وخطة من هيئة البحوث لإنقاذ القمح … تبني الزراعة الذكية واختبار البذار المناسب لكل منطقة .. دخول الدولة كشريك في المساحات المتوسطة والكبيرة
| هناء غانم
قدم مدير إدارة البحوث والدراسات الاقتصادية والاجتماعية في هيئة البحوث الزراعية د. تيسير فؤاد حاتم مصفوفة تتضمن مقترحات لتنمية وتطوير زراعة القمح وقد اعتبرها الباحث منطقية لإنقاذ محصول القمح وتطوير زراعته في سورية والتي تهدف بداية إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح خاصة أن وارداتنا من محصول القمح صفر «وفق بيانات التجارة الخارجية والمجموعات الإحصائية. وبينت المصفوفة أن غاية المشروع هي تغطية الإنتاج المحلي وزيادة الإنتاجية في وحدة المساحة علماً أن المؤشرات توضح أن الاتجاه العام هو لتطوير مساحة الأراضي المزروعة بالقمح إضافة إلى تطوير الإنتاجية وفق بيانات وزارة الزراعة.
وعن المخرجات أوضحت المصفوفة انه لابد من تنفيذ الخطة الزراعية للقمح بشكل كامل وتمكين المزارعين من زراعة أراضيهم واعتماد أصناف عالية الإنتاجية وثباتية الأصناف مع التغيرات المناخية بحيث نستطيع تأمين طلب السوق المحلي من القمح وتـأمين حاجة المطاحن وحاجة معامل المواد الغذائية من المعكرونة والبرغل والفريكة وغيرها والناحية الأهم حسب المصفوفة أن نحد من خروج المساحات المزروعة من القمح والعمل على خلق بيئة تمكينية لزراعة القمح وذلك بتقديم كامل الدعم للفلاحين وتعويضهم عن الكوارث والأضرار وأن يكون هناك شركات للتأمين الزراعي يتمكن من خلالها الفلاحون من التأمين على محاصيلهم.
كذلك تأمين البذار وتوزيعها على المزارعين بحيث يكون كل صنف ملائماً لكل منطقة واعتماد أصناف جديدة من البذار والأهم تنفيذ الزراعة الذكية مناخياً ومراقبة مدى ثباتية كل صنف في المنطقة المزروعة المعتمدة إضافة إلى توفير الأسمدة في الوقت والكمية المناسبة وتغطية الحاجة الفعلية للمزارعين منها وتأمين المبيدات ومصادر الري وعدد الآبار وطاقتها الإنتاجية والأهم تأمين الوقود والطاقة والعمل ضمن سياسات الدعم في هذا القطاع ودراسة أثرها من خلال بيانات تقدم للمصارف وللمستفيدين، وتأمين نظم الإنذار المبكر سواء للحرائق والجراد أم انتشار الأمراض ومراقبة التغيرات المناخية ومراحل النمو وغيرها، وتأمين وسائط النقل والحصادات أوقات الحاجة لها.
وعن الهدر والفاقد بينت المصفوفة أن نسب خفض الفاقد والهدر يكون من خلال تطبيق برامج تستهدف المنتج على طول سلسلة الإمداد، وبالوقت نفسه لابد من دعم وتعويض الخسائر عن الجوائح والكوارث. وعند استلام المحصول لابد من وجود دعم للأسعار بحيث تكون تشجيعية مع تسهيل إجراءات الاستلام.
وعن تطوير وتمكين زراعة القمح أكدت المصفوفة أن هناك محاصيل زراعتها أفضل من القمح مثل الشعير والحمص لذلك لابد من تأمين الأصناف الملائمة زراعتها لكل منطقة بحيث تعطي مردوداً أكبر، وأن تكون البذار الموزعة لزراعة القمح جيدة حتى لا ترتفع نسب الشوائب إضافة لذلك الفلاح لديه مشكلة في صعوبة الحصول على السماد لذلك يجب تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في إنتاج وتأمين مصادر دائمة للأسمدة والتشجيع على إنتاج الأسمدة الطبيعية..
تأمين مصادر ري دائمة
ومن الأمور التي طرحها حاتم في المصفوفة، أنه لابد من تأمين مصادر دائمة للري، فاليوم لا يوجد طاقة لضخ المياه وتوزيعها ونظم الري معظمها قديمة، الأمر الذي يتطلب تحسين نظم الطاقة البديلة وتأمين الآبار بالطاقة الإنتاجية لزيادة الإنتاجية مع التأكيد على تأمين الحدود الدنيا من احتياجات الطاقة بما يضمن سير العملية الإنتاجية.
