مشروع جريح وطن يفتتح معرضاً للفنانين الجريحين نسيم إبراهيم وعلي برهوم … وزيرة الثقافة لبانة مشوّح: التجربة في طور النضوج وما رأيناه جميل جداً ويستحق كل التشجيع
| مايا سلامي - تصوير طارق السعدوني
برعاية وزارة الثقافة افتتح مشروع جريح وطن وصالة أدونيا للفنون معرضاً فنياً للجريحين نسيم إبراهيم وعلي برهوم، وذلك في المركز الثقافي العربي في دمشق.
وتضمن المعرض الذي يفيض بروح التحدي والأمل عدداً من اللوحات التي حملت خلف موضوعاتها أجمل أشكال الصبر وقوة الإرادة التي خطتها أنامل مصابي حرب لم تقتلهما رصاصة الغدر بل خلقت فيهما روحاً جديدة ملؤها الشغف والعنفوان والرغبة القوية في تجاوز كل المحن والمشقات التي قاساها لاستكمال درب حلمهما وإبداعهما الذي سارا فيه منذ أن كانا طفلين صغيرين، فكانت ولادتهما الجديدة على يد موهبتهما الطفولية البريئة التي عادا إليها اليوم بمزيد من التألق والإبداع والفخر بكل ما قدماه من تضحيات لأرض وطنهما.
تطور كبير
وفي تصريح صحفي قالت وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوّح: «في الواقع إن هذين الجريحين موهوبان من دون أدنى شك، وهذه الموهبة عطلتها الإصابة لفترة ما ولكن إرادتهما القوية وتصميمهما على المضي قدماً وعلى مقارعة الحياة وعلى الاستمتاع أيضاً بالحياة، لأن الموهبة عندما ننميها نستمتع بكل لحظة من ممارستها».
وأكدت أن هناك تطوراً كبيراً في المرحلة الأولى عنه في المراحل الحالية حيث بدأ كلاهما في الرسم بالرصاص وبالفحم وانتقلا إلى الألوان، منوهة بأن التجربة في طور النضوج ولكن ما رأيناه جميل جداً ويستحق كل التشجيع.
مستقبل البلد
وبين الفنان الجريح علي برهوم: «أحببت الرسم منذ الطفولة وبدأت أرسم عندما كنت في الصف السادس بجهدي وإمكاناتي الخاصة ومن ثم عن طريق مساعدة صديق علمني بعض الأساسيات كنوع الورق الذي أرسم عليه ونوع الألوان، وأعطاني ملاحظات لأدقق في مقاساتي بشكل أكبر وأن أصبر أكثر على الرسمة الواحدة التي قد تستغرق بضعة أيام فبدأت العمل وفقاً لهذه الأسس واجتهدت كثيراً حتى وصلت إلى هذه المرحلة».
وعن التركيز على موضوعات الطفولة في لوحاته أوضح: «الطفولة هي أغلى شيء دافعنا عنه نحن عناصر الجيش العربي السوري، فهم مستقبل هذا البلد وسيبنون سورية الجديدة وهم من سينشئ الأجيال القادمة ليذكروهم بتضحياتنا».
وأكد على أن هذا المعرض الذي يقيمه مشروع جريح وطن هو دعم معنوي كبير ومادي أيضاً من الممكن أن يساعدهم في المراحل القادمة.
شغف كبير
كما أشار الفنان نسيم إبراهيم إلى أنه: «بدأت في الرسم منذ أن كنت طفلاً صغيراً ومن صف الرابع تحديداً أحسست بأنه لدي شغف كبير بالرسم وكنت أحاول أن أرسم كل ما أشاهده أمامي واستمررت على هذه الحالة حتى أنهيت المرحلة الثانوية ودخلت فرع الهندسة في الجامعة، ومن ثم بدأت الحرب على سورية فتطوعت بصفوف الجيش العربي السوري وانقطعت عن الرسم بسبب الظروف التي عشناها، وفي عام 2014 تعرضت لإصابة في يدي اليمنى وقدمي اليسرى وبات من الصعب أن أرسم مجدداً».
