أعلن المتحدث الرسمي باسم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني أمين بابا شيخ في الـ29 من تشرين الأول الماضي، تعرض عضو اللجنة العليا لمصالح الحزب ملا بختيار لمحاولة اغتيال بمادة سمية قاتلة، مبيناً أنه يتلقى العلاج في أحد مستشفيات ألمانيا، وأن تحقيقات قانونية ستجري بعد ظهور نتائج الفحص الطبي.
وفي تطور لحالة الصراع والخلافات الداخلية بين بافل طالباني، نجل رئيس جمهورية العراق الراحل جلال طالباني ومؤسس الحزب، وابن عمه لاهور شيخ جنكي. قررت لجنة التقييم والمتابعة في الحزب في الـ2 من تشرين الثاني 2021، استبعاد أربعة قياديين من الحزب هم: لاهور شيخ جنكي الرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكردستاني، وشقيقه آراس شيخ جنكي، إضافة إلى النائبة السابقة إلا طالباني، والقياديين زينو محمود، وشادمان ملا حسن، لخرقهم «النظام الداخلي للحزب، وعدم دعم مرشحي الاتحاد في انتخابات تشرين، والعمل بشكل سري لقوائم منافسة»، ما استدعى رداً من لاهور شيخ جنكي في موقعه الإلكتروني، قائلاً: إن «قرار إبعاد أشخاص قياديين من صلاحية المؤتمر الحزبي العام، وما أعلن عنه ليس له شرعية، باعتباره صادراً من أشخاص».
القرارات تلك، جاءت في ظل احتدام الصراع بين أولاد العم، ففي الـ8 من تموز 2021 قام بافل بتنحية عدد من القادة الأمنيين المحسوبين على لاهور، حاسماً الصراع لمصلحته على حساب أبناء عمومته، لتصبح كل القوى العسكرية والأمنية للحزب بيده، منهياً بذلك نظام الشراكة في القيادة، مترافقة مع تسريبات تصدرت عناوين الصحافة، قال فيها بافل: «لقد تم تسميمي، ولدي دليل، وهناك من اعترف، وبحوزتي أدلة أخرى، وأسباب عدم كشفي عنها واضحة»، لكن لاهور اعتبر تلك الاتهامات «محاولة مكشوفة لتشويه سمعتي وخلق تبريرات لإزاحتي». ليتوالى بعد ذلك إعلان العديد من قادة الحزب ومعظمهم من ذوي العلاقات الوثيقة ببافل، أنه جرى استهدافهم بالسم أيضاً، من أبرزهم الرئيس السابق لمديرية أمن السليمانية «الآسايش» اللواء المتقاعد حسن نوري الذي أُرسل إلى ألمانيا للعلاج، والقيادي عطا سراوي.
ملا بختيار، أو حكمت محمد كريم، وهو والد زوجة بافل، قال في مؤتمر صحفي في مدينة السليمانية في الـ14 من تشرين الثاني الجاري، ولدى عودته من ألمانيا بيوم واحد: «من داخل الحزب تم إطعامي السُّم، وهذه الجريمة ارتكبت بحقي قبل الثامن من شهر تموز الماضي بشهرين أو ثلاثة، وفقاً للتقرير الطبي الذي بحوزتي من أشهر مستشفيات ألمانيا»، مبيناً أنه عندما شعر بالأعراض ذهب إلى الأردن للعلاج بعد تدخل الملك عبد الله، ومن ثم توجه إلى ألمانيا لاستكمال العلاج اللازم، واصفاً ذلك بأنها «جريمة»، وبأنها «مخجلة والأكثر مرارة لكونها جاءت من من يفترض أنهم رفاق في خندق النضال ذاته».
التوتر والصراع بين أجنحة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بدأ عندما أُدخل مؤسسه جلال طالباني إلى مدينة الحسين الطبية في الأردن في الـ25 من شباط 2007، واشتد بعد وفاته في الـ3 من تشرين الأول 2017، ببروز ثلاث كتل رئيسة متناحرة، الأولى كتلة أسرة الطالباني، ممثلة بعقيلته هيرو إبراهيم أحمد وأولاده، وأولاد أخيه شيخ جنكي، والثانية ممثلة بالنائب الأول للأمين العام كوسرت رسول وأولاده، والثالثة مثلها النائب الثاني للأمين العام برهم صالح الذي انشق عن الحزب مشكلاً حزب «التحالف من أجل العدالة والديمقراطية» ثم عاد إلى الحزب لاحقاً.
عائلة الطالباني تمكنت من خلال المؤتمر الرابع للحزب في الـ18 من شباط 2020، من التوصل إلى صيغة غير مسبوقة للقيادة، بإعلان «الرئاسة المشتركة» للحزب من بافل النجل الأكبر لمؤسس الحزب مع ابن عمه لاهور شيخ جنكي، فارضين ومتقاسمين سيطرة العائلة على الحزب ومحافظة السليمانية، في ظل امتعاض القيادات التقليدية التي رافقت الرئيس جلال الطالباني في مسيرته، التي ترى أنها غُبنت بانتزاع امتيازاتهم المالية والقيادية، بعد تغيير كامل المكتب السياسي للحزب.
إن تعمق الشرخ بين أولاد العم، قد يدفع لاهور شيخ جنكي إلى تشكيل حزب جديد تحت قيادته، رغم أن قادة الاتحاد الوطني الكردستاني لا يخفون نياتهم بإزاحته وإخوته عن المشهد السياسي الكردي، بمحاكمتهم، أو دفعهم لمغادرة إقليم كردستان، للإقامة مجدداً في بريطانيا، حيث يحملون الجنسية البريطانية.
الاتحاد الوطني لم يدرك أنه بالزعامة الثنائية فتك بالحزب، وأطاح سريعاً بمشروع سياسي كان يمكن أن يكون منافساً للحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود البارزاني، السعيد بما يجري، فالشركة ما بين أولاد العم تحولت إلى الصدام، وإطلاق الثعابين السامة! ليقف الحزب اليوم على أعتاب طريق سياسي مجهول، مرتبط بمصير مجهول آخر للعائلة الحاكمة، فحلول العائلة ليست كافية لإعادة التوازن لحزبهم، ولا إلى ردم الفجوة السياسية التي حصلت.