أكدت سورية في الذكرى الثانية والثمانين لسلخ لواء اسكندرون عن الوطن الأم واحتلاله من النظام التركي، أن حتمية عودته إليها، مشددة على أن الحق لا يموت ما دام وراءه مطالب ولن يسقط بالتقادم.
وبمناسبة هذه الذكرى التي تمر في الـ29 من تشرين الثاني من كل عام، قالت وكالة «سانا» في تقرير: «لم تمح السنوات الـ82 التي مرت من وجدان السوريين عامة وأبناء لواء اسكندورن خاصة ذكرى سلخ اللواء عن أمه سورية وتقديمه من خلال صفقة قذرة هدية من الانتداب الفرنسي لتركيا التي تصر دائماً على تذكير الأجيال السورية المتعاقبة بطبيعتها العدوانية القائمة على الاحتلال وعدم احترام القوانين الدولية وتبرير كل الممارسات والجرائم بحق الشعوب في سبيل تحقيق مصالحها وسياساتها العدوانية».
وأضافت: «إن لواء اسكندرون لم يختفِ عن خريطة سورية طوال العقود الماضية وما زالت قضيته جزءاً لا يتجزأ من الوجدان السوري بحتمية عودته، فالحق لا يموت ما دام وراءه مطالب ولن يسقط بالتقادم الذي عول عليه الضالعون في هذه الجريمة النكراء من خلال محاولات ترسيخ سياستهم الاحتلالية عبر ممارسات لا شرعية لها مثل عملية تتريك اللواء وقراه الممتدة على مساحة تبلغ 4800 كيلومتر مربع ويسكنها أكثر من مليون نسمة معظمهم من العرب السوريين.
وتعرض السوريون في لواء اسكندرون بعد ذلك وفق الوكالة، لحملات تضييق من الأنظمة التركية المتعاقبة استمرت عشرات السنين وتسببت في تهجير الكثير منهم بالتوازي مع نقل المحتل التركي آلاف الأتراك وتوطينهم في اللواء بهدف تغيير هويته العربية السورية بدءاً من تغيير أسماء القرى وطابعها الديموغرافي الذي يثبت عروبتها وسوريتها في آن معاً، وليس انتهاء بتهجير السوريين والعبث بهذه الهوية وإلغاء التعليم باللغة العربية وإلغاء كل المعاملات الحكومية بها وتبني الليرة التركية عملة رسمية بما يخالف النظام الذي وضعته عصبة الأمم كمنظمة دولية كانت قائمة في المرحلة التي تم فيها سلخ اللواء.
إلا أن سياسات التغيير الديمغرافي التي فرضتها أنظمة الاحتلال التركي المتعاقبة كأساليب عدوانية، لم ولن تستطع محو اللواء السليب من ذاكرة السوريين الفخورين دائماً بوطنهم صاحب الأبجدية الأولى ومنطلق الإشعاع الحضاري الأول الذي أنار الدرب للإنسانية جمعاء وان حقهم باللواء لا يسقط بالتقادم، وفق الوكالة.
الخلفيات التاريخية لسلخ لواء اسكندرون باتت راسخة في أذهان الأجيال السورية التي تعاقبت منذ عام 1939، إذ تعيد هذه الذكرى الأليمة إلى الأذهان التاريخ الأسود لتركيا وضمها اللواء إليها بشكل تعسفي كنوع من الرشوة بموجب اتفاق ثلاثي مع الاحتلالين الفرنسي والبريطاني آنذاك، مقابل وقوفها إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.
واستغلت تركيا تفكك عصبة الأمم وانشغال العالم بالحرب وأعلنت ضم اللواء في خطوة لم تعترف بها عصبة الأمم ولا خليفتها منظمة الأمم المتحدة، ما يعني من وجهة النظر الدولية أنه منطقة مستقلة تتبع لسورية في شؤونها الخارجية وترتبط معها في العملة والجمارك والبريد.
لكن تركيا رفضت إبقاء اللواء ضمن الدولة السورية وطالبت بتحويله إلى دولة مستقلة ورفعت القضية إلى عصبة الأمم بالتعاون مع فرنسا التي خالفت صك الانتداب الذي يمنع الدولة المنتدبة من التنازل عن أي جزء من الأراضي المنتدبة عليها، فقامت عصبة الأمم بإرسال مراقبين دوليين إلى اللواء وعادوا إلى جنيف بانطباع أن الأغلبية العظمى تعارض ضمه إلى تركيا.
وحسب الوكالة، فإن ذاكرة السوريين باتت في المرحلة الراهنة أكثر نشاطاً ولاسيما أن العدوان التركي يتكرر اليوم عبر نظام أردوغان الإخواني الذي ارتكب العديد من المجازر بحق السوريين من خلال عدوانه الصارخ على الأراضي السورية الذي يؤكد حقيقة أطماعه في هذه الأرض ودعمه للتنظيمات الإرهابية التي سفكت دماء السوريين وجعل تركيا ممراً لعبور الإرهابيين إلى سورية.
ولكن السوريين الذين قارعوا الغزاة والمحتلين بمختلف أسمائهم وجنسياتهم منذ مئات السنين، ما زالوا يملكون من العزم والإرادة ما يكفي للتصدي لأردوغان وعصابته الإخوانية ويملكون التصميم على استعادة كل الأراضي السورية المحتلة ومن بينها لواء اسكندرون والجولان السوري المحتل.
من جانبه، أكد مجلس الشعب في بيان بهذه المناسبة، أن لواء اسكندرون السليب جزء لا يتجزأ من التراب السوري وأن السوريين سيبذلون الغالي والنفيس حتى يعود الحق السليب إلى أصحابه ومصرون على استعادة كامل الأراضي المغتصبة وتحقيق النصر المؤزر بهمة رجال الجيش العربي السوري لإعادة الإعمار وبناء سورية.