«أسمع جعجعة ولا أرى طحناً»، هذا واقع حال وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، فذراعها التنفيذي المتمثل بـ«السورية للتجارة»، لم يطرأ على محتوى صالاتها ولا على آليات عملها أي تحسن، على الرغم من تصريحات القائمين على الوزارة بإطلاق الوعود والإعلان عن تجهيز الخطط.
فمسلسل تجديد التمديد لتسليم المواد الذكية المقننة عبر البطاقة الالكترونية مازال مستمراً، بل على العكس زادت عدد شهور تمديده عما كان سابقاً، وما زال السوس يغزو مخصصات المواطنين من الأرز في بعض الصالات، كما أن محتويات السلة السلعية في هذه الصالات مازالت هي ذاتها، ومازال العديد من رفوفها خاوية؟
كما أنه من الضروري التذكير بأن عملية تعبئة زيت دوار الشمس عبر خطوط السورية للتجارة ليست المرة الأولى، وبأنها تمت أكثر من مرة على ذمة الإدارات السابقة، وإن كانت في ما مضى أكثر كرماً إذا لم تقل الكمية الموزعة في أدنى الحالات عن عبوتين؟
حال المخابز ليس بأفضل من حال صالات السورية للمخابز، فمازال الازدحام سيد الحال، والاتجار بالخبز أمام نوافذه واقع مفروض لم يحد منه أتمتة المادة ولا تقنين الكميات، بل على العكس كل ذلك ساهم في صعوبة حصول المواطن على مخصصاته وبالمقابل رفع سعر الخبز المبيع أمام المخابز العامة، لتكون للمخابز الخاصة قصة أخرى تتجلى بعدم الالتزام بوزن ربطة الخبز وحجم الرغيف وجودة الصناعة، حتى أصبح رغيف المخبز الخاص أشبه بحجمه إلى شكل رغيف الخبز السياحي الصغير، وبقي سوء جودته هو سمته، رغم ما أصدرته الوزارة من تصريحات عن إيجاد آليات من شأنها إلزام المخابز الخاصة الالتزام بوزن الربطة؟
أما الأسواق فحالها لسوء الحظ هو من سيئ لأسوأ فرغم جملة القرارات التي طالت معظم مفاصل الوزارة وعلى رأسها حماية المستهلك والأسعار، إلا أن فوضى الأسواق مازالت مستمرة وفوضى التسعير ككرة الثلج تزيد مع مرور الأيام أكثر فأكثر، على الرغم مما كان مأمولاً بأن يسهم تحديد أسعار المازوت الصناعي في ضبط إيقاع أسعار المواد.
وكذلك الحال بالنسبة للألبان على سبيل المثال لا الحصر فلا الخطة التي أعدتها الوزارة لضبط أسواقها وأصدرت نشراتها للحد من ارتفاعها أتت بنتيجة، ولا الحملات التي شنت على تجار المواد الأساسية من سكر وأرز آتت أكلها، فما زالت الأسعار تغرد بعيداً عن نشرات الأسعار الصادرة عن مديريات التجارة الداخلية ومديرية الأسعار في الوزارة.
ويجدر من باب الأمانة الإشارة إلى كثرة ما يتم ضبطه من دوريات حماية المستهلك من مخالفات غش وتدليس وغيرها من المخالفات، والتي وإن كانت تحمل في ظاهرها نشاط الضابطة التموينية، إلا أنه يظهر لمن يستعرض المخالفات المضبوطة المتعلقة بصحة المستهلك وجود مواد منتهية الصلاحية واستخدام مواد استهلاكية منكهة بالحشرات، ومدى اللامبالاة التي وصل إليها بعض الحرفيين والصناعيين والتجار نتيجة الاستغراق بالأمان أمام ضعف الرقابة التموينية حتى وصلت «مواصيلهم» إلى هذه الحدود.
ومن باب إحقاق الحق فإن جديد الوزارة هو اتباعها أسلوباً لم يكن دارجاً لديها فيما سبق وهو الاعتذار عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وفي محاولة لاسترضاء المواطنين وتعويضهم عما يرتكب من أخطاء أو عما تعجز الوزارة عن إنجازه، هذا السلوك الذي بات يكثر شيئاً فشيئاً والذي إن دل فإنما يدل على عجز الوزارة عن ضبط الكثير من الأمور أو عدم استطاعتها تنفيذ ما تطلقه من وعود، ولربما بذلك باتت تستحق لقب وزارة الاعتذار من المستهلك عوضاً عن حماية المستهلك، وهي في كلتا الحالتين لم تنل رضى المستهلك.