وأضاف: «بعد إصابتي بسنتين كان لي محاولات كثيرة لأن أرسم ولكن لم أستطع أبداً وبدأت التعلم من الصفر لأرسم بيدي اليسرى واللوحات الأولى التي رسمتها في تلك الفترة كانت تشبه رسم الأطفال، شبه لكن مع التدريب شيئاً فشيئاً لاحظت بعض التطور الذي شجعني على أن أستمر إضافة إلى دعم كبير من عائلتي وأصدقائي الذين ساعدوني بتأمين بعض الأدوات والمواد اللازمة».
ولفت إلى أنه: «لم أخضع لأي دورات تدريبية في مجال الرسم وكان أغلب تعلمي وتدريبي من الإنترنت حيث كنت أشاهد مقاطع تعليمية على اليوتيوب ولكن بخامة الألوان ساعدني الأستاذ عدنان إبراهيم وهو من وجهني لتصويب بعض الأخطاء وفي المستقبل أنوي العمل والتدريب على خامات جديدة».
قوة دفع
وبدوره أوضح الأستاذ عدنان إبراهيم أنه: « بدأت معهما في هذا المشروع منذ سنتين ولكن الفضل الأول والأخير للفنان نفسه فلا يوجد شخص بإمكانه أن يصنع فناناً ولكن يمكن توجيه موهبة وصقلها عن طريق تقديم الملاحظات وكيفية استخدام التقنيات المختلفة ليعبر الفنان عن إحساسه الموجود لديه سابقاً».
وتابع: «أنا وجدت لديهما استجابة وسعادتي اليوم كبيرة بهذه النتيجة التي وصلا إليها خلال سنتين، ولهذا أنا متفائل فيهما جداً وهذا المعرض سيعطيهما قوة دفع إلى الأمام وليس فقط لهما بل لكل الجرحى المبدعين في مجالات مختلفة سواء بالفن أم الموسيقا».
موهبة مميزة
أما مدير مديرية الفنون الجميلة في وزارة الثقافة وسيم عبد الحميد، فقال إن: «هذا الحدث مهم جداً على صعيد الوطن وفيه موهبة مميزة تهتم بها وزارة الثقافة ونعتبرها من أولويات مديرية الفنون الجميلة والآن كنا نناقش كيف من الممكن أن نطور وننمي موهبتهما وأن نرعاهما عن طريق المراكز واقتناء اللوحات وحتى تطوير وتنمية موهبتهما».
وأكد على أنهم بصدد تبني هذه الموهبة لنشاهدها في المعارض السنوية التي تقيمها وزارة الثقافة فهما فنانان موهوبان جداً وستكون مشاركتهما ضرورية ومهمة.
نموذج حقيقي
وأكد المنسق في مشروع جريح وطن حيدرة حمود أن مشروع جريح وطن منذ بداياته كانت غايته تمكين الجريح في البيئة التي يعيش فيها على اختلاف نماذج هذا التمكين واليوم نحن أمام نموذج حقيقي لتمكن جريحين من موهبتهما.
وأضاف: «علي ونسيم هما صاحبا موهبة فنية قبل الإصابة التي لم تشكل عائقاً لهما أمام موهبتهما بل كانت نقطة بداية لتطويرها انطلاقاً من أساسيات الرسم ووصولاً إلى الرسم الاحترافي الذي تساعدنا فيه مع أساتذة اختصاصيين من صالة أدونيا».
ولفت إلى أن المعرض يحمل عنوان «قبل وبعد» كإشارة إلى تطور المستوى الفني لدى الجريحين ليكونا ملهمين لرواد المركز الثقافي ورواد هذا المعرض في كيفية تخطيهما لكل العقبات والعثرات وإصرارهما على الوصول إلى أحلامهما وتحقيق النجاح.