منذ أيام تلقيت اتصالاً من صديق وزميل قديم من زمن صحيفة «تشرين»، أي من الزمن الجميل.
في البداية استغربت هذا الاتصال لأنه جاء بعد سنوات طويلة، قلت في نفسي: ترى! ما الذي ذكّر هذا الصديق بي بعد طول غياب؟ لكن إذا عرف السبب بطل العجب كما يقولون.
قال: أمس شفتك بالمنام! خير اللهم اجعله خيراً، فأجاب: رأيت في الحلم أنك تسلمت منصب رئيس مجلس الوزراء، ضحكت وقلت من دون تردد: ساعتها سأعتذر فوراً، فرد قائلاً: عندها أرجو أن ترد السلام علينا، فقلت: إذا كان عندي وقت!
هذه المكالمة حدثت فعلاً وليست تخيلاً أو من بنات الأفكار، وأعتذر عن ذكر اسم الصديق-الزميل كي لا أحمّله أي مسؤولية قانونية أو إجرائية عما سأكتبه الآن.
أعجبتني الفكرة فقررت أن أشكل حكومة أسميها «حكومة الخيال» بالإذن من السيد رئيس مجلس الوزراء، فهي أصلاً حكومة افتراضية من كلام وخيال وأحلام يقظة ومنام!
مهمة هذه الحكومة إنقاذ البلاد والعباد من البلاء الذي نعيشه، و«من قلب محروق» سأصدر أول قرار إلزامي برفع الدعم عن السادة الوزراء، فيشترون ربطة الخبز بألف وثلاثمئة ليرة ولتر البنزين بـ3500 ليرة، والباقي تعرفونه جميعاً يا أمة العرب!
ومن باب الرأفة والشفقة على الوزراء والمواطنين يسمح للوزير بسيارة واحدة على أن يدفع ثمن وقودها «البنزين» من ماله الخاص، ولا بأس أن توفر الحكومة- أقصد حكومتي الافتراضية- حافلات خمس نجوم لنقل السادة الوزراء إلى أعمالهم توفيراً للبنزين واستهلاك السيارات.
في الإطار نفسه على حكومة الخيال هذه توزيع الناتج الوطني بشكل عادل بين المواطنين، وتحديد مفهوم الفساد، ومَن الفاسد ومَن الأكثر فساداً، وتأميم الفاسدين الأكثر فساداً، وتوجيه الإنذارات للآخرين بتخفيف فسادهم بما يسهم في إنقاذ الاقتصاد الوطني من الهلاك.
لكن المشكلة تكمن في كيفية وضع اليد على مكامن الفساد في الجسد الحكومي وفي المجتمع المدني، وهذا يتطلب إحداث وزارة اسمها «وزارة مكافحة الفساد والمفسدين»، ويجب أن يكون وزير مكافحة الفساد فاسداً سابقاً لأنه خير من يكتشف الفاسدين لمعرفته بأساليبهم وطرق نهبهم للمال العام!
ولأن الشيء بالشيء يذكر فستكون مهمة الحكومة إعادة الاعتبار للطبقة الوسطى التي اهترأت وصارت بحاجة إلى ترقيع، فما جرى ويجري جعل هذه الطبقة غير صديقة للحكومة والبيئة!
هناك وزارات يمكن دمج بعضها بالبعض الآخر، فنحن فتحنا عيوننا على وزارات يجب العودة إليها مثل: وزارة التربية والتعليم العالي والبحث العلمي.
وزارة السياحة والثقافة والإرشاد القومي، ويمكن الاستغناء عن الإرشاد القومي لأن مواطنينا يتقنون الفنون القومية المتنوعة، ويضاف إليها الآثار والمتاحف فجميعها تكمل بعضها.
وزارة الزراعة والري والموارد المائية، وزارة الصناعة والنفط والثروات الطبيعية تحت وفوق الأرض، يضاف إليها مهمة التصنيع الحربي فنحن بحاجة إلى مثل هذه الصناعات.
وزارة الأمن وخدمة المواطن وهي تهتم بقضايا المرور والمخافر وجوازات السفر، وستعمل الحكومة على أتمتة هذا الفرع بالذات إذ سنأخذ تجربة البلدان المتقدمة حيث يدخل المواطن إلى غرفة في الشارع تشبه الصرافات الآلية، فيتم تصويره بعد تلقيم الجهاز بالمعلومات اللازمة، وبعد دقائق يستلم جواز السفر من هذه الآلة العجيبة.
هذه رؤوس أقلام فقط، وعندما يتم تكليفي رسمياً سأعلن برنامج حكومتي الافتراضية التي لن ترى النور أبداً!!!