هل يتغير الناس كلما كبروا بالعمر؟
بما أننا على مشارف عام جديد وبدهياً كبرنا عاماً إضافياً فإن الأحاديث الدسمة غير مناسبة لهذا نتحدث اليوم في موضوع خفيف الدسم.
هناك رأي يقول شخصيات الناس مع التقدم بالعمر لا تتغير والذي يتغير فقط بعض آرائهم وأصحاب هذا الرأي يقولون إن المسألة لها علاقة بالجينات ويستدلون على ذلك أن الشخصية المرحة منذ الطفولة تبقى مرحة مع تقدم العمر والشخصية النزقة تبقى على حالها مهما تقدم بها العمر وحتى أصدقاء الطفولة عندما تفترق بهم دروب الحياة ثم تجمعهم من جديد لا يجدون اختلافاً في طبائع بعضهم.
لكن الذي يتغير كثير من المظاهر على مستوى الشكل كما تتغير الآراء والمعتقدات ويستطيع كل منا أن يجد أمثلة عن أشخاص تغيرت آراؤهم مع مرور الزمن وتبدلت توجهاتهم الفكرية من جانب إلى جانب معاكس تماماً.
أما الرأي الآخر فيقول إن الزمن يغير كل شيء.. فلا شي يبقى على حاله، وكل إنسان يتغير كلما كبر بالعمر، والمسألة ليست قراراً شخصياً بل هي عوامل العمر التي تتبدل فيتبدل الناس من خلالها سواء بالشكل أم المضمون.
إن الزمن مصمم لتغيير الناس من حال إلى حال ولا يستطيع أحد أن يقاوم تبدلات العمر مهما حاول.
أصحاب هذا الرأي يؤمنون بأن كل سنة تزيد من عمر الإنسان تحفر فيه ندبة جديدة يتغير من خلالها وهذا التغير يصبح ملحوظاً مع تراكم السنين وتراكم الندبات.
ثمة رأي ثالث شديد البساطة يقول إنه ليس العمر الذي يغير البشر بل التجارب والظروف التي يعيشونها.. فكثير من التجارب الصعبة يخرج منها الإنسان بفكر مختلف جداً ويمكن لمرض يصيب أي إنسان أن يغير من نظرته للحياة ولعل موت قريب له يجعله يسير باتجاه آخر.
شخصياً أميل للرأي الثالث فإن حياة السوريين خلال سنوات الحرب هي التي كان لها الدور الأكبر بتغير كثير من أفكارهم ولا شك أنها ألقت بظلال كثيفة على نظرتهم لأنفسهم ولما حولهم وللحياة بشكل عام.
الظروف والتجارب هي التي تغير وليس تراكم السنين.. وربما يصبح من الأصح ألا تسأل أحداً كم عمرك؟ بل كم حزناً عشت وكم فرحاً تذوقت.
ميزة أن تكبر عاماً إضافياً هو التخلص من ثلاثية الظلام في النفس البشرية… الغرور والغضب والأحلام المجنونة.
مع التقدم بالعمر تتعلم أن الغرور حماقة كبرى وأن استمرا ر الغضب من أي شيء ومن كل شيء حماقة أكبر أما الأحلام المجنونة فلا تتعب نفسك بالابتعاد عنها فهي التي تكون قررت أن تهجرك في الوقت التي كبرت فيه عن الأحلام.
أقوال:
• سأل ملك الموت نوحاً عليه السلام: يا أطول الأنبياء عمرًا.. كيف وجدت الدنيا؟ فأجابه: كدار لها بابان؛ دخلت من أحدهما، وخرجت من الآخر..!
وماذا بعد؟ سِرت في اتجاهك العمر كله، وحين وصلتك انتهى العمر
• هبوا املؤوا كأس المنى قبل أن تملأ كأس العمر كفّ القَدر