عارضت القوى الكردية والسنيّة العراقية إخراج القوات الأميركية من العراق، معتبرة بقاء القواعد الأميركية في مناطقهما، عامل استقرار وحماية لهما من عمليات تنظيم داعش، مجمعين على ضرورة عدم الزج بهما بالصراع الجاري بين أميركا وإيران! مقاطعين جلسة مجلس النواب العراقي في الـ5 من كانون الثاني 2020 باستثناء أربعة نواب من القوى السنيّة، حيث اتخذ قرار بإنهاء وجود أي قوات أجنبية في الأراضي العراقية ومنعها من استخدام الأجواء العراقية لأي سبب كان، بعد قيام طائرة أميركية باغتيال القائدين الشهيدين قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس في الـ3 من كانون الثاني 2020.
تلك القوى، وبالأخص الكردية، اعتبرت قرار المجلس النيابي خروجاً على مبدأ «التوافق» بين مكونات الشعب العراقي في اتخاذ القرارات المصيرية والإستراتيجية، معتبرة أن ما جرى هو صراع بين مكوّن طائفي شيعي، ودولة عظمى هي أميركا! واعتبر رئيس إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني في تصريح لصحيفة «بيلد» الألمانية في الـ12 من كانون الثاني 2022، «أن الوقت ليس هو التوقيت الصحيح لانسحاب قوات التحالف من العراق ومن إقليم كردستان».
بعد تصاعد عمليات المقاومة العراقية في استهداف القواعد الأميركية في العراق، وسفارته في بغداد، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية بعد انتهاء جولة الحوار الرابعة مع الحكومة العراقية التي جرت في واشنطن في الـ22 من تموز 2021، أنه «لن تكون هناك قوات أميركية ذات دور قتالي في العراق بحلول الـ31 من كانون الأول 2021، وأن «العلاقة الأمنية ستنتقل إلى دور التدريب والإرشاد والمساعدة وتبادل المعلومات الاستخباراتية».
وزارة الدفاع الهولندية، أعلنت في بيان لها في الأول من أيار 2023، أن «قواتها المكلفة حماية مطار أربيل الدولي منذ عامين ستعود إلى البلاد خلال هذا الأسبوع»، موضحة أن «عدد قواتها الموجودة في المطار يبلغ 125 جندياً، وتم نشرهم في مطار أربيل في شهر كانون الثاني عام 2021 بهدف حماية المطار»، مبينة أن «القوات الأستونية ستحل محل القوات الهولندية لحماية المطار»!
إقليم كردستان، لم يلتزم بتوجهات الحكومة العراقية في عدم السماح ببقاء أي قوات قتالية على الأراضي العراقية، موافقاً على استبدال القوات الهولندية القتالية، بقوات قتالية إستونية لحماية مطار أربيل الدولي!
حكومة إقليم كردستان التي يقودها البارزانيون، لم تتوقف عن توقيع مذكرات التعاون والتنسيق العسكري مع دول غربية عدة، ففي الـ7 من شباط 2023، أكدت وزارة البيشمركة في بيان لها «إصرارها على تنفيذ نقاط مذكرة التفاهم بين الولايات المتحدة الأميركية وإقليم كردستان».
مذكرة التفاهم هذه نصت على التزام الطرفين «للوصول إلى مستوى عال من التنسيق بينهما، وجزء منها متعلق بالجانب الأميركي وهو ما يتضمن توفير السلاح والذخائر والدعم المالي لقوات البيشمركة، إضافة إلى تزويد البيشمركة بالخبرات العسكرية»، و«الالتزام بالتدريبات المطلوبة وتنظيم الأمور الإدارية لجميع قوات البيشمركة»، بحسب نص مذكرة التفاهم التي هي في الحقيقة لم تكن جديدة بل هي تجديد للمذكرة القديمة التي وقعت عام 2016، والفرق الوحيد ما بين المذكرتين أن السابقة كانت لمدة عام واحد، أما الحالية فقد تركت دون تحديد زمني!
صادرات النفط العراقية عبر خط أنابيبه إلى ميناء جيهان التركي، متوقفة منذ أن أصدرت هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس حكماً لمصلحة العراق بإيقاف تصدير نفط الإقليم عبر أنابيب النفط العراقية في الـ23 من آذار 2023، وامتثال الإقليم بموجبه إلى تسليم نفطه لشركة النفط الوطنية العراقية «سومو» بحسب الاتفاق الموقع مع الحكومة المركزية في الـ4 من نيسان الماضي.
الحكومة التركية، وحتى تاريخه، لا تسمح باستئناف ضخ النفط العراقي إلى ميناء جيهان التركي، إلا بشرطين، الأول: أن يتحمل إقليم كردستان الغرامة المالية التي فرضتها هيئة التحكيم على تركيا البالغة 1.471 مليار دولار، والثاني أن يستمر بيع النفط العراقي لتركيا بأسعار مخفضة كما جاء بالاتفاق بين إقليم كردستان وتركيا الذي يمتد إلى 50 عاماً.
وزير المالية والاقتصاد في حكومة إقليم كردستان آوات شيخ جناب، أعلن في الأول من أيار الجاري، عن عدم قدرة حكومة الإقليم على تسديد رواتب الموظفين لشهر نيسان الماضي، مطالباً الحكومة المركزية بتحمّل دفع تكاليف رواتب الموظفين في إقليم كردستان!
إقليم كردستان يتعامل مع دول العالم، وكأنه دولة مستقلة، مورطاً الحكومة العراقية المركزية باتفاقات لا علاقة له به، كتوقيع مذكرات تعاون عسكري، تُبقي القوات الأجنبية موجودة في الشمال العراقي، بمعزل عن رأي أو موافقة الحكومة المركزية، وإبرام عقود نفطية مع دول وشركات نفطية متسبباً في خسائر مالية كبرى للعراق تقدر بمليارات الدولارات، كالعقود التي وقعتها دولة «الإقليم» منفردة مع تركيا لـ50 عاماً!