عادل إمام في عامه الـ «81» ورحلة نجاح… لأكثر من نصف قرن لم يعرف طعم الشوكولا ولم يلعب بدمية
| سوسن صيداوي
يحتاج الإبداع دائماً في نتيجته لأن يحقق الإبهار، وأيضاً يحتاج إلى طاقة متفجرة من الطموح المتجدد، والذكاء والتفكّر بالحالة، وباعتبارنا نتحدث عن الفن، فالأخير بطبيعته إرث باق وإن كان جدياً وحقيقياً، فتأثيره مستمر على تواتر الأزمنة.
هذا الأسلوب اعتمده الزعيم عادل إمام منذ انطلاقه في مشواره الفني، فهو من اعتبر فنه المتنوع إنجاز عمره الذي يفخر ونفخر به، لأنه قدم أعمالاً ليست بغريبة عن المجتمع، وما يؤرق المواطن العربي من هموم حياتية بسيطة أو معقدة، إلى طرح قضايا شائكة وتسلّط الضوء على الحق والقضية والتطرف الديني.
اليوم وبمناسبة مرور عيده «81» نقف عند أهم محطات القدير في المسرح والسينما والدراما التلفزيونية وفي حياته أيضاً.
في الكاركترات والأدوار
بين الخير والشر، بين الحق والظلم، بين الصح والخطأ، بين الطمع والتعفف… إلخ، الكثير من الشخصيات والأدوار التي قدمها عادل إمام في السينما، فإن كان بطلاً خيّراً سنحبه ونتعاطف معه، وحتى ولو كان سارقاً أو سجيناً أيضاً سنتعاطف معه، ربما لأن الطرح في الموضوع هو الأساس، فساعات الفيلم لن تمر مرور الكرام، كونها ستضعنا دائماً أمام استفسارات وأسئلة مربكة، هذا عدا عن الصور البصرية التي تخاطب فكرنا وتجعلنا نعيد قراءة واقعنا بطريقة غير نمطية.
أعمال كثيرة تفوّق فيها إمام حتى على نفسه، عبر الأداء المدروس وملامح الوجه الهادئة والتي توصل إلينا فرح القلب وبؤس الأيام بطريقة مصيبة ومباشرة، عبر إحساس ثابت بعيد عن لغة الخطابة أو الفلسفة أو الادعاء والمبالغة.
في الإرهاب
يدرك عادل إمام من خلال الأستذة التي يتمتع، بأن كل ما يقدمه هو على قدر كبير من الأهمية لأنه بالنهاية فن يجب أن ينتصر له، والأخير وفق هدفه هو وطن يحبه وينتمي إليه.
ففي عام 1988 قرر الزعيم الذهاب إلى أسيوط وعرض مسرحيته «الواد سيد الشغال»، تضامناً مع فرقة مغمورة من هواة المسرح، وهناك الجماعات المتطرفة حاولت منعهم من تقديم عرضهم بالقوة.
وحول هذه الواقعة تحدث إمام في أحد حواراته: «قررت أن أذهب للوقوف إلى جوار هؤلاء الفنانين، ولأدافع عن الفن الذي أحبه، وعن صورتي أمام أولادي لكي يعرفوا جيداً أن مهنتي ليست حراماً».
وفي أعمال الزعيم الفنية نجده أيضاً يحارب الفكر المتطرف، ومن أبرز أعماله فيلم «الإرهابي» والذي يحكي عن شاب ينتمي إلى جماعة متطرفة تحاول اغتيال الشخصيات العامة، وشارك في بطولة العمل: صلاح ذو الفقار، مديحة يسري، شيرين، إبراهيم يسري. وهو من تأليف لينين الرملي وإخراج نادر جلال.
كما قدم إمام فيلم «الإرهاب والكباب» تأليف وحيد حامد وهو من الأفلام الكوميدية، والذي يقوم بدور الأب الذي يسعى لنقل أولاده من مدرسة إلى أخرى، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن وتدور الأحداث لتجعل منه إرهابياً، شارك في بطولته: يسرا، علاء ولي الدين، أحمد راتب وأشرف عبد الباقي.
