صدمة الجماهير السورية لم تقتصر على هزالة الأداء وخيبة التنظيم في مباراة منتخب السلة الأخيرة أمام نظيره الكازاخي، لا بل خابت آمال الجماهير في إجراءات ما سمي افتراضا إجراءات تنظيمية، وهي كانت أبعد ما تكون عن اسمها، وكان جديراً بتسمية لجنة الفوضى والهرج والمرج بدلا من اللجنة المنظمة.
فالجمهور عاش بحالة ذهول، وهو يشاهد أبواب الصالة مشرعة مجانا، وبلا متطلبات الفحوص أو التطعيم، وغبن شديد أصاب من اشترى البطاقات، وجاب من مكان إلى مكان، ومن مركز لآخر سعياً للحصول على بطاقة الحضور التي ادخر ثمنها من قوت عائلته ليفاجأ بأن الأبواب لا تحتاج لبطاقات لفتحها ولا تحاليل لمتابعة المنتخب.
كعادة القائمون على رياضتنا يصحون بعد انتهاء الدرس، ويتحركون بعد انطلاق القطار، ويدرسون بعد تقديم الامتحان، عند وصولهم للصالة اكتشفوا أن الحضور ضعيف، وبأن الجماهير غير متفاعلة بسبب قيود الحضور وارتفاع أسعار التذاكر، وبأن وهم البطاقات المباعة انعكس سلباً على كثافة الحضور، كل ذلك قبل دقائق من انطلاق صافرة المباراة، لتأتي حلول غوغائية ترقيعية وإطلاق مناشدات لتعزيز الحضور.
صدمة الجماهير السورية لم تقتصر على هزالة الأداء وخيبة النتيجة، وبدأت الاتصالات هنا وهناك وتوزيع البطاقات بالعشرات والاتصال بروابط المشجعين التي فقدت الأمل بالحضور بسبب ارتفاع سعر البطاقة وصعوبة إجراء التطعيمات.
كل هذه الزوابع النشطة لم تفلح بتدارك الخلل الذي ارتكبه القائمون على برمجة المباراة، وظهر تماماً أنهم مقيمون دائماً في كوكب المريخ، فلا هم مدركون لصعوبات الحياة المعيشية، ولا ضيق حال الجماهير المتحمسة للحضور، ولا كيفية توزيع البطاقات، وبأن منظومة خود وهات لتوزيع البطاقات قد أكل عليها الزمان وشرب، وما زال البعض يظن أن بعض التهريج أو الغزل على أحلام الجماهير سيكون مجدياً، فجاءت المدرجات خاوية، وجلست الجماهير في منازلها تتحسر على عجزها عن الحضور بقيود وهمية سقطت عندما بدأت المباراة.
واكتملت الفوضى بتصرف غير منطقي من مقدم الحفل الذي أوقف عزف النشيد الوطني ليشحذ الهمم ويحمس الجماهير على رفع صوته في موقف لا يليق بمستوى الحدث ولا بآداب ترديد النشيد الوطني.
ختاماً نقول إن أسهل ما في هذه الحياة هو التحليق في عالم التنظير والخيال وإطلاق الوعود، وبأن المحك لأهلية القيادة هو القدرة على تنفيذ الأفكار لا ترويجها، ولذلك أكمل اتحاد كرة السلة الحالي الضلع الثالث لمثلث فشله الإداري والفني بعد سقوط منتخب السيدات وخسارة منتخب الرجال، وفشل تنظيم المباراة، ولا ندري كم ستحمل جعبتنا من أصفار لمنحها لأداء هذا الاتحاد.
هل تعلم
هل تعلم أن حصول لاعب المنتخب الوطني على تأجيل للخدمة الإلزامية هو من واجب اتحاد كرة السلة، وبأن استبدال التأجيل بتسجيل صوتي لا يغني ولا يسمن من جوع ويدل على انعدام الاحترافية، وبأن عدم التحاق اللاعب بالمنتخب بسبب تقصير الاتحاد بالحصول على التأجيل يعتبر خطأ إدارياً.
