ظهر في السنوات الأخيرة اعتماد بعض الفرق على عضو بالكادر الفني يحمل صفة «محلل أداء» وكعادة الجماهير السورية تأخذ كل ما هو جديد بسخرية ولا يدركون قيمة عمل المحلل وكم يكون دوره كبيراً بالتحضير للمباراة بالإضافة لدوره أثناء المباراة وكم يوفر من الوقت لمدرب الفريق.
محلل الأداء اليوم أصبح لا غنى عنه شأنه شأن مساعد المدرب وأقرب وصف له هو عين المدرب على الفريق الخصم، ولا يقتصر دوره فقط على إعطاء معلومات عن خصم فريقه فهو له دور رفقة المدرب بوضع الخطة الرئيسية للمباراة ومعرفة نقاط الضعف والقوة للخصم والعمل عليها بتدريبات الفريق الاستعدادية للمباراة بالإضافة لتحضير المقاطع والفيديوهات لحالات اللعب والأخطاء الموجودة بالفريق للخصم من أجل استغلالها، وبالتأكيد العمل على كشف أخطاء فريقه لتصحيحها، ودور محلل الأداء يختصر الكثير من الوقت لمدرب الفريق، فقديماً كان المدرب مجبراً على مشاهدة مباراتين وثلاث تكون مسجلة والعمل على استخلاص بعض الحالات وإعداد تقرير وهو ما يوفره المحلل بسهولة وسرعة اليوم.
وكان لـ«الوطن» لقاءات مع بعض المحللين للسؤال عن ماهية عملهم والصعوبات التي يواجهونها عمار الجراد محلل الأداء بنادي الفتوة تحدث لـ«الوطن» فيقول:
في سورية يتم تقدير مهنة محلل الأداء بشكل خاطئ، الحقيقة أننا بعيدون جداً عن إنجاح هذه الجزئية رغم أنها باتت جزءاً أساسياً باللعبة وفي كثير من الدول العربية وعلى رأسها مصر التي تعيش حالة مثالية في هذا المجال خصوصاً مع التنامي الكبير لشركات الإحصاء وبرامج التحليل.
من أهم المساهمات التي يقدمها هذا العلم هو توفير الكثير من الوقت للمدرب وكذلك المساعدة في بناء نظام تكتيكي مدروس من خلال التوسع بالتفاصيل الفنية المعمول بها وتعزيزها بالأرقام والبيانات التي تُحلل بشكل دوري وتُحول إلى معلومات.
هناك فارق كبير بين مفهوم قيادة المباراة وتحضير المباراة، وفي سورية يغيب المفهوم الثاني بشكل كامل حيث لا نشاهد سوى تمارين مكررة طوال الموسم وتشكيلات ثابتة وتبديلات مقروءة، لذلك نشاهد دورياً بلا مفاجآت وبفوارق فنية تخضع لجودة اللاعبين أولاً وثانياً وثالثاً، وبالتالي فإن الأغلبية من مدربي دورينا يعيشون تحت رحمة جودة لاعبيهم وقدراتهم الفردية في بعض الأحيان والصدفة في أحيان أخرى مع الكثير من الترويج لمصطلحات مثل الحالة الانضباطية والحالة المعنوية حيث يحاول البعض الاختباء خلف هذه المصطلحات لإخفاء نقص المعرفة لديهم.
الموسم الماضي كان الأول لي في هذه المهنة بعد سنتين من البحث والدراسة بكل ما يخص هذا المجال، ولا يمكن بأي شكل وصف الصعوبات التي تعوق نجاح هذا الدور، بدايةً من جهل الكثير من المدربين بدور محلل الأداء وصولاً إلى صعوبة تأمين الأدوات المساعدة لمحلل الأداء من إحصائيات وبرامج تحليل.
تطوير الكرة السورية يبدأ من تطوير هذه الجزئية، قتل الصدفة هو الخطوة الأولى نحو كرة قدم حقيقية واتحاد الكرة مطالب بتعزيز هذا الجانب المهم من خلال إجراء دورات وورشات عمل بعلوم التحليل وجعل محلل الأداء جزءاً فعالاً في المنتخبات الوطنية وليس مجرد خانة للتعبئة وبرأيي فإن المواسم القادمة ستشهد تطوراً لهذه المهنة في سوريا بسبب أن الكثير من المدربين الشباب باتوا على رأس الأجهزة الفنية حيث الاهتمام سيكون أكبر بالأمور التقنية بعيداً عن العقليات القديمة غير القابلة للتطور.
أما معن الحسن محلل الأداء بنادي جبلة فقال: تحليل الأداء في دورينا مرتبط بالفيديو فقط وبرؤية المحلل ذاته وما يمتلكه من علوم وخبرة تراكمية طويلة إضافة إلى الأدوات المطلوبة من كاميرا حديثة وحاسوب نوعي وبرامج رسوم خاصة وكذلك برامج الميديا.
دوري اليوم في النادي هو تسجيل جميع مباريات الفريق، ومن ثم الانتقال إلى تحليل مقاطع لعب الفريق وفق المهام الموكلة لهم من الكادر الفني والتي أكون على دراية مسبقة بها، وتبيان مدى الالتزام التكتيكي والانضباطي والإحاطة بنقاط ضعفنا وقوتنا، ووضع الكادر الفني برؤيتي الخاصة لما جرى في أرض الملعب وقد يصل التنسيق إلى مرحلة اللايف أثناء المباراة نفسها.
وكذلك الأمر بالنسبة للفريق الخصم، دراسة شاملة عن كل ما يقوم به من أساليب لعب والتزام لاعبيه التكتيكي بمهام مراكزهم وكيفية تنفيذه للكرات الثابتة وأساليب الضغط التي يمارسها وتبيان نقاط ضعفه وقوته والإشارة بوضوح إلى مفاتيح اللعب التي يعتمد عليها.