استجابت لجنة تحديد الأسعار في محافظة دمشق لطلب شركات النقل الخاصة وأصحاب الميكروباصات، وعدلت تعرفة الركوب من 200ل.س إلى 300 ل.س على الخطوط القصيرة و400 ل.س على الخطوط الطويلة.
أليس مستغرباً أن باكورة إنجازات المكتب التنفيذي الجديد لمحافظة دمشق، زيادة الأعباء على المواطن السوري، بدلا من تخفيفها ولو مادياً وليس مالياً، كالتخفيف من الازدحام بإجراء –إبداعي- ملموس أو الارتقاء بمستوى النظافة، أو فتح الحدائق المقفلة…. الخ.
طلبت شركات النقل الخاصة وبعض أصحاب الميكروباصات زيادة الأجور فلبت المحافظة الطلب من دون أي شروط.
ثمة استسهال غير منطقي في الاستجابة لرغبات القطاع الخاص في زيادة الربح، يتجسد في عدم وجود دراسة دقيقة للأرباح الحقيقية لتشغيل الميكروباصات والباصات الخاصة، علماً أن الشائع في البلد أن بدل الاستثمار الشهري مرتفع جداً كدليل على الربح الوفير.
ولم يشترط المكتب التنفيذي الذي ضاعف أعباء النقل على ذوي الدخل المحدود، أي شروط جديدة على أصحاب الباصات مثل الاكتفاء بالعدد النظامي للركاب منعاً لازدحام غير إنساني داخل الباص، ولم يطلب من أصحاب الميكروباصات، تنجيد آلياتهم المهترئة المحتوية على نتوءات حديدية تجرح وتمزق الملابس في هذا الغلاء الفاحش. ثمة ميكروباصات على الحديدة، إلى جانب أن أغلبها متهالك استنفد عمره الفني والزمني.
كانت فرصة أن يربطوا الزيادة بالتطوير والتحسين وصولاً إلى تجديد أسطول عمره 32 سنة، بل كان من الأفضل قبل الإقدام على زيادة أجور النقل، إنجاز إجراء، يحسن واقع النقل في العاصمة بالتعاون مع مجلس الوزراء للإسراع في صيانة مئة باص متوقف عن العمل، كان المجلس قد رصد 3 مليارات ليرة لهذا العمل، منذ بداية العام الحالي من أموال لجنة الإعمار، وهو مبلغ زهيد جداً (ثمن 3 أو 4 سيارات فارهة)، وتستطيع محافظة دمشق مضاعفته بالتعاون مع أهل الخير عبر مزادات احتفالية، كانت شائعة قبل الحرب الضروس على سورية، ولربما بالطريقة ذاتها، يتم تأمين باصات جديدة، تحتاجها المدينة التي تعاني نقصاً حاداً في عدد الباصات يصل إلى 300 باص على الأقل. والمجال مفتوح لإبداع طرق أخرى (تعتمد كمثال إيجابي يحتذى في المحافظات السورية جميعها)، للتخفيف من حدة الأزمة الطاحنة (المشهد مرعب والازدحام على وسائل النقل العامة مذهل)، ويتسبب في إزعاج حاد بشكل يومي يتراكم فوق أحاسيس بالضيق نتيجة الغلاء الرهيب بالمقارنة مع رواتب ذوي الدخل المحدود.
المسألة أكبر من زيادة أجور النقل 100 بالمئة وأكثر (إذ رجعت وبحدة أكبر قصة ما في 50 ليرة، وخط الـ400 بات بـ500 لعدم وجود فراطة -100ليرة)، المسألة هي الرضوخ، لطرف من دون الأخذ بعين النظر مصلحة وظرف الطرف الآخر (الناس) ونرى ذلك في السماح بزيادة الأسعار وأجور الخدمات، مع ثبات الرواتب والأجور، من دون التدقيق جدياً عبر دراسات ميدانية بصحة ادعاءات طالب الزيادة الأول:التاجر أو الصناعي أو أصحاب شركات الخدمات أو أصحاب المهن الحرة، على حين أن هناك دراسات علمية موثقة وموثوقة عن احتياجات الأسرة السورية، وعن الراتب الشهري الذي تحتاج إليه، كي تقوى على الاستمرار والأداء المنتج لمصلحة الوطن والأسرة.
لا أرى الأفق مسدوداً أبداً، خذوا نسبة ضئيلة ممن تزيدون لهم، وأعطوها لمن باتوا معدمين على رواتب المئة ألف ليرة، والمثل يقول:الحمل على الجماعة خفيف.
كلنا بات يعرف حكايتنا مع نقص الموارد وكبر الأعباء، ولكننا جميعاً نتفق أنه لا مستحيل، وأنه يجب اتخاذ إجراءات إيجابية لحل الأزمات الكبرى ومنها النقل الداخلي ضمن المدن وإلى الريف، بالتفكير بحق الناس، هذا التفكير سيقود إلى إجراءات بسيطة تسهم في حل المشاكل الكبيرة.