قد لا يسترعي انتباهنا مدى العلاقة الوطيدة التي تربطنا بالأقفال، فالقفل بكل أشكاله يرافقنا في كل صغيرة وكبيرة يومياً، والقفل والمفتاح واحد، فلا يكون أحدهما من دون الآخر.
لا يمكن تطوير مؤسسة، من دون بيان خطورة العقل المغلق القائم عـلى إدارتها والمستعصي على التجديد. ولا أتصور يوماً أن أحداً سوف يرفع بعض القواعـد البشرية لمنزلة النصوص التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها!
وهنا نتحدث عن إغلاق المدير عـقله بالتمترس المتعصب لفكرة ما!
من زمن تم رسم بروفايل للعقل المغلق فهو مثل الحجرة المظلمة التي لا نوافذ لها، ولا يدخلها النور، ولا يمكن لمن بداخلها أن يرى شيئاً سوى ما اعتاد عليه. وهى حجرة لا يدخلها هواء جديد، ومَنْ بداخلها لا يتنفس إلا هواء قديماً أما أوكسجين الحياة المتجدد فلا يمكن أن يصل إليه!
إن صاحبنا ذو العقل المغلق أشبه بالطفل في رحم الأم، كل عالمه هو هذا الرحم، وهو غير متصل مع العالم الخارجي، ولا يمكن لأحد أن يحاوره، ولا يمكن أن يخرج من هذا العالم المغلق بإرادته، إنه يظن أن الخروج من هذا العالم مهلكة، وهو يصرخ بأعلى صوته ويتلوى ويرفس عند إخراجه قسراً!.
لذا لا يستطيع صاحب العقل المغلق أن يتجاوز ذاته أو عالمه الخاص، ومن المستحيل أن يرى أي شيء خارج عقله ولا يستطيع أن يتجاوز أفكاره المظلمة ولا يمكنه أن يرى غير أفكاره هو، ويعدها يقينية قطعية لا تقبل المناقشة!
العقل المغلق مثل الحجرة المظلمة التي لا نوافذ لها.. إنها لا ترى النور، ولا يمكن لمن بداخلها أن يرى شيئاً سواء في الداخل أم في الخارج.. ولا يتنفس إلا هواء قديماً، أما أوكسجين الحياة فلا يمكن أن يصل إليه!
وهذه الحالة من الانغلاق العقلي التي يعيشها صاحبنا تجعله منفصلاً تماماً عن الواقع؛ أسير أوهام يعتبرها منزهة! حيث ليس بوسع أحد أن يفرض عليه قواعد وقوانين من خارج مفاهيمه وحقائقه هو، لأنه هو الذي يحددها ويختارها ويلتزم بها بمقدار ما تخدم قضيته، وبما تتناسب مع الظروف التي يكافح فيها.
هنالك سمات يتسم بها صاحب العقل المغلق: الاستئثار بالحقيقة، فيزعم أنه وحده الذي يعرف الحقيقة؛ مع عدم الرغبة بفتح قنوات للحوار مع الآخر؛ حيث ينغلق على نظام قيم معين بصورة جامدة.
رافقت الأقفال تطورنا منذ قديم الزمان، فتطورت مع الملكية الخاصة، ثم مع ازدياد الحاجات التي نملكها، ثم مع الاستقلال عن الجماعة في بيت أو أرض، ومن بعدها، مع تطور التبادلات التجارية وظهور العملات، وأمعنا في تطويرها وتشديد مناعتها كلما زادت حاجتنا لإخفاء أسرارنا وممتلكاتنا! وكان الأثرياء والمقدمون في المجتمع يتباهون بحمل مفاتيحهم وإبرازها أمام الناس. ونستخدم مئات الأقفال في النهار الواحد، بعضها ما زال بدائياً، وبعضها الآخر بات متطوراً جداً، فبدءاً من قفل البيت، إلى باب المصعد، إلى قفل باب السيارة، وقفل محركها، إلى البطاقة الإلكترونية للصراف الآلي، ومنها إلى باب المكتب، إلى قفل الخزانة، وقفل الإنارة في الغرف، وغيرها الكثير، حتى أزرار القميص وسحاب الجاكيت، وربط الساعة باليد، هي نوع من الأقفال.
يمكن إسقاط فكرة القفل والمفتاح على أمور معنوية غير مادية أيضاً، فنقول، مفتاح القلب، وقفل الروح، وقفل المشكلات، ومفاتيحها، بل قد تكون لكل العلاقات البشرية «أقفالها ومفاتيحها»، تتبدل وتتغير حسب الحاجة إلى الآخرين ومدى القرب والبعد منهم.
أما أشكال الاحترام الأكبر فهي في تسليم شخص مفتاح مدينة ما، وهي عادة ما زالت رائجة حتى يومنا هذا، حين تقدم مدينة ما مفتاحها لشخص معروف بعطاءاته أو إنجازاته، وتعود هذه العادة إلى الزمن الذي كانت فيه المدن والحواضر تقفل أبوابها أمام القادمين، فكان مفتاح المدينة يقدم للشخصيات الاعتبارية وكبار الزوار، كنوع من تأكيد الثقة بهم وتشديد الروابط معهم.
ختاماً؛ قد نضطر لإقفال بابنا؛ ولكن.. دعـنا نفتح عـقولنا!