على حين تمهد الأحداث في تونس الطريق للانتقال إلى مرحلة سياسية جديدة يتوقع كثيرون أنها ستعلن هزيمة ساحقة للنهج الإخواني المدعوم من النظام التركي، تسعى حركة النهضة لالتقاط أنفاسها المقطوعة، والعزف على وتر العودة للحوار، في محاولة منها للتخفيف من عزم الضربة الموجعة التي تلقتها خلال الأيام الأخيرة.
إلى ذلك، طالب بيان صادر عن شباب حزب «حركة النهضة»، قيادة حزبهم بحل المكتب التنفيذي للحزب لفشل خياراته بتلبية حاجات التونسيين، مطالبين راشد الغنوشي بتغليب مصلحة تونس.
وفي بيان تحت عنوان «تصحيح المسار» قال 130 شاباً من بينهم عدد من النواب، إن «تونس تمر بمنعطف تاريخي أفضى إلى اتخاذ رئيس الجمهورية إجراءات استثنائية، قوبلت بترحيب شعبي كما أثارت تحفظ جزء من النخبة السياسية والقانونية».
وأضاف البيان، حسبما ذكر موقع «روسيا اليوم»: إن «هذه الوضعية الحرجة، والتي لا يخفى على أحد منا أن حزبنا كان عنصراً أساسياً فيها، تضعنا أمام حتمية المرور إلى خيارات موجعة لا مفر منها، سواء كان ذلك من منطلق تحمل المسؤولية وتجنب أخطاء الماضي، أم استجابة للضغط الشعبي».
وتابع البيان إنه «رغبة منا في الدفع نحو ما نراه مخرجاً لبلادنا نحو حلول ناجعة، بعيداً عن الآليات المعتمدة سابقا التي لا يمكن إلا أن تنتج سياسات وخيارات برداءة سابقاتها نفسها، نتمسك بمكتسبات الثورة التونسية، وانتهاج الحوار كخيار أوحد لتجاوز الأزمة من خلال العودة إلى المؤسسات الدستورية المنتخبة واستئناف عملها في أقرب الآجال.
وأضاف البيان: ندعو القيادة الحالية لحركة النهضة لتحمل المسؤولية عن التقصير في تحقيق مطالب الشعب التونسي، وتفهم حالة الاحتقان والغليان، حيث لم تكن خيارات الحزب السياسية والاقتصادية والاجتماعية وطريقة إدارتها للتحالفات والأزمات السياسية ناجعة في تلبية حاجات المواطن.
وتابع البيان: نطالب مجلس الشورى الوطني بتحمل مسؤوليته وحل المكتب التنفيذي للحزب فوراً وتكليف خلية أزمة قادرة على التعاطي مع الوضعية الحادة التي تعيشها تونس لتأمين العودة السريعة لنشاط المؤسسات الدستورية.
وتوجه البيان بالدعوة لرئيس البرلمان راشد الغنوشي لتغليب المصلحة الوطنية واتخاذ ما يلزم من إجراءات لتأمين عودة البرلمان إلى سيره العادي، مضيفاً: نطالب الحركة بأن تتفاعل إيجابياً مع أي مبادرة سياسية تخرج البلاد من أزمتها الخانقة، تحت سقف القانون والمؤسسات الدستورية.
وختم البيان بدعوة قيادة الحزب إلى تحمل مسؤولياتها والتفاعل بجدية مع هذه المطالب في أقرب الآجال، لقطع حالة التخبط.
على خط مواز، جددت الحركة الإخوانية التونسية، أمس السبت، دعوتها لرئيس البلاد قيس سعيد إلى التراجع عن قراراته الاستثنائية التي أصدرها أخيراً، والتي شملت إقالة رئيس الحكومة وتجميد عمل البرلمان.
كما دعت «النهضة»، في بيان لها، إلى إطلاق حوار بين الأطياف السياسية كافة يلتزم الجميع بمخرجاته للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد، زاعمة أن «الإجراءات الاستثنائية التي لجأ إليها الرئيس خارقة للدستور والقانون وفيها اعتداء صريح على مقتضيات الديمقراطية وعلى الحقوق الفردية والمدنية للشعب التونسي، وتوريط لمؤسسات الدولة في صراعات تعطلها عن القيام بواجبها».
وحملت النهضة المسؤولية للجميع أمام الشعب التونسي، مؤسسات تشريعية وتنفيذية وسياسية ومدنية، مشيرةً إلى أن هذه المسؤولية تقتضي أن يكف الجميع عن التجاذب وأن يتداعوا لحوار لا يقصي أحداً، تغليباً لمصلحة الوطن والمواطن، بحسب زعمها. وجددت الحركة، في ختام بيانها، «دعوتها السيد رئيس الجمهورية قيس سعيد لتغليب المصلحة الوطنية والعودة لمقتضيات الشرعية الدستورية والتزام القانون وفسح المجال لحوار يلتزم الجميع بمخرجاته».
وأعلن الرئيس التونسي، يوم الأحد الماضي، تجميد عمل البرلمان وتعليق حصانة كل النواب، وإقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي، على حين حاول رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، دخول البرلمان في يوم الإثنين، إلا أن عناصر الأمن منعوه من ذلك.
واقتحم محتجون تونسيون، في وقت سابق، مقرات لـ«حركة النهضة» في 3 محافظات، إذ شهدت عدد من المدن وقفات احتجاجية للمطالبة بإسقاط حكومة هشام المشيشي، وحل البرلمان وتغيير النظام السياسي، كما اقتحم المحتجون في محافظة توزر مقر الحركة وحرقوا محتوياته بالتزامن مع اقتحام مقرات الحركة في محافظتي القيروان وسيدي بوزيد.
ومن المعروف تاريخياً، دعم النظام التركي للنهج الإخواني أينما وجد، والمعروف عنه السعي الدائم لتدمير الدول وتفتيت وحدتها الوطنية وفرض الأجندات البائدة على الدول والشعوب.