وهل تعلم بأن مدير المنتخب الوطني لكرة السلة أفاد بأن الاتحاد الآسيوي رفض اعتماد أرضية صالة الفيحاء بعد انتهاء صيانتها بسبب سوء الأعمال المنفذة، وبأن الصالة أعيدت صيانتها مجدداً خلال أقل من شهر واحد.
وهل تعلم بأنه لم تتم محاسبة المتعهد أو لجنة استلام الأعمال المرفوضة من الاتحاد الآسيوي، وبأن مثل هذه الأفعال تتراوح بين الفساد والإهمال.
إستراتيجية مضحكة
هل تعلم بأن اللاعب عمر إدلبي شارك في المنتخب الوطني ضمن إستراتيجية الاتحاد في رفد المنتخب بالمواهب الشابة، وبأن اللاعب ديفيد هيرمز استبعد من المنتخب بسبب إستراتيجية الاتحاد بتأجيل ضم المواهب الشابة لحين اكتمال خبرتها ونضجها الفني، وهل تعلم بأن مثل هذا التناقض يؤكد أن المنتخب بلا إستراتيجية.
توفير
هل تعلم بأن منتخب كرة السلة صرف على معسكراته التدريبية ما يقارب ٥٠٠ ألف دولار بالعملة الأجنبية تحت شعار توفير الدعم المالي للتحضير، وبأن المنتخب نفسه تعاقد مع مدرب بنظام القطعة والدرس الخصوصي للمنتخب بسبب عدم توفر سيولة أجنبية لدفع رواتبه، وهل تعلم أن مساعد هذا المدرب يستلم رواتبه بالدولار وبشكل مستمر وبنظام الدوام الكلي، فيما يتقاضى المدرب راتبه بنظام الدوام الجزئي ومن استطاع لتدريب المنتخب سبيلاً.
وهل تعلم بأن أساتذة الاقتصاد وقفوا حائرين أمام حالة منتخب كرة السلة وعجزوا عن تصنيف حالته هل يتوافر لديه مال، أم لا يتوافر لديه.
حلول وهمية
هل تعلم بأن رئيس اتحاد كرة السلة أفاد بأن المنتخب يعاني من مركزين هما صانع الألعاب ومسدد الثلاثيات، وبأن حل هذه المشكلة كان من خلال إقصاء صانع الألعاب شريف العش والاعتماد على الأربعيني أنس شعبان دون بديل، وبأن حل مشكلة تسديد الثلاثيات عولجت بشكل جذري من خلال التعاقد مع مجنس لا يسجل ثلاثيات.
تصريح ولكن
هل تعلم بأن رئيس اتحاد كرة السلة أفاد بأن اللاعب عبد الوهاب الحموي هو أفضل لاعب سوري في مركزه، وبأنه لا يوجد أي لاعب سنتر منافس له، وبأن تعزيز تفوق عبد الوهاب كان من خلال الاستغناء عن خدماته جزئيا في مباراة الذهاب، وكلياً في مباراة الإياب.
اسمع كلامك استعجب
هل تعلم بأن اتحاد كرة السلة لا يوافق المدرب ساليرنو في قناعته وقراراته، ولكنه يحترمها ولا يتدخل بها لأنه المسؤول الأول والأخير في الجانب الفني، وبأن الاتحاد نفسه قبل استقالة مدرب منتخب السيدات عبد اللـه كمونة لأن الأخير رفض تدخل الاتحاد ومدير المنتخب في قراراته وخططه التدريبية، ولكن الاتحاد أفاد بأنه من حق مدير المنتخب التدخل في قرارات المدرب وخططه.
أخيراً وليس آخراً، هل تعلم بأن جمهور كرة السلة لم يعد يعرف على أي جنب ينام بسبب تناقض وجهات نظر الاتحاد.