في شهر أيلول الماضي أعلن رئيس حزب «القوة اليهودية – المتدينين الصهيونيين» ايتامار بن غافير البرنامج السياسي لحزبه، وبدأ هو وبقية قادة الحزب بعرضه في المستوطنات والمدن في الكيان الإسرائيلي للحصول على الأصوات لمصلحة هذا البرنامج، وفاز حزبهم بموجب هذا البرنامج بـ14 مقعداً من 120 وأصبح الحزب بمرتبة ثالث أكبر حزب بعد حزب الليكود وحزب «يوجد مستقبل» وتضمن برنامج الحزب وأهدافه كما جاء في نصه المعلن ما يلي:
1- تبني الكنيست لقانون عقوبات يقضي بإعدام كل من يحمل السلاح ضد إسرائيل وإذا انتقدت الإدارة الأميركية هذا القانون فيكفي أن تعلم أن هذا القانون يستخدم في الولايات الأميركية.
2- قانون تحصين وحماية الجنود وقوات الأمن الذين يطلقون النار على الفلسطينيين الذين يقاومونهم وعدم مساءلتهم.
3- تعديل أوامر فتح النار واستخدام السلاح بإعطاء أوامر لكل جندي باستخدام النار الحية ضد كل من يلقي حجراً على أفراد الجيش والمستوطنين.
4- عدم السكوت على أي محاولات شغب أو تظاهرات واحتجاجات واستهداف للجنود داخل الضفة الغربية وعدم الاعتماد على السلطة الفلسطينية.
5- تثبيت الهوية اليهودية للدولة.
6- إلغاء أي تعويضات للعمال الأجانب وحصرها بالإسرائيليين فقط.
7- اعتماد سياسة قتل 50 فلسطينياً مسلحاً في كل يوم في قطاع غزة وأن يتولى هذه المهمة أحد قادة الحزب وهو العميد المتقاعد تسفيكا فوغيل الذي كان قائد قوات الجنوب عند حدود قطاع غزة.
ويبدو أن قادة حزب بن غافير يصرون على أن تكون وزارة الدفاع من حصتهم لكي ينفذوا هذه السياسة كما يرغبون.
من الواضح بموجب ما أعلنه عدد من قادة الحزب الذين أصبحوا أعضاء كنيست (برلمان) لأول مرة أنهم سيكونون في طليعة من ينفذ برنامجاً سياسياً ليس ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة فقط بل وفي الأراضي المحتلة منذ عام 1948، وسيحاولون العمل على تجنيد علني لكل من كان ينتمي لمنظمة «غوش ايمونيم» المتطرفة علناً والتي عملت في السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي على تفجير سيارات عدد من رؤساء البلديات في الضفة الغربية ومنهم بسام الشكعة رئيس بلدية نابلس وتسبب الانفجار ببتر ساقيه من أعلى الركبة، ويذكر أن أتباع وأبناء قادة هذه المنظمة الإرهابية العلنية كانوا في طليعة من منحوا الأصوات الانتخابية لحزب بن غافير ومشاركته المقبلة في حكومة بنيامين نتنياهو وما زالوا يعلقون في منازلهم صور باروخ غولدشتاين الإرهابي الذي أطلق نيران سلاحه على الفلسطينيين أثناء سجودهم في شهر رمضان عام 1994 في المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل وقتل منهم ما يزيد على ثلاثين وأصاب 50 آخرين إلى أن تمكنوا من قتله بسلاحه داخل المسجد.
ويعتقد المحللون في تل أبيب أن رئيس الحكومة المقبل نتنياهو سيجد من حوله في حكومته الائتلافية ثلاثة أحزاب تعد بالمصطلح الإسرائيلي « متدينة» سلفية هي: «شاس» لليهود الشرقيين ولها 11 مقعداً، و«يهدوت التوراة» لليهود الغربيين ولها 7 مقاعد وحزب ثالث هو حزب بن غافير وله 14 مقعداً ويعد بالمصطلح الإسرائيلي من «المتدينين الصهيونيين» فتصبح حكومته لأول مرة منذ سنوات كثيرة تضم 64 عضواً ومن أربعة أحزاب فقط لكن أي حزب فيها ستكون لديه القدرة على إسقاطها إذا لم يوافق نتنياهو على منحه ما يريد من الوزارات أو من المخصصات المالية لأنصاره وبخاصة ما سوف يطالب به حزب «شاس» وحزب «يهدوت التوراة» لمدارسهما الدينية التوراتية وطائفة كل منهما ولن يهتم هذان الحزبان كعادتهما بما سيتخذه نتنياهو وحزب بن غافير من سياسة تنفيذية ضد الفلسطينيين.
ولذلك يرى معظم المحللين الإسرائيليين أن حكومة نتنياهو ستجد أن الطريق مفتوحة من دون مزايدات داخلية نحو تنفيذ برنامجها الاستيطاني وتكثيف وسائل القوة المسلحة لاستهداف الفلسطينيين في الأراضي المحتلة لأن بقية الأحزاب التي لم تشارك بالحكومة ستمنحها موافقة ضمنية. وسيجد سبعة ملايين فلسطيني داخل مساحة كل فلسطين المحتلة أنفسهم في مجابهة مباشرة مع أشرس المخططات العلنية التي تعدها حكومة من هذا النوع، وربما جاءت العملية الفدائية التي نفذها الشاب محمد صوف أول من أمس في قلب مستوطنة أريئيل معقل أشرس المستوطنين، لتذكر جنود الاحتلال وحكومة نتنياهو وبن غافير بأن مقاومة الفلسطينيين داخل أراضيهم المحتلة ستظل تفاجئهم بأشكال من المقاومة لا يمكن منعها أو التغلب عليها وهذا ما يعترف به أحد الضباط في جيش الاحتلال حين تساءل: إذا كان هذا ما فعله فلسطيني بسلاح من سكين فكيف لو كانت لديه بندقية آلية!