مضت عدة أسابيع على الزلزال الذي ضرب عدداً من المحافظات السورية وتوجهت معظم المنظمات والمبادرات إلى وضع العمل الإغاثي كأولوية بعيداً عن العديد من الأشياء الأخرى، فالمصاب كبير والضرر أكبر وهناك الكثير من الأسر التي باتت بلا مأوى بعد أن فقدت منازلها وهناك طرف آخر تم إخلاء مسكنه نتيجة حالة التصدع والأضرار التي لحقت بالعديد من الأبنية والمنازل نتيجة الهزات الارتدادية التي لعبت دوراً في هدم الكثير من المباني من قبل لجان السلامة العامة لخطورة العودة إليها، ولعل حلب تعد إحدى المناطق المنكوبة التي فقدت ضحايا وهدمت فيها مبان وباتت شريحة واسعة من سكانها في مراكز الإيواء، ومنهم من بات يقيم في الحدائق نتيجة حالة التوجس والخوف.
على هذا الواقع تبرز المهمة الإنسانية والمساعي لإغاثة من تضرر قبل كل شيء، ومن الواضح أن الجانب الرياضي ليس له أي أولوية حالياً، فالبعض يريد عودة النشاط وخاصةً أن هناك عائلات تعتبر الرياضة مصدر رزقها، بينما طرف آخر يرغب في التريث قليلاً، ومنهم يريد تعليق النشاط الرياضي بشكل نهائي هذا الموسم في ظل الكارثة الإنسانية وعدم وجود أرضية صالحة مع أزمة مالية خانقة تحيط بمعظم الأندية السورية التي لم تعد لديها طاقة، الآراء تبدو مختلفة ومن الصعب أن تجتمع على قرار واحد ولكل وجهة نظر ورؤية من منظوره الشخصي، فيما تعليق النشاط الرياضي مؤقتاً مازال ساري المفعول ولا أحد يعلم ما القرارات القادمة مع تسريبات حول عودة الدوري السوري الممتاز بكرة القدم مطلع الشهر الرابع، لكن كل ذلك يبقى في إطار التكهنات فقط لعدم وجود قرار مفصلي من المسؤولين في جميع اتحادات الألعاب.
بعض الفرق من جهتها عاودت نشاطها أملاً في عودة عجلة المنافسات للانطلاق من جديد، والبعض الآخر متوقف نهائياً ولم يحرك ساكناً معتبراً أن الوضع لا يسمح والرياضة ليست مقدمة على العمل الإغاثي والأموال التي ستصرف على الأندية يمكن تحويلها لمصلحة الأهالي المنكوبين أو للجمعيات الخيرية في هذا الوقت الحرج وخاصةً أن شريحة جيدة من أبناء الوطن أصابها الضرر، لكن ما رأي الرياضيين في حلب وهل هناك توافق لعودة النشاط؟
عودة النشاط
عضو مجلس إدارة نادي أهلي حلب ومشرف كرة القدم أيمن حزام أبدى تضامنه مع الأسر المتضررة جراء الكارثة الإنسانية التي أصابت البلاد وبتلاحم وتضافر جميع أبناء المحافظات تم تجاوز الأمر، عجلة الحياة يجب أن تستمر ولا يمكن أن تتوقف جراء ما حدث وهو أمر رباني، هناك عدد لا بأس به من العاملين في القطاع الرياضي تعد الرياضة بالنسبة لهم مصدر رزقهم «مدربون ولاعبون وإداريون وموظفون» ونادي الأهلي من جهته لم يوقف النشاط الرياضي بل توقفنا لفترة وجيزة حداداً على أرواح الضحايا وتقديراً للوضع الإنساني، وقد عادونا نشاطنا الأسبوع الماضي، تم منح المدرب ماهر بحري براءة ذمة وتصفية الأمور، وقمنا بالتعاقد مع الكابتن حسين عفش لقيادة ما تبقى من الموسم الكروي، الفريق يواصل تحضيراته بشكل يومي وننتظر من القيادة الرياضية القرار المناسب وفي حال كانت الملاعب والصالات آمنة بعد الكشف عليها فلا بأس بأن يكون هناك حضور جماهيري.
عودة ورغبة
رئيس مجلس إدارة نادي الحرية الكابتن أحمد قدور: نحن مع عودة النشاط الرياضي، فما حدث كارثة طبيعية أظهرت معدن الشعب السوري وتكاتفه مع بعضه البعض وتقديم المساعدات للمتضررين والكل شاهد وتابع كيف أصبحت الأندية الرياضية مقرات إغاثة وأماكن لإيواء الأسر المتضررة من الزلزال.
