بدأت إسرائيل بتكثيف اهتمامها بحسابات الأخطار المحيطة بها من الداخل والخارج تحسبا من أي تطورات مفاجئة بموجب ما علّق عليه المحلل العسكري الإسرائيلي في 13 آذار الجاري لموقع «والا» العبري للأخبار، أمير بوحبوط، وكذلك في سلسلة تحليلات متتالية نشرها في الأيام الماضية.
يرى بوحبوط أن انتقادات جرى توجيهها لرئاسة الأركان بسبب تقصير في الإعداد لكل الاحتمالات المتوقعة ضد الجبهة الداخلية الإسرائيلية من مختلف الأطراف، ويكشف أن «إيران أرادت حقاً الانتقام لمقتل الجنرال قاسم سليماني حين شنت صواريخها ضربة في مكان في أربيل، وأعلنت أنه مقر للموساد «جهاز التجسس والمهام الخاصة الإسرائيلي»، وأنها اختارت التوقيت نفسه الذي قتل فيه الجنرال قاسم سليماني، وهو الساعة الواحدة وعشرون دقيقة فجرا «واستند إلى معطيات قسم الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي «أمان» اختصاراً بالعبرية «أغاف موديعين» التي ورد فيها أن «توقيت ضرب تلك المنطقة في أربيل جاء بالتوقيت نفسه الذي اختارته واشنطن لاغتيال سليماني»، وأضاف بوحبوط: إن «تاريخ ميلاد سليماني يتصادف أيضاً مع هذه الأيام»، ولذلك يحذر من القدرات الإيرانية الصاروخية وخاصة ذات الدقة بإصابة الأهداف، ويرى أن الصواريخ التي ضربت منطقة في أربيل كانت دقيقة الإصابة ويتوقع أن تكون إيران قد أعلنت عن طريق هذا الهجوم أنها لن تبقي حسابات ردودها على إسرائيل مغلقة، بل يبدو أنها بدأت بفتحها ولن تعود تستخدم عبارات أنها ستختار الزمان والمكان المناسبين للرد كالسابق.
واستشهد بوحبوط بالبيان الذي صدر عن الناطق العسكري الإسرائيلي ونشر في الموقع الإلكتروني للجيش الإسرائيلي والذي جاء فيه: «قامت وحدات عسكرية متخصصة باستلام واستيعاب معدات الدعم العسكري من الخارج والمتجهة إلى مطارات إسرائيل أثناء حالات الطوارئ، بإجراء تدريب على هذه المهام في مطار رامون قرب إيلات جنوب البلاد بإشراف وزارة الدفاع وقيادة الجيش»، وهذا ربما يعني أن الجيش الإسرائيلي يعمل على إعداد نفسه لوضع طارئ يفرض عليه التزود بالذخائر والأسلحة بالطائرات العسكرية الناقلة القادمة من الخارج تحسباً من نفاد ما لديه في حرب يتوقع احتمال وقوعها أو احتمال شنها من قبله في المنطقة.
يبدو أن إسرائيل قررت في أعقاب الحرب الدائرة في أوكرانيا وحملة التحريض الغربي الهجومية على روسيا، اتخاذ استعدادات لم تكن في حسابها قبل بداية العمليات العسكرية في أوكرانيا والمضاعفات المحتملة منها على المستوى الدولي والإقليمي في المنطقة، وهذا ما دفع إسرائيل إلى الانشغال بترميم الثغرات التي يتحدث عنها بوحبوط في الجبهة الداخلية الإسرائيلية التي تفتقر العدد المطلوب والمناسب من الملاجئ.
لقد حذر ثلاثة رؤساء أركان، مراراً، من اضطرار إسرائيل إلى مواجهة عسكرية على عدة جبهات من الشمال والجنوب والوسط، فالكيان الإسرائيلي يحيط به الأعداء من كل اتجاه ومكان، الفلسطينيون في داخله أي فيما يسمى جبهته الوسطى في الضفة الغربية المحتلة ويبلغ عددهم أكثر من ثلاثة ملايين، وفي المناطق المحتلة منذ عام 1948 بين مدنه ومستوطناته يوجد مليونا فلسطيني، وأشار إلى خطرهم رئيس مركز هيرتسيليا الإسرائيلي للدراسات رايخمان حين قال في ندوة جرى بثها في المؤتمر السنوي لهذا المركز إن «ضباطاً في الجيش الإسرائيلي ذكروا له أنهم تجنبوا نقل معدات عسكرية من الجليل إلى الجنوب أثناء معركة «سيف القدس» في أيار العام الماضي، خوفا من تعرضها لخطر من القرى الفلسطينية في الجليل».
وإلى جانب هذا الوضع غير المسبوق من منظور الأمن الإسرائيلي الداخلي لا تزال جبهة الشمال وجبهة قطاع غزة في الجنوب تحتفظان بكل قدراتهما الصاروخية والقتالية في مواجهة أي عدوان إسرائيلي، وخاصة بعد أن تبين للحكومة الإسرائيلية أن الولايات المتحدة وحلف الأطلسي ينشغلان على الساحة الدولية بجدول عمل ظهر فيه ضعفهما أمام ما يجري في أوكرانيا.
لذلك يقول بوحبوط إن استلام واستيعاب الدعم العسكري الذي ينقل عبر قطار جوي من الطائرات وإعداده للاستخدام في جبهة الحرب مهمة حيوية جداً للجيش الإسرائيلي، ويبدو أن إسرائيل تخشى من احتمال استهداف مخازنها العسكرية في أي حرب مقبلة فقررت إنعاش حيوية هذه الخدمات من المتخصصين بها في الجيش في حالة الطوارئ.