إنَّ الثقافة هي من أسمى الفنون وأعظمها على الإطلاق وتنبثقُ عظمتها عندما تتعدّد الأدوار المنوطة بها.
وعندما تمتثل كمنهجٍ مهم يتعاظم دوره إذ جاء ليبرز لنا «دور وجدليّة العلاقة بين التربية والثقافة» ونموذج الترابط المدروس بينهما، وتحاول أن تضع جماليتهما في وعاءٍ مشتركٍ قد يستفيض بجمالية وأهمية تخصُّ كلاًّ منهما.
فإذ قُرئتْ الثقافة كمنهجٍ فكريٍ توعوي لا بدَّ أن نُلاحظ القواسم المشتركة وجدليّة العلاقة مع الشيء الجوهريّ الذي يُسمّى التربية وضرورة دمجها مع المفهوم الثقافيّ، وكذلك نُلاحظ فنون الترابط التي تجمع بينهما وتشكّل الجوهر الأرقى الذي يوحّد بينهما ويُشكّل عروتهما الوثقى وبالتالي قد تتشكّل الأبعاد الجوهريّة لعملية التثقيف المنوطة بهما.
وكذلك قد يُعزّز الأهداف المثلى لموضوع «الترابط الثقافيّ التربويّ» بفحواه ومحتواه وبما يعمل على تحقيق أهدافهما المشتركة وبما يضمن وصول جدليّة العلاقة بينهما إلى أرقى مستوى ممكن.
فالثقافة يجب أن تؤسس على مفاهيم تربوية تتجسّد وتتأصل وترتقي من خلال كلّ ما قد سبق وذُكر.
وكذلك «التربية بمفهومها الخاص والعام» يجب أن تحمل الكثير من المضامين الثقافيّة، وبالتالي يجب أن تمتثل كالحاضنة المثلى لهذه القيم ويجب أن تُمثل سرّ الترابط بينهما وأن تُبرز ذاك الترابط المادي والمعنوي بمعناه الأهم والأشمل.
ومن البديهي أن تُشكّل «الثقافة التربوية» المحور المهم لكل من يُنشد النهوض المجتمعي بشكله الأصح فمن يمتلك «خصوصية الثقافة التربوية» يمتلك مفاتيح المستقبل الآتي.
ومن هنا قد نرى «واو العطف أو التجاذب بين الثقافة والتربية»، وقد تُصاغ الرؤى المشتركة بينهما وبالتالي تُصاغ دساتير المنهج التربويّ الثقافيّ الذي يجب أن يتعاظم دوره الأساسي في كلّ يوم ويجب أن تُبنى تلك الثقافة المزدوجة وفق معايير التربية الصحيحة ومفهومها الثقافي الأشمل والأعمق على حدٍّ سواءٍ وأن يُصاغ منها عملاً ثقافياً تربوياً يتبلور به.
«مفهوم ثقافة التنشئة القويمة» ثقافة الشيء الثقافي الجاد وخصائصه التربويّة وقد يُقصد هنا خصائص العمل المزدوج وفق المنطق الثقافيّ التربويّ الصحيح والقائم على أسسٍ تخصُّ المنطق الذي يتبعُ لهما ويضعهما في خندقٍ واحدٍ وضمن إطار موحّد.
وكذلك تُبرز لنا مدى «التشاركية المُثلى والنموذجيّة» والعمل المدروس بطرائق حديثة يصل إلى الفحوى والغاية المرجوة.
وتُجدّد من آلية التبلور الجاد بينهما وتخلق منظومة فكريّة تخصُّ كلّاً منهما ويسمو بها الفكر الثقافيّ الذي يقوم على إغناء الشيء التربويّ ورفده فكرياً وإنسانياً ما يخلق «همزة وصل» التفاعل بينهما ويُغني آلية التحديث المنهجيّ الذي يطرأ على كل منهما.
وقد يُقصد هنا «مقومات التحديث الثقافيّ والتربويّ» وكيف ترتقي المناهج الحديثة المستحدثة التي تتبع لهما.
وبالتالي كيف تُمدُّ الجسور الوثيقة التي يجب أن تنعكس بشكل إيجابي على كلّ منحى وثيق الصلة قد يُحدث بينهما شيئاً من التعاطف المستحدث قولاً وفعلاً.
ويُبرز مكونات وخاصية «التربية الثقافيّة» وبالتالي يُبرز أصول الاعتماد عليها «الاعتماد الثقافي التربويّ» ومعرفة مكوناتها الأصليّة والفرعيّة التي يجب أن تظل حاضرة بألقها الدائم وبكل مكوناتها الشاردة والواردة على حدٍّ سواء.
ومن هنا يُعرف «الدور الثقافيّ التربويّ» في بناء المجتمعات وضرورة العمل على تحديث المنهج التربوي الثقافيّ وبلورة هذا العمل بشكل عملي أقرب إلى الشيء المبدئي التجريبيّ.
ومن هنا نعي بأن جدليّة العلاقة بين الثقافة والتربية تمتثل كعلاقة السفينة والربّان إذ لا يمكن أن ينفصل أحدهما عن الآخر، ولا بدَّ أن تبقى شموسهما ساطعة الرؤى المعرفيّة وتمنح ذاك التميز الواقعيّ الذي يُجمّل «مفهوم الثقافة والتربية» وتزيد من جماليّة العُرى الوثقى بينهما وتزيد من جمالهما المهم والعظيم في آن معاً.