في معرض «الخريف» الطبيعة السورية تحتفل بالحياة … أعمال دمجت الصورة الفوتوغرافية مع التطريز
| سوسن صيداوي ت: طارق السعدوني
الدمج بين الفنون يحتاج إلى روح مبتكرة تسعى دائماً لتعزيز الإبداع في إطلاق الجمال المبهر الذي حقق الدهشة للجمهور، وفي تجارب الدمج كنا قد توقفنا قبل عامين عند معرض فني يجمع بين التصوير الفوتوغرافي والتطريز قدمه كل من المصور الفوتوغرافي أنطون مزاوي بشراكة مع السيدة تمار شاهينيان التي اهتمت بالتطريز على الصور.
اليوم تتجدد الشراكة بمعرض (الخريف) المقام وفق الأسلوب الفني نفسه ولكن بموضوعات فيها الكثير من العمق بالفكرة أو التقنية، وظفت بأعمال فنية متنوعة تفوق بعددها الستين، متنوعة بين اللوحات التي أضيفت لها قطع متنوعة من الأثاث وإسقاط الصور الفوتوغرافية التي تم تطريزها. افتتح المعرض في غاليري زوايا في دمشق بحفاوة كبيرة من الجمهور الذي أبدى إعجابه بالمعروضات وهو مستمر لغاية السابع من الشهر القادم.
الفوتوغرافي أنطون مزاوي في تصريحه لـ«الوطـن» أخبرنا عن طبيعة هذا الفن الجديد الذي يقدم تجربته للمرة الثانية، وعن سبب عنونة المعرض بـ(الخريف)، أشار إلى أنه اختار صوراً من الطبيعة السورية التي لم يتدخل بها الإنسان، متابعاً: «الفوتوغراف جزء مهم من الثقافة البصرية للمجتمع، وعامل أساس في تكوين ذائقة المجتمعات، ولقد كرست في معارضي وتجاربي السابقة عدداً من المشاريع البصرية منطلقاً من الإنسان وحالاته وبيئته وفنونه وعدد من معتقداته التي كرسها في حياته. في معرضي هذا توجهت إلى عوالم محيطة بالإنسان، لأنه من الضروري أن يعبّر المشروع عن همومنا ومشاكلنا، ولأننا في زمن ما زلنا نعاني من تداعيات الحرب، بحثنا عن موضوع يوصل الأمل ويبعد الحزن عن النفوس. وبصراحة التحديات جاءت من اختيارنا للعوالم التي صورتها ولم يتدخل بها الإنسان سواء بصياغتها أم بصناعتها، هذه العوالم تكاد تكون تجريدية ولكنها في الواقع تبتعد عن التجريد، من خلال صيغ تلعب فيها الطبيعة دوراً بالإبهار البصري، ليكون العنوان المختار (الخريف) لكثير من الرؤى المتبدلة والعديد من الانطباعات التي تلخصه وتكرسه كجوهر مؤقت للحياة. لهذا جاء التنفيذ من خلال القيام بالتقاط الصور من عدة أماكن بريف دمشق، وأخيراً هنا يبقى الفن رسالة ونحن نحاول دائماً أن نقدم كل ما هو جديد وجميل».
أما عن الفن الجديد المطروح شرح مزاوي أكثر: أضفنا تقنية جديدة وهي تقنية التطريز على الفوتوغراف، هذا النوع من الفنون ليس جديداً، فهو موجود في إيطاليا وإسبانيا وأميركا، لكنه جديد في منطقة الشرق الأوسط، ونحن في سورية السباقون في تجربته. قدمنا أول تجربة منذ عامين ولكن هذه السنة التجربة أعمق بكثير، من حيث الأسلوب والتقنيات التي اشتغلنا عليها لكي نحصل على تنويع في الأعمال الأخيرة التي لم تقتصر على اللوحة، إذ اقترحت شريكتي تمار، بأن نوظف المغزى الحقيقي للصورة الفوتوغرافية من حيث الإبهار ونشر الجمال، فأدخلنا الأثاث المتنوع بالأعمال الفنية المقدمة في المعرض.
احتفالية حياة
من جانبها حدثتنا تمار شاهينيان عن دورها وشراكتها في هذا المعرض، وهو التعاون الثاني مع الفوتوغرافي أنطون مزاوي، مشيرة إلى أن التجربة الأولى في فن التطريز على الفوتوغراف شهدت النور في أول معرض، واعتبرت شاهينيان أنها كانت تجربة خجولة، ولكن بعد مرور نحو عامين، الأفكار تبلورت والمواضيع المختارة رأت النور، كي تأتي النتيجة بمجموعة متنوعة من الأعمال التي فيها الكثير من العمق ولتلقى الدهشة المطلوبة من الجمهور.
وفي حديثها لـ«الوطـن»: بعد نجاح المعرض الأول، بحثنا كثيراً عن موضوع يحقق الغاية المرجوة ويكون فيه الكثير من العمق، وعن تسمية المعرض بالخريف، كان الأستاذ أنطون قد التقط الكثير من الصور التي تعبّر عن خريف 2020، ولاستكمال مجموعته انطلق في تصوير المزيد، وعندما رأيت الصور شاهدت جمال الطبيعة واستمتعت جداً بالألوان المتنوعة والمبهرة حقيقة، وكنت أسأله دائماً: (كنت معك في مواقع التصوير ولم أنتبه لهذه اللقطة)، فهذا حقيقة ليس بغريب على عين الفوتوغرافي أنطون مزاوي التي تلتقط كل جميل لنقرر معاً بأن يكون الموضوع حول الخريف، ومن هنا استحضرتني أفكار كثيرة حول فن دمج الفوتوغراف والتطريز مع بعض، لكون هذا الفن يوسع من آفاق التطريز لدي. بصراحة ما شاهدته في الطبيعة أبهرني فأحببت كثيراً أن ننقل هذا الجمال للجمهور، فالخريف السوري جميل جداً وله معانٍ كثيرة في خريف عمر الإنسان، وشعرت كيف تطلق الطبيعة أجمل ألوانها في هذا الموسم، قبل أن تعطي فرصة لحياة جديدة، وأختم بأننا سنبقى -نحن السوريين- قادرين على نشر الإبداع والجمال والفرح ونحتفل بالحياة، رغم كل الظروف والتحديات الصعبة».