نادي الحرية من جهته عبر مجلس إدارته وكوادره قدم كل ما يستطيع من مساعدات لتخفيف أثر الضرر الذي لحق بالكثير من العائلات في حلب والمحافظات الأخرى، الحياة لن تتوقف عند هذا الحد وكل ما حدث يمكن تجاوز آثاره من خلال حلول قادمة.
وحول الجانب الرياضي قال القدور: تم وقف النشاط لفترة زمنية معينة، ومن ثم عادت الفرق لتدريباتها بشكل طبيعي، نحن تحت تصرف القيادة الرياضية بما تراه مناسباً ولدينا الرغبة في مواصلة المنافسات هذا الموسم على جميع الألعاب ولا بأس أن تكون الفعاليات بحضور جماهيري وفي حال تعذر خوض المباريات في بعض المحافظات فيمكن إيجاد حلول بديلة من خلال إقامتها بتجمعات وفي ملاعب محددة تكون في أرض حيادية من مرحلتي الذهاب والإياب.
ترقب وانتظار
رئيس مجلس إدارة نادي عفرين أحمد مدو: الوضع الإنساني حالياً يتقدم على كل الاعتبارات والكارثة كبيرة ولا يمكن وصفها، من جهتنا حاولنا منذ اليوم الأول العمل كفريق إغاثي وتقديم المساعدات للمنكوبين وتواصلنا مع جميع الإخوة الداعمين لضرورة أن يكون هدفهم إغاثياً بعيداً عن الجانب الرياضي الذي يمكن تأجيله لوقت لاحق حتى تتبلور الأمور وتنقشع الغمامة التي أصابت بلادنا من الكارثة الإنسانية.
النشاط الرياضي متوقف لدينا في النادي ولم نقدم على أي خطوة بعد في ظل المشاهد التي نتابعها يومياً حول الأهالي المتضررة التي فقدت منازلها وباتت في مراكز الإيواء، فالحالة الإنسانية تتقدم على كل شيء وننتظر ما سيخرج من قرارات لدى الاتحاد العربي السوري لكرة القدم.
صعوبة وصدمة
مدير مدينة الحمدانية الرياضية الأستاذ سعد قرقناوي: يبدو من الصعب حالياً عودة النشاط الرياضي، المدينة الرياضية برمتها تحولت لأماكن إغاثة ومساعدات ولدينا عدد كبير من الأسر المتضررة يتجاوز 500 عائلة والحمدانية باتت مركز الإيواء الأول في محافظة حلب نتيجة توافد أعداد كبيرة من أبناء المحافظة، هناك مواقع تحتاج لإعادة صيانة من جديد وعودة النشاط الذي ينادي فيه البعض يبدو أمراً صعباً لدينا في ملعب الحمدانية، فالأسر تزداد يومياً نتيجة حالة التصدعات التي لحقت ببعض المباني وتم إخلاؤها من قبل لجان السلامة العامة، نقوم حالياً في الحمدانية بنشاطات ترفيهية للأطفال حتى نخرجهم من الحالة النفسية التي مروا بها، والجميع مازال تحت الصدمة وهول الفاجعة.
تأجيل أو تعليق
رئيس مجلس إدارة نادي عمال حلب محمد نداف: لدينا عدد من اللاعبين والكوادر التي فقدت بعضاً من أسرها وخاصةً أن معظمهم يقطن في الأحياء الشرقية التي تضررت كثيراً من الزلزال ومن الصعب أن نعيد النشاط الرياضي حالياً وهناك الكثير منهم بات بلا مأوى، لا يمكن أن تخبر أي شخص ترك أسرته التي باتت في مركز الإغاثة والقدوم لتأدية حصة تدريبية في هذا الوقت الحرج.
الوضع بشكل عام صعب والناس مازالت في صدمة لم تستطع الخروج منها حتى اليوم، يجب على الاتحاد العربي السوري لكرة القدم تأجيل الموضوع لعدة أشهر أو تعليق النشاط فالكارثة كبيرة والمصاب جلل، نعم هناك أسر تعيش من خلف الرياضة لكن الكثير تضرر وبات بلا مأوى وفقد عائلته وأحباءه، لنكن واقعيين، الإنسانية تتجلى في هذه المحنة، والرياضة تأتي فيما بعد لحين استقرار الأمور والموضوع يحتاج لأشهر.