تقوم مراكز البحوث الأميركية think tanks التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية CIA بكتابة تقارير دورية تضع فيها سيناريوهات عن إمكانية نشوب حرب أهلية أو حدوث انقلاب في مكان ما من العالم، إلا أننا لم نشهد من قبل أن قامت هذه المراكز بدراسة الحالة الأميركية وقدمت تقارير تتنبأ فيها بإمكانية حدوث ما شابه على أرض الولايات المتحدة.
لكن مؤخراً قامت صحيفة «الغارديان» البريطانية بكتابة مقال بعنوان: «إن إمكانية حدوث حرب أهلية في الولايات المتحدة هو أقرب من المتوقع»، ويعتمد المقال على كتاب سيصدر في كانون الثاني القادم يحمل العنوان نفسه. تدّعي مؤلفة الكتاب باربرا والترز وهي أستاذة في العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا سان دييغو التابعة لوكالة الاستخبارات وباحثة في مركز دراسات بعدم الاستقرار السياسي.
تقول والترز في كتابها إنه: «اذا استخدمت الطرق والأساليب البحثية والتحليلية التي تطبق على باقي دول العالم لدراسة الحالة الأميركية التي تُظهر أن الحالة الأميركية هي أسوأ من المتوقع».
وقالت الكاتبة في تغريدة لها: «إن وكالة الاستخبارات لديها مكتب خاص يعمل على تنبؤ حالات عدم الاستقرار السياسي وكيف تتم في العالم، لكنه من غير القانوني أن تطبق هذه التحاليل والتنبؤات على الأرض الأميركية» وتقول أيضاً: إن «الديمقراطية الأميركية التي يعود عمرها لقرنين من الزمان، دخلت مرحلة خطرة إذ تخطت مرحلة ما قبل التمرد والنزاع الأولي ودخلت مرحلة المواجهة المباشرة منذ الهجوم على مبنى الكابيتول في السادس من كانون الثاني الماضي»، وتضيف: إن «الكثيرين لا يريدون الاعتراف بأن الديمقراطية الأميركية بدأت تتحول إلى أنوقراطية أي بين الديمقراطية والأوتوقراطية».
في الوقت نفسه قال ثلاثة جنرالات من المتقاعدين وهم بول أيتون وأنتوني ناجويا وستيفين أندرسون، في تصريح لـ«واشنطن بوست» إنهم «قلقون جداً مما قد يحصل بعد انتخابات 2024 وإمكانية حدوث فوضى مسلحة داخل الجيش الأميركي، وخاصة أن 10 بالمئة ممن شاركوا في الهجوم على مبنى الكابيتول في السادس من كانون الثاني الماضي خدموا في الجيش».
ساعد رفض الرئيس السابق دونالد ترامب الاعتراف بخسارته في الانتخابات 2020 واتهامه الديمقراطيين بتزوير الانتخابات إلى تأجيج الشرخ في الشارع ودفع الجمهوريين الذين لم يفوزوا بالأصوات الشعبية منذ 1988 للعمل على وضع عراقيل أمام تصويت المجموعات التي تدعم الديمقراطيين.
بينما يرى سيدني بلومانثيل مستشار الرئيس السابق بيل كلينتون أن «رفض دونالد ترامب لنتائج الانتخابات أدى إلى التشكيك في العملية الديمقراطية وشرعيتها. وإذا حدث هناك تشكيك آخر في الانتخابات القادمة، فقد يدفع ذلك نحو حدوث عنف جديد في الشارع، ما قد يدفع المليشيات المسلحة المحاولة للاستيلاء على مباني الدولة في الولايات، لكن ذلك قد لا يستمر طويلاً لأن القائمين على الجيش غير مسيسين ما قد يحول العنف إلى نزاعات خفيفة».
مع أن الانفصاليين عام 1861 اعترفوا بفوز الرئيس أبراهام لينكولن بالانتخابات إلا أن الحرب الأهلية التي نشبت ذاك العام استمرت إلى العام 1865 وحصدت 620 ألف روح أي ما يعادل 6 ملايين إنسان اليوم، فهل من الممكن أن يعاد سيناريو الحرب الأهلية مرة أخرى إذا تم التشكيك بانتخابات 2024؟