وبينت المصفوفة أن تطوير وتمكين زراعة القمح يتطلب خططاً وأهدافاً ومشاريع وغيرها والأهم أن تبنى هذه الاستراتيجية على تغير الأولويات وتوفير الأدوات والبداية تكون من تحديد المساحات المزروعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح وخاصة أن هناك اختلالاً في المساحات المزروعة أو المخططة لزراعة القمح فعلاً ومن خلال التقييم لواقع زراعة القمح في سورية للعام 2022 تبين خروج مساحات مزروعة وعدم وصولها للحصاد نتيجة الحرائق أولاً وضعف النمو وعدم الوصول إلى مراحل النمو وبالتالي تحويله كعلف للمواشي إضافة إلى الإغراق والهطول المطري الكثيف في بعض مناطق الساحل وبمراحل معينة، وبينت المصفوفة أن التقييم المرحلي يبين أنه إذا كان المنفذ أقل من المخطط بنسبة 5 بالمئة سببه التركيز على خفض الفاقد والهدر واعتماد أصناف عالية الإنتاجية وعندما يكون المنفذ أقل من المخطط ب 15 بالمئة فهذا يعني أن التركيز على الكفاءة الإنتاجية، لتعويض انخفاض المساحة مثل خفض الفاقد في كافة العمليات خلال وبعد الحصاد إضافة إلى أهمية وضع أسعار تشجيعية، تسهم في تحقيق الكميات المتوقع استلامها من الدولة أما في حال كان المنفذ أقل من المخطط بـ25 بالمئة فهذا يعني أن هناك انخفاضاً في الفاقد وزيادة بإنتاجية الأراضي المروية من خلال توفير مستلزمات إنتاج وبالأخص الأسمدة هذا يستدعي رفع الحوافز من خلال تسليم القمح للدولة وزراعة مساحات بأصناف معتمدة وتبني الزراعة الذكية مناخياً وفي حال كان المنفذ أقل من المخطط بنسبة 50 بالمئة هذا يستدعي دخول الدولة كشريك رئيسي في المساحات الكبيرة والمتوسطة وتأمين الاحتياجات الأساسية للأراضي المزروعة، وضمان تأمين كافة الاحتياجات للأراضي، عن طريق نظام تعاقد مرحلي وإضافة زراعة مساحات بأصناف معتمدة وعالية الإنتاجية، ونشر تقانة الزراعة الذكية المناخية، ودعم عمليات تبني المزارعين لها.
وتتابع المصفوفة: إذا كان المنفذ يعادل المخطط يجب الاستثمار الأمثل للموارد، وتطبيق برامج كفاءة استخدام الموارد المتاحة، واقتصاديات الحجم، وخفض التكاليف. كذلك السماح بزراعة الأراضي بالقمح فوق المخطط دون قيود بهدف التوسع مع السماح بإدخال أراض جديدة في زراعة القمح غير مستثمرة سابقاً.
مخزون استراتيجي
وفي حال كان المنفذ أعلى من المخطط لجهة الإنتاج، فلا بد من المحافظة والاستثمار عن طريق تجهيز المخازن والاهتمام بالمخزون الاستراتيجي للدولة. وخفض الفاقد والهدر. مع دعم الصناعات التي تعتمد على منتجات القمح، إضافة إلى توجيه الإنتاج الفائض بما يحقق مبدأ الكفاءة الاقتصادية المثلى منه. ووضع برامج ضمان استدامة تحقيق فائض في الإنتاج..
وعن انخفاض الإنتاجية وأسبابها والحلول بينت المصفوفة أن عدم تنفيذ الخدمات الزراعية بوقتها وبالحاجة الفعلية لها مثل الحراثة، الرش، التسميد، الري، الحصاد له أثار سلبية على الإنتاجية من ناحية النوعية والكمية.
ودعت المصفوفة إلى التشجيع على الاستثمار في الطاقة المتجددة وان يكون هناك أولوية لتأمين الوقود لمزارعي القمح وتقديم الخدمات لعدد من المزارع بما يتلاءم مع الحجم الأمثل للإنتاج، والمساعدة في تأمين آليات لنقل المحصول إلى مراكز التسليم مع صيانة دورية لمصادر الري وتأمين مصادر جديدة وإعطاء أسعار تشجيعية تغطي التكاليف وتضمن هامش ربح معين للمزارعين، مع التركيز على التشاركية بين القطاع العام والفلاحين في المساحات الكبيرة من خلال تقديم مستلزمات الإنتاج والخدمات من قبل الدولة، وبالتالي ضمان استمرار العملية الإنتاجية بشكل جيد، إضافة إلى الزراعة التعاقدية في المساحات الكبيرة بنظام التشاركية بين القطاع الخاص والفلاحين تحت إشراف الدولة. تأمين الحصادات ووسائل النقل بأسعار منافسة مدعومة، مع استلام المحصول من المزرعة، والنقل المجاني لمراكز استلام الحبوب والأهم السماح للمزارعين بالحصول على قروض من المصرف الزراعي بضمان محاصيلهم على طول سلسلة الإمداد.
صعوبات وعوائق
وعن صعوبات وعوائق استيراد القمح، شددت الدراسة على ضرورة وجود اتفاقيات ثنائية تضمن انسيابية في استيراد القمح مع تقديم ميزات ودعم للقطاع الخاص تسهم في تأمين واردات القمح، بضمانات حكومية تراعي التسعير والتوزيع وتوافرها على مدار العام بالكميات التي تغطي الاحتياج المحلي، دون احتكار أو تحكم بهذه المادة من القطاع الخاص وتقدير للفجوة من القمح والتعاقد المسبق مع شركات خارجية لتأمين وتغطية هذه الفجوة.