انزعاج تركي معلن من سياسات واشنطن وأهدافها للتأثير في مسار الانتخابات التركية … مصادر لـ«الوطن»: لقاء الوفود العسكرية لسورية وروسيا وتركيا منتصف الجاري سيحدد مصير التقارب بين دمشق وأنقرة
| الوطن
كشفت مصادر دبلوماسية في أنقرة لـ«الوطن» بأن الولايات المتحدة بدأت على ما يبدو بالعمل الجاد من أجل التأثير على نتائج الانتخابات التركية لإسقاط الرئيس رجب طيب أردوغان، الأمر الذي استشعرته أنقرة بشكل ملموس ما دفعها لفتح نار التصريحات على واشنطن.
مصادر لـ«الوطن» أشارت إلى أن التحركات التي تقودها السفارة الأميركية في أنقرة بدأت بالإيعاز لعدد من السفارات والقنصليات لبعض الدول بإغلاق أبوابها بذريعة وجود تهديدات إرهابية، لافتة إلى أن التحذير الأمني هو أول الخطوات الأميركية التي ستتبع بخطوات تالية سيشكل الضغط الاقتصادي أحد عناوينها.
وبينت المصادر بأن مسؤولي أنقرة أبدوا غضبهم إزاء التحركات الأميركية، وشنوا تصريحات عنيفة ضد الدور الذي تلعبه واشنطن، ملمحين إلى حصولهم على معلومات حول ما يجري التخطيط له قبيل الانتخابات، ولاسيما أن المؤشرات تؤكد بأن المعارضة التركية تعول على الدعم الأميركي الغربي لها في هذه الانتخابات.
وتساءل وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بخصوص قرار إغلاق سفارات بعض الدول الغربية ممثلياتها الدبلوماسية وقنصلياتها بذريعة وجود «تهديد إرهابي»: «إذا كان هناك تهديد إرهابي، ألا ينبغي لحليفنا أن يبلغنا عن مصدر هذا التهديد ومن يقف خلفه»؟ متهماً تلك الدول بتنفيذ خطوات متعمدة، وأضاف: «نعلم أن بعض البلدان أخبرت غيرها بالمشاركة في عملية الإغلاق، ونحن قمنا بالتحذيرات اللازمة، وإذا توجهوا إلى مثل هذه الأساليب لاحقاً من دون مشاركة معلومات ووثائق ملموسة، فسيكون لنا خطوات إضافية سنتخذها تجاههم».
من جانبه اتهم وزير الداخلية التركي سليمان صويلو الولايات المتحدة صراحة بمحاولة زعزعة الأمن في بلاده، وقال في لقاء تلفزيوني: «أقول للسفير الأميركي، أعرف نوع الصحفيين الذين تملي عليهم، أبعد يديك القذرة عن تركيا، أقول ذلك بوضوح شديد: أبعد يديك القذرة عن تركيا، أعرف بوضوح ما قمت به، وما الخطوات التي اتخذتها، وكيف تريد إثارة الفوضى».
الخطوات التي تحدث عنها صويلو دفعت أنقرة وفق مصادر لـ«الوطن» لطلب تسريع خطوات التقارب مع دمشق، وهو ما كشفته التصريحات الروسية أمس، حيث أعلنت وزارة الخارجية الروسية أمس عن اجتماع «مرتقب» على مستوى الوفود العسكرية لسورية وروسيا وتركيا خلال الشهر الجاري، وقالت الوزارة في بيان لها: «لا توجد بعد مواعيد لعقد اجتماع على مستوى وزراء خارجية الدول الثلاث، لكن المشاورات جارية، وذلك حسب مواقع إلكترونية معارضة».
الممثل الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وإفريقيا- نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، تحدث بدوره أمس عن إجراء مشاورات حول الاجتماع المرتقب لوزراء خارجية سورية وروسيا وتركيا.
وقال بوغدانوف لوسائل إعلام روسية: «نتعامل مع موضوع عقد اجتماع وزاري، أجرينا مشاورات هنا مع وفدي كل من سورية وإيران، ونحن على اتصال مع شركائنا الأتراك عبر السفارات»، مؤكداً أن «العمل على هذا الصعيد مستمر، لكن لا توجد مواعيد نهائية حتى الآن».
مصادر لـ«الوطن» بينت أن اللقاء الذي تحدثت عنه الخارجية الروسية بخصوص الوفود العسكرية سيجري منتصف شباط الجاري، وكشفت أنه وفقاً لنتائج هذا اللقاء سيتم تحديد ما إذا كانت ستجري لقاءات سياسية لاحقة أم لا، واصفة اللقاء العسكري المرتقب بالمهم جداً لجهة تحديد مصير مسارات التقارب المستقبلية بين سورية وتركيا، علماً أن الأخيرة بدأت منذ أيام بتفكيك نقاط عسكرية في محيط الاتستراد الدولي M4 ما يؤشر إلى أن أنقرة قد تكون جادة في تلبية مطالب دمشق قبل الانتقال إلى مرحلة جديدة من المفاوضات السياسية والتقارب بين البلدين، الأمر الذي ترفضه واشنطن وسبق أن أعلنت ممانعتها لأي تطبيع مع دمشق.
المصادر أكدت لـ«الوطن» وجود انزعاج أميركي كبير من سياسة أردوغان تجاه مختلف الملفات ومنها الصراع في أوكرانيا واقترابه أكثر فأكثر من موسكو وطهران وابتعاده عن سياسة حلف الناتو أو وقوفه على الحياد تجاه التحولات العالمية، الأمر الذي يدفع الولايات المتحدة وحلفاءها إلى العمل على تغييرات كبيرة داخل تركيا، ولعل فرصتها الأكبر هي الانتخابات الرئاسية القادمة ودعم واشنطن لأحزاب المعارضة ورغبتها في قلب السياسة التركية.