفاً واحداً» في وجه قرار التجنيد الذي تفرضه الميليشيات، حيث طالب الوجهاء بإيقاف حملة الاعتقالات وإعادة النظر في القرار وتداعياته على شبان المنطقة.
والثلاثاء الماضي، ذكرت شبكة «الرقة تذبح بصمت» الإخبارية، أن إضراباً واسعاً ستشهده مدن الرقة والطبقة وبلدة المنصورة في أسواقها وجميع قطاعاتها بعد دعوات واسعة من ناشطين وحقوقيين، وذلك احتجاجاً على حملات «التجنيد الإجباري» التي تقوم بها ميليشيات «قسد».
وحسب الشبكة، فإن حملات التجنيد الأخيرة في الأيام الأخيرة، أسفرت عن اعتقال أكثر من 250 شاباً في محافظة الرقة.