مع انتهاء الموسم الدرامي الرمضاني يبقى بعض المشاهد عالقاً في ذهن الجمهور، ولعلّ أجملها تلك الثنائيات التي كان تجمع ممثلين اثنين في حوار ممتع، هي ثنائيات منفصلة في أحداثها لكنها منسجمة عموماً في سياقها العام مع العمل، حيث اعتمد عدد من صناع الدراما على تشكيل «ثنائيات فنية»، صنعوا خلطة أساسها التفاهم والتواصل بشكل جيد، ليكون وجودهما معاً عاملاً أساسياً في تحقيق معادلة النجاح والقدرة على جذب الجمهور.
مربى العز
ضمن سياق العمل تندرج حكاية الضراير فلك «روعة ياسين» وملكة«أمل عرفة» اللتين كانتا تجمعهما علاقة صداقة قبل أن ترتبطا بالشخص ذاته، فظهرتا في العمل بصورة الأحباب الضراير على غير ما اعتدناه وألفناه عن هذه العلاقة، فتتسلم ملكة التخطيط وتدبير الأمور وتقومان بالتنفيذ معاً، ومن أهم التحولات في حكايتهما دخولهن عنوة للعمل في حمام السوق النسائي تحت إدارة أم تحسين «وفاء موصلي» بعد إحداث بلبلة معها وافتعال مشكلة للاستعانة بالكركون ليتدخل ويحسم الأمر بأن يتيح لهما الفرصة للعمل ضمن الحمام، تمر مشاهدهن ضمن قالب كوميدي لا يخلو من المرح المملوء بالحب والانسجام والبساطة.
بملامح مختلفة وغريبة باستخدام الأزياء والمكياج يحضر كل من أبو عاشور«أيمن عبد السلام» وأبو هادي «كرم الشعراني» وهما يعملان في حفر القبور ويبتعدان بعض الشيء عن شخصيات المسلسل الأساسية ويتميزان بنوع من البساطة والهدوء في حياتهما اليومية بعيداً عن الصراع الدرامي للعمل، ولكن بتفاصيلهما وطبيعة تفكيرهما وعملهما ظهرا بمظهر نال إعجاب الجمهور بعيداً عن التصنع أو التهريج، وهذا التعاون الثاني على التوالي بين هذين الفنانين بعد النجاح الذي حققاه في مسلسل كسر عضم وكما ترك الشعراني بصمة خاصة له عند الجمهور بضحكته المميزة الغريبة في كسر عضم فعلها مجدداً في مربى العز.
عائلة متفككة
من الثنائيات الجميلة التي قدمها المخرج محمد عبد العزيز في النار بالنار تبرز ثنائية ليست لعاشقين كما درجت العادة، بل لزوجين غاية في الواقعية، وهي ثنائية جميل«طارق تميم» وقمر«ساشا دحدوح» فيبرز جميل كصحافي يساري عاطل عن العمل وهو رغم إدمانه لعب القمار ومعاناته الدائمة من الفقر إلا أنه إنساني بالفطرة فما إن يطلب أحدهم منه بعض المال حتى يقوم بتقديم كل ما يملك له، وزوجته قمر المرأة المحافظة على عائلتها لآخر نفس، القوية التي تضعف وتنكسر لكنها تنهض من جديد فهي دائمة الإلحاح على زوجها لإعادة ترميم علاقتهما الأسرية التي دمرها جميل بسبب انجراره وراء لعب القمار والمراهنات وتلقي الخسارة تلو الأخرى مما جعله يخسر زوجته ويبيع أثاث بيته ومكتبته، وبعد أن يثبت حمل زوجته بمولودهما الأول يرفض جميل موضوع الولادة ويعارض هذه الفكرة ويخوضان معاً في صراعات وخلافات عديدة ضمن مشاهد لا تخلو من بعض المواقف الفكاهية والمرحة والحوارات العميقة التي تعكس صورة أي زوجين والخلافات بينهما، فقد ابتعدا عن أي افتعال أو تصنّع وتعمدا العفوية لدرجة الامتناع عن التمثيل.
ثنائيات متنوعة
في خريف عمر تطل النجمة اللبنانية كارمن لبس بدور ليلى صديقة عمر«سلوم حداد» القديمة التي غادرت دمشق منذ عقود وعادت مجدداً لتكون قريبة من حبيبها وتستعيد لحظاتهما الجميلة معاً وتحاول إنعاش تلك العلاقة، فتسكن في منزل العائلة برفقة أختها جويل «فاتن شاهين» التي تجمعها بها علاقة ودية دافئة وأخوية لا تخلو من بعض الخلافات، فبعد أن عاشت ليلى مدة طويلة في لبنان وفي ظل غياب الأهل تحاول أن تفعل ما يحلو لها على حين أن أختها تحاول أن تردها عن مخططات كثيرة ضمن حوارات هادئة وعائلية.
في العربجي كان للمشاهد التي جمعت كلاً من حسن «فارس ياغي» وحسنية «دلع نادر» وقع كبير لدى المتابعين وهو ما لاحظناه على مواقع التواصل الاجتماعي، فجمعتهما علاقة ضمن منزل درية خانوم مؤدياً فيها ياغي دور الابن الأصغر للعائلة الذي يقع في غرام الخادمة حسنية ويلتقي بها خلسة دون أن يعلم أحد عن علاقتهما أو ما يدور بينهما، فكانت قريبة منه في كثير من المواقف التي كان أهمها طعنه بالسكين على يد مجموعة من الزعران وفي الوقت ذاته كان هو سنداً ومعيناً لها، وإضافة إلى شهامة والدها وحب حسن له فإن حبه لها جعله شديد الاهتمام بعائلتها على وجه العموم والوقوف جنباً إلى جنب في كل المواقف التي كانت تعترضهم، ولا سيما أن أبو حمزة الشرير كان شغله الشاغل الإيقاع بوالدها وإذلاله.
يظهر صالح «مجد فضة» مجدداً بعد غياب إلى جانب عاصي «تيم حسن» ليكونا يداً واحدة في وجه الظلم وتسلط الإقطاع ليستكملا رفقة الدرب التي بدأاها معاً منذ الطفولة، ويخوضا الكثير من المعارك والصراعات ضد نورس باشا الظالم والشيخ ادريس الشرير ويدافعا عن بعضهما وعن قضيتهما للوصول إلى حياة هنيئة رغيدة تضمن لهما ولأهل القرية السكينة وراحة البال، فتكون العلاقة التي تجمعهما محوطة بالحب والايثار والشجاعة.