سلطة المدير في المصارف الحكومية أعلى من مجلس الإدارة وهذا يعرقل تطبيق الحوكمة
| طلال ماضي
بعد أكثر من 12 عاما على اعتماد مصرف سورية المركزي دليل الحوكمة بالقرار 489 في عام 2009 للمصارف التقليدية، مع مهلة زمنية لتطبيقه خلال عام، هذه الحوكمة وضعت تحت بند بما لا يتعارض مع القوانين ذات الصلة، وتعارضت مع القانون رقم 2 المتعلق بالمؤسسات العامة، الذي ما زال تحديثه تحت خيار البحث دون الرسو على مفردات قانون محدد.
وبين خبير مصرفي عمل في وضع وتطبيق معايير الحوكمة فضل عدم الكشف عن اسمه في تصريح لـ«الوطن»، أن المعايير شملت بالدرجة الأولى آلية تعيين مجلس الإدارة، واللجان المنبثقة عن المجلس أو الأذرع التنفيذية، وبيئة الرقابة والضبط والإفصاح والشفافية، والعلاقة مع المساهمين، وأصحاب المصالح الأخرى، لافتا إلى أن سلطة المدير أعلى من سلطة مجلس الإدارة كونه هو نائب مجلس الإدارة والجهة التنفيذية, مشيراً إلى أنه من العقبات الأخرى الموجودة في القانون وتمنع تطبيق الحوكمة وضع ممثلين عن بعض الجهات في مجالس إدارات المصارف كالعمال والفلاحين من دون أن يكون لديهم إلماماً بالعمل المصرفي وحيثياته، معتبراً أن الحوكمة وئدت في مهدها عندما تم تطبيقها في ظل قانون تتعارض معه وملزمة للتنفيذ كون سلطة القانون أعلى من سلطة القرار.
وأكد الخبير المصرفي أن معايير الحوكمة تم وضعها «نسخ لصق» من تجارب دول أخرى، وهذه المعايير قد لا تنطبق حتى على الدول التي وضعتها وملزمة أن تطبق في سورية، لافتاً إلى أن معايير الحوكمة وضعت مع شرط ألا تتعارض مع القوانين والأنظمة، و80 بالمئة منها يتعارض مع القوانين النافذة في كيفية تعيين المديرين ووضع الصلاحيات وعلاقة الإدارة بالمديرين دليل إجراءات العمل تم وضعها في بعض المصارف كالصناعي، ولم توضع الإجراءات في جميع المصارف.
وأوضح الخبير المصرفي أن بعض النقاط الموجودة في القانون تمنع تطبيق الحوكمة، وأهم هذه النقاط تعيين المدير العام نائباً لرئيس مجلس الإدارة، بينما في الحوكمة السليمة المدير العام يفترض ألا يكون نائب مجلس الإدارة، لأن مجلس الإدارة يعين المدير ويحاسبه وهنا انفقدت أهم نقطة في الحوكمة، وممكن أن يكون عضواً ويمكن أن لا يكون له حق التصويت، وحتى تشكيلة مجلس الإدارة حددت بالقانون ولا تنسجم مع متطلبات الحوكمة، داعيا إلى تعديل مواد القانون 2 وخاصة المواد التي تخص المصارف العامة.
النائب العلمي في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور علي كنعان بين أن الحوكمة تعد من أهم المؤشرات البصرية التي تؤكد على تطبيق القوانين والنظم والقرارات التي تهدف إلى تحقيق الجودة والتميز في الأداء عن طريق اختيار الأساليب المناسبة والفاعلة لتحقيق خطط وأهداف المصارف، كما تشمل مقومات تقوية المؤسسة على المدى البعيد، وتحديد المسؤول والمسؤولية وحماية حقوق حملة الأسهم والمودعين، لأن مالك الأسهم لا سبيل أمامه لمراقبة الإدارة إلا من خلال الحوكمة.
وأكد كنعان أن تطبيق الحوكمة مرهون بآلية تعيين مجلس الإدارة، وطالما يتم تعيين مجالس الإدارات بقرار من الجهات العليا فهذا المجلس ملزم بتنفيذ قرارات الجهة التي قامت بتعيينه، من وزارة المالية ومجلس النقد والتسليف والمصرف المركزي، لذلك أخضعت المصارف الحكومية للحوكمة لكن لا يمكن تطبيقها، لافتا إلى أن نسبة تطبيقها خلال الأزمة متدنية ويجب أن تكون كذلك هذا في المرحلة السابقة، لكن خلال المرحلة القادمة ندعو إلى تطبيقها على مجلس الإدارة والموظفين وتطبيق المعايير الدولية في التمويل.
وأشار كنعان إلى أن التناقض بين صغار وكبار المساهمين في البنوك، بين توزيع الأرباح وزيادة حجم القيمة الدفترية للسهم أو حجز الأرباح لا يحلها سوى معايير الحوكمة، التي تلزم باتباع الخطوات الصحيحة والتي تحقق الفائدة للكبار والصغار. ولا أحد ينكر أننا عانينا من مشكلة السيولة خلال السنوات السابقة، ولو كان هناك معايير مطبقة لما كانت معاناتنا مؤلمة، ومع ذلك اليوم نحن أحوج ما نكون إلى مؤسسات مالية ومصرفية تتحمل المسؤولية أمام المودعين، وتحافظ على إيداعاتهم، ولا مناص من تطبيق معايير الحوكمة كاملة غير منقوصة وخاصة في المرحلة القادمة.