وأخيراً قدم فيلم «طيور الظلام» الذي يكشف الصراع بين الجماعات المتطرفة والسلطة من خلال صديقين فتحي نوفل المحامي وعلي الذي ينضم إلى جماعة الإخوان الإرهابية ويظل الصراع دائراً حتى يلتقيا في السجن.
في القضية الفلسطينية
من المطبات التي وقع فيها عادل إمام، هي تقديمه لمسلسل «فرقة ناجي عطا الله»، والذي من خلاله تعرض للكثير من الانتقادات، سواء من حيث الأداء، القصة والإخراج، وبحسب النقاد فإمام بهذا المسلسل، قد أعاد إنتاج فيلمه (السفارة في العمارة) المشترك بينه وبين يوسف معاطي، وأيضاً الانتقادات طالته بأنه معروف عن الزعيم تدخله في تفاصيل الكتابة والإخراج، فكيف يأتي العمل وفيه بطريقة غير مباشرة فكرة الدعوة للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، ويقوم بتسفيه المواقف العربية، كما أنه يُفرغ القيمة الفعلية للصراع العربي الإسرائيلي من مضمونها.
مثّل في الخفية عن والده
أوضح الزعيم عادل إمام في أحد حواراته التلفزيونية، أنه لم يخبر والده بأنه كان يمتهن التمثيل، موضحاً أنه عندما كان يسأله عن سبب تأخره خارج المنزل، كان يقول له إنه تأخر في المعمل بالكلية، وإذ بالأب يتفاجأ يوماً بوصول وكيل الوزارة الذي أتى يسأل عن ابنه الممثل الشهير عادل إمام، الذي نشأ في فقر شديد، فهو لم يعرف في طفولته مذاق الشوكولا، ولم يملك أي لعبة من ألعاب الأطفال، ولم يسلم من سخرية زملائه في المدرسة بسبب ارتدائه لبنطلون البيجامة تحت «المريلة»، ولكنه حوّل هذا العجز والسخرية إلى قوة ومن ثم إلى زعامة في الفن، ليصبح من أهم الممثلين المصريين والعرب، والأكثر شعبية في تاريخ السينما المصرية والمسرح على مدار خمسين سنة.
ولد في المنصورة، والتحق بجامعة القاهرة وحصل منها على إجازة في الهندسة الزراعية، وخلال سنوات دراسته اكتشف شغفه الحقيقي للتمثيل، بمشاركته في المسرح الجامعي وعروضه، وانضمامه للعروض المسرحية التي كانت تعرض على التليفزيون مثل «أنا وهي وهو» مع فؤاد المهندس وشويكار عام 1963، وفي فترة السبعينات ودع عادل أمام الأدوار المساعدة وحصل على أدوار البطولة من أبرزها: حب المراهقات، مذكرات الآنسة منال، البحث عن فضيحة، الشياطين والكورة، شياطين إلى الأبد، أربعة وعشرين ساعة حب، الزواج السعيد، الكل عاوز يحب، البحث عن المتاعب، ممنوع في ليلة الدخلة، أزواج طائشون، حرامي الحب، جنس ناعم، الأزواج الشياطين، عيب يا لولو يا لولو عيب، المحفظة معايا، البعض يذهب للمأذون مرتين، إحنا بتوع الأتوبيس، قاتل ما قتلش حد.
وفى نهاية السبعينات حقق إمام أعلى الإيرادات في السينما بفيلم «رجب فوق صفيح ساخن» وأصبح منذ ذلك الحين نجم الشباك الأول، وآخر أفلامه «زهايمر» عام 2010، وبعده انتقل إلى الدراما وقدم مسلسلات «فرقة ناجي عطا الله» و«العراف»، و«أستاذ ورئيس قسم» و«صاحب السعادة» و«مأمون وشركاه» و«عفاريت عدلي علام» و«عوالم خفية» وآخر أعماله «فلانتينو».
وأخيراً في المسرح قدم إمام على خشبته الكثير من المسرحيات: «أنا وهو وهي» عام 1964، و«البيجاما الحمراء» عام 1967، و«حالة حب» عام 1967، و«أنا فين» عام 1970، و«غراميات عفيفي» عام 1970، و«مدرسة المشاغبين» عام 1973، و«شاهد مشافش حاجة» عام 1976، و«الواد سيد الشغال» عام 1984، و«الزعيم» عام 1993، و«بودي جارد» عام 1999.