هذا سبب تعاوني مع النجمة «إغراء» … عمرو علي لـ«الوطن»: الواقع السينمائي في سورية لا يعيش أحسن أحواله اليوم
| هلا شكنتنا
دارت قبل عدة أسابيع كاميرا المخرج «عمرو علي» لتعلن عن بدء تصوير فيلمه القصير «أزمة قلبية» من إنتاج المؤسسة العامة للسينما، وتأليف «عمرو علي» و«هوزان عبدو»، وبطولة كل من: «إغراء، أمير برازي، أحمد عيد، سوار داوود، صفاء سليمان، أحمد رافع».
وللتعرف أكثر إلى التفاصيل تواصلت «الوطن» مع المخرج «عمرو علي» ودار بيننا الحوار الآتي:
• في البداية دعنا نتحدّث عن مضمون الفيلم السينمائي «أزمة قلبية»؟
فيلم روائي قصير ينتمي لأفلام المكان الواحد تدور أحداثه داخل منزل صبيحة يوم العيد، حيث تنتظر سيّدة زيارة ابنها وعائلته، ولكن سرعان ما تكشف هذه الزيارة عن جانب من جوانب تردّي العلاقات الاجتماعية في عصرنا وتنتهي بالسيّدة إلى مآل غير مُتَوَقع.
• ما الرسالة التي تريد إيصالها عبر الفيلم؟
لا أفضّل التعامل مع الأفلام على اعتبارها وسيلة لإيصال الرسائل، ولكن ما يمكن قوله في هذا الإطار هو أن الفيلم يتعرّض لحادثة بسيطة في ظاهرها ولكنها تُعبّر في العمق عن أزمة على صعيد التواصل الإنساني، ومن هذه الزاوية يمكن النظر إلى الفيلم على اعتباره فيلماً عن عزلة الإنسان ضمن رؤية ذاتية تتعامل مع قضية عالمية ومُلّحة في عصرنا.
• نعلم بأن قصة الفيلم تم كتابتها بالشراكة بينك وبين الكاتب «هوزان عبدو»، كيف تصف هذه الشراكة؟
تجمعني بالمخرج «هوزان عبدو» شراكة قديمة منذ دراستنا معاً للإخراج السينمائي في المعهد العالي للسينما بالقاهرة، والجدير بالذكر أن «هوزان عبدو» بالأصل مخرج سينمائي سبق وأن حاز مشروع تخرجه «ليلى» جائزة أفضل فيلم قصير في المهرجان القومي للسينما المصرية، وكانت تلك سابقة في تاريخ المهرجان بحصول فيلم لمخرج غير مصري على تلك الجائزة المرموقة، والحقيقة أنه قد قدّم إليّ سيناريو فيلم «أزمة قلبية» للاستشارة حيث كان يرغب في إخراجه بنفسه، وعندما تعثّر حصوله على التمويل اتفقنا على أن أقوم بإنجازه بعد إجراء بعض التعديلات التي تناسب البيئة المحلّية، وانطلاقاً من ذلك لا أعتبر هذه التجربة شراكة مع كاتب آخر بقدر اعتبارها عملاً تكاملياً يشبه الطريقة التي كنا نعمل خلالها أثناء الدراسة وذلك لتشابه أسلوبية تعاطينا مع السينما وعناصرها.
• ما سبب اختياركم لاسم «أزمة قلبية» عنواناً للفيلم؟
العنوان مُستوحى بالطبع من مضمون الفيلم فالأزمة القلبية إلى جانب كونها حالة صحية طارئة، فهي على الأغلب تؤدي إلى الموت، ولكن يمكن أيضاً النظر إليها على اعتبارها توصيفاً لأزمة أخلاقية كبرى، حيث تتحول الأزمة القلبية إلى نتيجة حتمية لتراكم مجموعة من الأزمات ضمن الإطار العام والخاصّ.
