مشاكل عائلية…والشعور بعدم جدوى التعليم والفقر وراء التسرب المدرسي بحمص … مرشدون نفسيون بالمدارس لتأهيل التلاميذ الذين انقطعوا بسبب الحرب
| حمص - نبال إبراهيم
مع بداية كل عام أو فصل دراسي جديد تعود ظاهرة تسرب التلاميذ والطلاب من مدارسهم للظهور مجدداً باعتبار هذه الظاهرة من أهم المشاكل التي يعانيها الأهالي أو إدارة المدرسة على حد سواء وما تسببه هذه الظاهرة من تهديد لمستقبل الطلاب، علاوة على وجود المئات من التلاميذ المتسربين خارج المدارس لأنهم مازالوا مهجرين مع عائلاتهم خارج أحيائهم أو قراهم.
عدد من المدرسين والإداريين في بعض المدارس الذين التقتهم «الوطن» وتواصلت معهم أكدوا أن المشكلة الأساسية لتسرب التلاميذ من مدارسهم تكمن في عدم رغبتهم في التعليم أو الدوام المدرسي لاعتبارهم أن التعليم غير مجدٍ ولا فائدة منه في الحياة العملية، أو لوجود مشاكل عائلية يعاني منها الطالب أو حالات نفسية يمر بها، بغض النظر عن وجود عدد كبير من الطلاب المتسربين نتيجة التهجير، لافتين إلى أن مشكلة التسرب هي مسؤولية مشتركة بين المدرسة وأهالي الطلاب.
وأشاروا إلى أن هذه الظاهرة بدأت بالتناقص والانحسار عاماً بعد عام بعد أن تضاعفت كثيراً أثناء سنوات الحرب، لافتين إلى أن متابعة الطلاب المتسربين والمنقطعين عن المدرسة مستمرة من خلال التواصل مع الأهل لمعرفة أسباب المشكلة منذ بداية العام الدراسي وإنشاء علاقة صداقة بين المدرسين والطلاب.
من جانبه بين مدير التربية في حمص وليد المرعي لـ«الوطن» أن المديرية تقوم بجولات على مدارس الحلقة الأولى والثانية على امتداد المحافظة لرصد حالات التسرب وإحصاء عدد التلاميذ المتسربين من مشرفي التعليم الإلزامي في كل مدرسة على حدة والعمل على إعادتهم بشكل مباشر إلى مقاعد الدراسة، لافتاً إلى أنه يتم قبول جميع التلاميذ المتسربين ( المنقطعين عن المدارس) في أي مدرسة يرغب الأهل فيها بإلحاق أولادهم بموجب موافقة من شعبة التعليم الإلزامي في مديرية التربية.
وأشار إلى أن المديرية تقوم بالتواصل مع الأهل ولجان الحي لمعرفة مكان إقامة التلاميذ المتسربين من المدرسة من أجل عودتهم إليها والعمل على تشجيعهم للعودة إلى مقاعد الدراسة، مشيراً إلى التعاون مع بعض الجمعيات الخيرية والأهل وإدارات المدارس ومديرية التربية للحد قدر الإمكان من ظاهرة التسرب.
وأكد المرعي أن ظاهرة تسرب التلاميذ من المدارس انخفضت في المحافظة هذا العام بشكل واضح مقارنة بالأعوام السابقة التي تناقصت فيها نسبة التسرب عاماً بعد عام، مشيراً إلى أن أعداد الطلاب المتسربين الذين تمت إعادتهم إلى مقاعد الدراسة هذا العام ازدادت بشكل ملحوظ مقارنة بالعام الماضي وما قبله نتيجة للإجراءات التي قامت بها الوزارة للعمل على تشجيع وإعادة الطلاب المتسربين إلى مدارسهم.
بدوره بين المدير المساعد للتعليم الأساسي في مديرية التربية محمود إدريس لـ«الوطن» أن أهم أسباب ظاهرة التسرب للتلاميذ في المدارس يعود لظروف الأزمة والتهجير الذي حصل للعائلات والحاجة لبعض الأسر التي كانت فقيرة للدخل واضطرار أحد الأولاد للعمل لتأمين القوت اليومي لهذه الأسر، موضحاً أن هذه الظاهرة كانت قديمة لكن ليس بالحجم الذي وصلت إليه خلال الأعوام السابقة.
وأشار إلى أنه يتم العمل على هذه الظاهرة من مديرية التربية بشكل دائم ومتواصل على مدار العام الدراسي من خلال رصد حالات التسرب والعمل على إعادة الطلاب المتسربين إلى مدارسهم بشكل ودي ومباشر، إلا أنه في حال امتناع التلميذ أو ذويه عن العودة يتم اتخاذ إجراءات قانونية عن طريق قسم الشرطة بعد أن يتم إبلاغ ولي أمر الطالب، وفي حال الامتناع يوجد هناك مخالفات مالية وتصل العقوبة أحياناً إلى السجن.
وأوضح إدريس أنه يوجد حالياً لدى المديرية 53 مشرف تعليم إلزامي يتم من خلالها تغطية المحافظة كاملة (مدينة وريف) ويعملون على رصد حالات التسرب عند الأطفال في المدارس بالتعاون مع أمناء سر التعليم الإلزامي ومختار الحي بالريف أو المدينة، مشيراً إلى حالات التسرب الخارجة عن موضوع التهجير والمتعلقة بالحالة النفسية أو الاجتماعية للطالب أو عدم حب التلميذ للمدرسة، فقد تم تأهيل كل المدارس بمرشدين اجتماعيين ونفسيين مهمتهم الإشراف على هؤلاء التلاميذ والعمل على إعادتهم إلى مقاعد الدراسة وفق برامج خاصة لديهم بعد تنفيذ عدة جلسات متكررة مع الأطفال حتى يتخلوا عن أفكارهم أو المشاهد أو الحالات التي لديهم.
وأكد إدريس أن هذه الظاهرة انخفضت خلال العام الدراسي الحالي بنسبة نحو 30 بالمئة مقارنة بالعام الماضي وأنه يتم حالياً متابعة هذه الظاهرة من مختلف جوانبها، والعمل خطوة بخطوة مع التعليم حتى لا يبقى أي طالب متسرب خارج المدرسة.
وكشف عن أنه تم افتتاح ما يزيد على 100 شعبة صفية بالتعليم في 267 مدرسة على امتداد المحافظة هذا العام وأن جميع طلاب هذه الشعب الصفية كانوا من المتسربين وخارج نطاق المدرسة على الإطلاق، وتمت إعادتهم جميعاً إلى مقاعد الدراسة وتعليمهم وفق مناهج خاصة بهم، مشيراً إلى أن إجمالي عدد الطلاب المتسربين الذين تم إعادتهم إلى المدارس في المدينة والريف منذ بداية العام الدراسي وحتى تاريخه وصل إلى 4743 طالباً وتلميذاً وجميعهم بحلقة التعليم الأساسي من الصف الأول إلى الصف التاسع.
وأكد إدريس أنه ما زال هناك الكثير من حالات التسرب للأطفال ويتم العمل على رصدها وتتبعها بالتزامن مع عودة الأهالي المهجرين إلى أحيائهم التي تم إعادة تأهيلها، وإحصاء عدد الأطفال المتسربين الذين عادوا مع أسرهم إلى تلك الأحياء والعمل على إعادتهم ضمن مدارس الحي التي تم تأهيلها.