عاد الرئيس الأميركي جو بايدن بعد رحلة خارجية دامت أسبوعاً وجدها الكثيرون نجاحاً للرئيس وللدبلوماسية الأميركية، ليواجه تغيراً جديداً في ملف حساس وأساسي لأجندته الخارجية ألا وهو الملف النووي الإيراني. فعلى الرغم من أن المفاوضات الأميركية – الإيرانية في خصوص الملف النووي حققت قدراً لا بأس به من التقدم إلا أن الأطراف المشاركة لا ترغب في الحديث عن الحل القادم. فقد وصف بعض المسؤولين المفاوضات بأنها تأتي تحت عنوان «لن يتم الاتفاق على شيء إلا إذا تم الاتفاق على كل شيء» حسب صحيفة «بوليتيكو» الأميركية، إذ يبدو أن الأمور التي لم يتفق على حلها هي الأصعب حلاً. ولعل ما قد يجعل الأمور أكثر تعقيداً هو انتخاب إبراهيم رئيسي رئيساً جديداً للجمهورية الإسلامية وخاصة أن الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب وضعت عقوبات على رئيسي بسبب دوره في إعدام سجناء سياسيين عام 1980. فكيف سيتعامل بايدن مع الرئيس الإيراني الجديد؟ وهل سيكون قادراً على إلغاء العقوبات المفروضة عليه والتوصل إلى اتفاق مع إيران؟
يرى مسؤولون أميركيون أن انتخاب رئيسي لا يشكل عقبة تجاه العودة إلى اتفاق 2015 وخاصة أن رئيسي أكد أنه يساند العودة إلى الاتفاق مع الأميركيين وذلك لعدة أسباب قد يكون أهمها: توقيت الاتفاق مناسب للرئيس الإيراني الجديد، فإذا تم التوقيع قبل استلامه للسلطة في آب القادم يستطيع رئيسي إلقاء اللوم على سلفه الرئيس الإيراني المنتهية ولايته حسن روحاني إذا أخفق الاتفاق في تحسين الوضع الاقتصادي لإيران. أما إذا استطاعت إيران التوصل إلى ازدهار اقتصادي بسبب الاتفاق فسيجني الرئيس الجديد ثمار هذا الازدهار. هذا إضافة إلى أن رئيسي قريب جداً من المرشد الأعلى السيد علي خامنئي الراغب في التوصل إلى اتفاق مع الأميركيين، وقد يكون خليفته وهو يعمل حسب توجهات المرشد الأعلى في كيفية إدارة المفاوضات الحالية. وهنا الجدير بالذكر أن المفاوضات بشأن اتفاق 2015 بدأت أساساً مع الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد المحسوب على المحافظين ثم تبلورت في اتفاق، وخرج الاتفاق إلى العلن في عهد الرئيس حسن روحاني المحسوب على الإصلاحيين.
لكن من ناحية أخرى قد يشكل انتخاب رئيسي معضلة للرئيس الأميركي وخاصة أنه ليس من السهل على إدارته رفع العقوبات عن الرئيس الجديد أمام الكونغرس ومناصريه الذي يرون أن الرئيس الإيراني الجديد انتهك حقوق الإنسان. فمعارضو الاتفاق النووي يقولون إن إدارة بايدن التي نصبت نفسها حامية لحقوق الإنسان عليها أن تبقي العقوبات على رئيسي. حيث قال مايك سينغ أحد مساعدي الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن: «إذا كنت حقاً تريد أن تستهدف منتهكي حقوق الإنسان فإن رئيسي ينتمي لهذه المجموعة».
ونشرت مؤخراً تقارير تتحدث عن سحب الإدارة الأميركية للصواريخ الدفاعية من الشرق الأوسط كبطاريات باتريوت ونظام ثاد وتقليص أسراب المقاتلات النفاثة المخصصة للمنطقة إضافة إلى إعادة انتشار مئات الجنود، ما قد يكون دليلاً على رغبة أميركا في استخدام الدبلوماسية أكثر من القدرات العسكرية في المنطقة، فكيف قد يؤثر هذا التوجه في العلاقة مع إيران؟