صمود كبير
محمود الصالح :
مع هذه الأزمة التي تعاني منها البلاد والتي تتسارع تداعياتها في جميع مجالات الحياة العامة والخاصة حتى بات الإنسان يعتقد أن هناك أيادي خفية تحرك كل الأمور بعكس ما يتمنى ويحتاج المواطن وما لا يناسب تصليب الموقف الوطني العام. هذا الواقع يعيدنا إلى منتصف ثمانينات القرن الماضي عندما استطاعت البلاد إفشال ما بيتت له يد الغدر والإجرام حينها في تدمير البنى التحتية للبلاد وكل مقومات التطور والنمو والحصار الذي جعل علبة السمنة كنزاً ثميناً لمن يملكها. حينها اتخذنا قرارنا بأن نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع واستطعنا أن نبني قاعدة اقتصادية متينة قوامها ملايين الهكتارات من الأراضي المروية بشكل دائم والتي توفر القمح لخبزنا والقطن لنسيجنا والشوندر لسكرنا وخميرتنا واستطاعت سورية أن تملك مخزوناً كبيراً من القمح والقطن والذرة الصفراء والشعير وتضاعفت ثروتنا الحيوانية لتصل إلى أكثر من 35 مليون رأس. وقتها كلف المرحوم محمد غباش – منقذ الوزارات- بوضع إستراتيجية الاعتماد على الذات حينها تم إنشاء مراكز البحوث الزراعية واستنباط أصناف وطنية من البذور وإدخال مساحات كبيرة إلى حيز الاستثمار الزراعي والاهتمام بالتشجير المثمر وأصبحنا من الدول المصدرة للحمضيات والزيتون والفستق الحلبي والخضار بعد أن كنا نستورد كل ذلك من دول الجوار وأصبحت البلاد تعاني الوفرة ونسينا أيام ندرة هذه المواد وبدأنا نفكر في البحث عن أسواق لإنتاجنا ومن ثم عملنا على تحسين وضع المنتجين من خلال توفير مستلزمات الإنتاج بقروض طويلة الأجل واتخذت حينها قرارات وطنية لشراء جميع منتجات الفلاحين وبأسعار تزيد على أسعار الأسواق المجاورة ولم يكن حينها يجرؤ أحد على التفكير بطرح مسألة الفرق بين ما نمنحه للفلاحين من أسعار وما يمكن أن نشتري به هذه المنتجات من السوق الدولية. لذلك صمدت سورية اليوم خمس سنوات ولم تجع أو تركع لأنها مازالت تجني ثمار قرارات رجال أحبوا الوطن وأخلصوا له.