• نعلم بأن الممثلة «إغراء» عادت للعمل من خلال تعاونها معك في هذا الفيلم، حدّثنا عن هذا التعاون؟
هذا التعاون هو ثمرة صداقة إنسانية طويلة الأمد تجمعني مع النجمة «إغراء» وجاء بعد تعثّر مشاريع عديدة كان من المُفتَرَض أن تجمعنا معاً، وفي مقدّمها فيلمي الروائي الطويل الأول «مرور» الذي يُعاني منذ سنوات عجزاً في استكمال التمويل، والحقيقة أن اختيار «إغراء» لأداء دور البطولة في هذا الفيلم جاء استجابة لرغبتي في تمييّز الأفلام القصيرة التي أصنعها، وخاصّة مع تقزيم مفهوم الفيلم القصير خلال العقد الأخير نظراً للغزارة الكبيرة في الإنتاج وظهور عشرات وربما مئات الأفلام القصيرة المتواضعة التي أدّت إلى استسهال صناعة هذا النوع من الأفلام وتأطيرها ضمن صورة نمطية تُحيل إلى الفقر والضعف والهشاشة تحت مُسميات أفلام الشباب أو الطلبة أو غير ذلك، ومن هنا فإن هذا الفيلم هو مُحاولة من طرفنا لإعادة بعض الرونق إلى الفيلم القصير المحلّي في ظلّ واقعه المتواضع الذي ينحو نحو الترسيخ، إضافة إلى أن العمل مع نجمة سينمائية من طراز «إغراء» هو مُحاولة لتجنّب الاستعانة بممثلين استُنفدَت قدراتهم في الدراما التلفزيونية إلى درجة كبيرة، وأصبح وجودهم يمثّل بشكل من الأشكال عبئاً على الأفلام القصيرة نظراً لتحويلها إلى نسخ من أعمال سبق أن علقت بذاكرة الجمهور مع وجود استثناءات قليلة في هذا الصدد، والأهم من ذلك هو أن واحدة من مهمّات وواجبات المخرج تتجلّى في السعي الدائم نحو تقديم الممثلين في شكل أداء جديد ونوعية مُختلفة، حيث إن «أغراء» تقدّم هنا دوراً يختلف كلّياً عن أفلامها السينمائية السابقة المُصنّفة في خانة السينما التجارية، والعمل معها من هذا المنطلق يُشكّل تحدَّياً للمخرج ويحثّه على بذل جهود مُضاعفة ويتيح له متعة تحقيق اكتشاف سينمائي يُضفي على الفيلم الطزاجة المتوخاة.
• كيف تصف تعاونك مع المؤسسة العامة للسينما؟
هذا تعاوني الثاني مع المؤسسة بعد فيلمي الروائي المتوسط الطول «إنعاش»، والحقيقة أن التعاون مع المؤسسة هو تعاون مثمر على الدوام نظراً لهامش الحرّية الذي توفره للمخرج في اختيار موضوع فيلمه وطريقة تعبيره، وكذلك امتلاكها لكوادر فنية على درجة عالية من المقدرة والاحترافية، والأهم هو غياب آلية التعاطي التجارية التي تهدف إلى التوفير والاقتصاد في الإنتاج، ويكفي أن المؤسسة هي الجهة الوحيدة التي تقدّم فرص الإنتاج للمخرجين الشباب في ظلّ انعدام هذه الفرص في بلادنا وفي معظم الدول العربية، وهي الأغزر إنتاجاً حتى الآن ضمن القطَّاع السينمائي العربي العام، ومن هنا يصبح وجود هذه المؤسسة مكسباً كبيراً، وضرورة للسينما المحلّية وللسينمائيين الشباب الباحثين عن الفرص.
• كيف تصف الواقع السينمائي في سورية اليوم؟
لا يمكن القول إن الواقع السينمائي في البلاد يعيش أحسن أحواله اليوم، وبنظرة موضوعية إلى هذا الواقع لا بدَّ أن تتكامل الجهود التي يبذلها القطَّاع العام على صعيد الإنتاج مع جهود موازية نتمنّى أن يبذلها القطَّاع الخاصّ في سبيل الاستثمار ضمن قطَّاع السينما، وذلك عن طريق إنشاء دور العرض التي تكفل تحقيق سوق سينمائي داخلي يُشجّع المنتجين على خوض غمار الإنتاج السينمائي بجدّية حتى يتحول هذا الإنتاج إلى صناعة مُتكاملة الأركان تُلبّي الطموح والآمال، وهذه عملية صعبة ومُعقدّة تحتاج إلى مناخ استثماري مشجّع وبذل مزيد من التسهيلات في هذا الصدد، ومن المؤسف أن المنَّصات الإلكترونية العربية سريعة الانتشار لا تزال حتى اليوم تعرض عن إنتاج الأفلام السينمائية رغم انخفاض تكلفتها نسبياً قياساً إلى الدراما التلفزيونية وهذه معضلة لا أجد لها شخصياً أي مسوغ.